في السابع من فبراير 2013، توفي بمستشفى مصافي عدن الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، عن 83 عامًا، الذي عمل لأكثر من ستة عقود على التأصيل للفن اليمن بكل ألوانه، وغنى لمعظم شعرائه الرواد، لهذا عرفته اليمن بسهولها وجبالها ومدنها وقراها.. غنى للإنسان والأرض والثورة والعشاق.. أطرب وأرقص ونوَّر وثور.
لم يكتفِ بالتلحين والغناء، بل نظر للفن وألوانه، وهو الذي حُرم من منحة لدراسة الموسيقى لأسباب سياسية اتصلت بمواقفه الوطنية المناهضة للاستعمار، والتي توجها بانخراطه في الجبهة الوطنية المتحدة التي قادت تظاهرات ضد السياسات التمييزية للمستعمر ضد أبناء اليمن عمومًا، المظاهرات التي عرفت بالأدبيات السياسية بمظاهرات إسقاط انتخابات المجلس التشريعي أواسط خمسينيات القرن الماضي.
في 18 مارس 2015، اغتيل بالقرب من مسكنه بصنعاء الصحافي عبدالكريم الخيواني، وهو كاتب وناشط حقوقي وصحافي وسياسي، تعرض للاعتقال في فترة حكم صالح بسبب مواقفه من حروب صعدة، وبسبب معارضته القوية للنظام.
في 20 ديسمبر 2015، وبعد معاناة طويلة، توفي في القاهرة الصحفي المختلف إبراهيم حسين محمد الباشا، الذي يعد أحد أبرز كتاب الأعمدة في الصحافة اليمنية، وتميز أسلوبه بالسخرية واللغة المقتصدة.
في يوليو 2016، توفي بمدينة جعار أبين حسين محمد ناصر العولقي، الشاعر والباحث في شؤون التراث، وأحد أبرز أعضاء نقابة الصحفيين اليمنين، ورئيس تحرير جريدة "الجديد" سابقًا. له كتاب بعنوان "الشاعر والأديب عبدالله أبو بكر التوي... خاف نسقط ونا سير.. قصائد... قصص... مقالات".
وفي دولة الكويت، توفي في سبتمبر 2016، الشاعر الغنائي المعروف مصطفى خضر، الذي شكل مع الفنان محمد عبده زيدي ثنائيًا مختلفًا بواسطة العديد من الأغاني التي لم تزل حاضرة في مدون الاستماع، مثل أغنية "السعادة"، "با راعي لك"، "يا قلبي كفاية"، و"أغلى حب" وغيرها، كما غنى له أحمد قاسم مجموعة قصائد منها "حبك أنت ياحبيبي"، "نعم أهواك" وغيرها. ويعتبر خضر أحد الأسماء البارزة في كتابة الأغنية بخصوصيتها اللهجوية العدنية.
وفي آخر أيام شهر يناير 2017، توفي الفنان عبداللطيف يعقوب، بعد أن فتك بجسده فيروس الكبد، وسط إهمال صريح من وزارة الثقافة والمؤسسات ذات الصلة. ويعقوب الفنان والموسيقي الشاب، برز اسمه كأحد أمهر عازفي العود والتأليف الموسيقي في اليمن، وشارك في الكثير من المحافل الدولية الفنية والموسيقية، صحبة فرق معروفة كانت تستدعيه بالاسم ليعزف لها.
الإعلامية العدنية الرائدة فوزية باسودان ماتت وحيدة في أحد مشافي الإسكندرية، مطلع يوليو 2017. والراحلة هي شقيقة الفنانة رجاء باسودان، الصوت الغنائي القوي الذي فاض في سماء اليمن وقت كان مشطورًا. وتعد فوزية من أبرز نجمات تلفزيون عدن في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وشكلت طوال 35 عامًا حضورًا مميزًا في العصر الذهبي لتلفزيون عدن، وبرز اسمها من خلال تقديمها حلقات برنامج «مجلة التلفزيون»، والبرامج الاجتماعية.
توفي مساء الأربعاء 17/8/2017 الصحفي والكاتب عباس غالب، بعد نحو 40 عامًا من العمل الصحافي المميز، والمثابرة التي أوصلته إلى رأس أهم المؤسسات الصحافية والإعلامية في البلاد مثل وكالة "سبأ" وصحيفة "14 أكتوبر" وصحيفة "الجمهورية" وصحيفة "الميثاق".
في مطلع شهر سبتمبر 2017، توفي عبدالله المجاهد "أبو سهيل" فنان الكاريكاتور المختلف. قبل أن يعود ليموت في صنعاء كمدًا، قضى أشهرًا طويلة في القاهرة، في انتظار أن يفي بعض المسؤولين بوعودهم لعلاجه بلا فائدة. الفنان الذي لم يُوظف بشكل رسمي منذ تخرجه من جامعة دمشق، أواخر سبعينيات القرن الماضي، لأسباب سياسية، عمل في الصحافة الأهلية والحزبية ومجال الإعلان والدعاية البصرية لأكثر من عشرين عامًا. صمم تراويس الصحف، وعبر عن مواقفها السياسية برسومه المعبرة. رسم بورتريهات مجانية للشخصيات السياسية والثقافية تتصدر مكاتب ومبارز أصحابها، الذين تنكر له الكثير منهم.
في منتصف سبتمبر 2017، مات بحوطة لحج الأديب والتربوي علي حسن جعفر السقاف (القاضي)، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالمحافظة. مات بدون بيان عزاء. بشخصيته التوافقية وحضوره الاجتماعي، وعلى مدى عقدين، عمل على الحفاظ على تماسك الاتحاد من التذرر والانقسام في وقت تتعالى فيه الأصوات الانعزالية التي تتغذى على الكراهية، التي لم تكن حاضرة في خطاب الأدباء، كما تعززها الآن لوثة الحرب والانقسام.
في 10 ديسمبر 2017، توفي في الرياض الفنان المعروف أبو بكر سالم بالفقيه، بعد معاناة طويلة مع مرض القلب، ومنذ ظهوره كفنان بمدينة عدن أواخر خمسينيات القرن الماضي، حتى سنوات قليلة قبل وفاته، كان بلفقيه العنوان الأبرز للأغنية اليمنية بخصوصيتها الحضرمية في الأقليم والمنطقة العربية، وهو إلى جانب ذلك شاعر غنائي معروف كتب وأدى عشرات الأغاني بألحانه أيضًا.
في 11 ديسمبر 2017، رحل بصمت هشام علي بن علي الذي حضر منذ ثلاثة عقود ونصف كواحد من المثقفين المختلفين في اليمن، لم تمتصه الوظيفة الرسمية -كوكيل مؤبد لوزارة الثقافة- بل كان قادرًا على تحويل هذا الموقع إلى مرموز للمثقف غير المستكين، الذي باستطاعته إحداث الفارق والمفارق بواسطة الكتابة المتجددة. أما اشتغالاته المتنوعة على موضوعات فكرية وبحثية وتاريخية مختلفة، فقد وسمته بالمثقف الوحيد في المؤسسة الرسمية، القادر على خلق تماس نشط مع الحالة الثقافية بتجلياتها القائمة. كتب في السرد والتاريخ والنقد والثاقافويات بوعي تنظيري مجتهد، لُمّت أكثرها في قرابة خمسة عشر مؤلفًا صدرت خلال ثلاثين عامًا. ومن مؤلفاته الرائجة والمعروفة: "المثقفون اليمنيون والنهضة"، "إدوارد سعيد وتفكيك الإمبريالية"، "شرق رامبو -عدن والحلم الشعري"، "السرد والتاريخ في كتابات زيد مطيع دماج"، "إشكالية المثقف والغرب في الرواية العربية"، "عبدالله محيرز وثلاثية عدن"، و"الثقافة في مجتمع متغير".
وبعد موت هشام بأيام انطفأ في صنعاء قلب عبدالرحمن عبدالخالق، عن 59 عامًا، فالأكاديمي بجامعة عدن ورئيس الاتحاد السابق في المدينة، القاص المعروف وأحد المعدودين في اليمن في الكتابة للطفل، عانى طويلًا من مضاعفات عملية القلب المفتوح التي أجراها منتصف العام. "طفل.. الليلة ما قبل الأخيرة" هي مجموعته القصصية الوحيدة المطبوعة وصدرت عن اتحاد الادباء اواخر التسعينيات. لكنه أصدر سبعًا من قصص الأطفال المصورة، وأصدرت له قبل وفاته بأشهر مجلة روافد الشرقاوية كتابًا بعنوان "دور قصص الأطفال في تنمية الطفل". وموت عبدالرحمن بتلك الطريقة جسم حالة الإهمال التي يعاني منها المثقفون والمبدعون اليمنيون، الذين يخبو صوتهم كلما ارتفعت أصوات المدافع، أو أشهرت أسواط الاستبداد.
في منتصف فبراير 2018، رحل الصحافي المجتهد بشير السيد عن 39 عامًا. مات بالتهاب رئوي حاد، لم يستطع أحد أكبر مستشفيات صنعاء إنقاذ حياته. والسيد عمل سكرتيرًا لتحرير صحيفة "النداء" الأهلية التي جسدت خلال سنوات صدورها، قبل توقفها القسري لظروف الحرب، الصوت العقلاني في الصحافة اليمنية بعيدًا عن الإثارة والابتذال.
بعد رحيل بشير بأيام، مات الشاعر نائف علي أمير الذي لم يحضر جنازته غير نفر قليل من زملائه الأدباء، لأن مباغتة الموت في ظرف كهذا وانعزالية الشاعر جعلت العشرات لا يعرفون خبر رحيله المؤلم إلا متأخرًا.
وفي آخر أيام فبراير 2018، توقف قلب الفنان التشكيلي الرائد فؤاد الفتيح، عن سبعين عامًا، في مدينة عدن، بعد أن فر إليها من جحيم صنعاء، التي شكلت بتفاصيلها كمعمار وملابس ووجوه، الجزء الأكبر من ذاكرته التشكيلية خلال أربعة عقود، وفيها افتتح أول صالة عرض تشكيلية في اليمن، وأدار بالقرب من سوقها القديم المركز الوطني للفنون الذي تحول إلى محترف لتعليم الرسم والمهن التقليدية الخاصة بالمدينة القديمة. وتجربة الفتيح التشكيلة تمثل الضلع الثالث لمثلث الريادة التشكيلية في اليمن بعد ضلعي عبدالجبار نعمان وهاشم علي عبدالله، فهو في ريادته أكد تطوير الواقعية البيئية للبيت الصنعاني بأبوابه ومطارقه وشبابيكه وقمرياته، كما تعامل مع مواد البيئة لتجربة الرسم على زجاج النوافذ الصغيرة "الشواقيص" كما قال حاتم الصكر.