تتباين الناس في رؤاها حول السياسي والشيخ وكل من يتولى مسؤولية إدارة الناس، سواء كانت المسؤولية رسمية أو حكومية، تبعًا لنوع القضايا والمواقف التي يتعرض لها المسؤول والناس، فيكون كل طرف صورة ذهنية عن الآخر وينقلها لمتلقيه ومحيطه الأسري أو الإداري.
الوحيد بين أقرانه ومعاصريه كان الفقيد الشيخ أحمد محمد الكباب حالة استثنائية كسياسي وقيادي اجتماعي، حيث تطابقت حالة إجماع على إنسانية وتواضع وتفاني هذه القامة الإنسانية في خدمة الناس. وكانت أول قصة سمعتها أذني من إحدى النسوة ممن عاصرت الحاج أحمد الكباب -حفظها الله- كيف كان الناس يتدافعون وتقع المشاكل بسبب التجمهر حول آبار المياه، وكيف كان الفقيد الكباب يصل إلى بئر الماء فجرًا قبل وصول الناس، ويقوم بتنظيمهم وإعطاء كل فرد حصته من المياه لكي يجنب المنطقة الصراع، مضحيًا براحته ومفضلًا القيام بالمهمة بنفسه، على الرغم من قدرته على إيكالها لأحد عماله أو من يثق به.
استثمر علاقته بالأمريكان فكان الساعي الأول لشق طريق تعز-التُربة، وكذلك شق طريق التربة-ذبحان، كما استطاع إقناع الأمريكان بحفر بئر ماء في ذبحان. وقد جلبت له علاقته بالأمريكان -التي سخرها لخدمة الناس- الغيرة الشديدة من السياسيين، وهي حالة من الغيرة ضد الرجل صنعتها دماثة أخلاقه وتفانيه في خدمة الناس وحبهم الكبير له.
وله الكثير من المواقف الإنسانية في نصرة المظلوم يعرفها القاصي والداني، ولا يستطيع إنكارها إلا جاحد. وكما تطابقت أحاديث الناس عن تواضعه وتفانيه في خدمتهم، عزز ذلك رأي السياسي والدبلوماسي الفقيد محمد عبدالواسع حميد الأصبحي، حيث وصفه في أحد سطور مذكراته بـ"الشيخ الطيب"، وتلك كانت سجيته وسلوكه مع الجميع.
وكانت علاقة الحاج أحمد الكباب طيبة بالجميع، سواء كانوا من بسطاء الناس أو قيادات الدولة، فقد جمعته صداقة شخصية وأخوّة مع الشيخ عبدالرحمن عبدالواسع نعمان، أحد أبرز المقربين من الإمام أحمد حميد الدين وأمير منطقة الخنجر، وكذلك مع الشيخ محمد علي عثمان قبل قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وبعدها، حيث تولى مناصب وزارية تدل على حنكته السياسية وتفوقه في مجال بناء العلاقات الإنسانية والسياسية. ولم تكن المناصب التي تقلدها إلا أداة استخدمها في خدمة الناس وتذليل الصعاب أمامهم ونصرة المظلوم.
وللرجل مواقف سياسية قوية تظهر صلابته وحنكته السياسية، وقصة وصول الفريق العمري إلى منزل الحاج الكباب واعتذاره للشيخ الكباب والمنطقة برمتها معروفة بسبب كلمات قالها العمري عن أبناء الحجرية.
الحاج أحمد الكباب سيرة عطرة وتاريخ جدير بالكتابة، والعتب موجه للكثير ممن لا يُفصحون عن الصفحات الناصعة والمواقف المتميزة لهذا الإنسان النبيل.
صاحب رؤية تنويرية واقعية، فبعد عودته من زبيد بدأ في التدريس في المقاطرة بقرية المصعد، واستطاع بواقعيته المعهودة أن يبدأ بممارسة التنوير من أسرته، فكان نموذجًا في تشجيع أبنائه على طلب العلم، حيث بعث بولده الأكبر محمد إلى مصر وهو طفل ليتلقى العلم، فدرس الابتدائية والإعدادية والثانوية حتى أكمل دراسة الطب، ليعود طبيبًا إلى قريته لمعالجة أبنائها، وليترقى حتى أصبح وزيرًا للصحة. وكذلك، أصبح جميع أبناء الحاج الكباب أطباء ومهندسين يُشار لهم بالبنان، وتميزوا بالإنسانية وخدمة الناس كصفة مشتركة لهم جميعًا. وامتدت رؤيته التنويرية إلى أبنائه الذين واصلوا المسير في تعليم أنفسهم وتعليم أبنائهم، ولولده الدكتور محمد الكباب أيادٍ بيضاء في مساعدة مئات الطلاب في الابتعاث التعليمي إلى دول العالم، سواء أثناء عمله كوزير للصحة أو أثناء توليه وزارة الشباب والرياضة.
الحاج أحمد الكباب منجم للخير والإنسانية، وقد نال ثقة القيادة السياسية للجمهورية الفتية، فكان وزيرًا لشؤون الوحدة، ونال ثقة الرئيس الحمدي. وكان اختيار الرئيس الحمدي له لافتًا، نظرًا لعلاقة الحمدي المتوترة مع المشايخ، فاختياره أحمد الشيخ الكباب وزيرًا في حكومته كان إشارة إلى شخصية مغايرة عن واقع المشايخ، فقد كان رحيمًا بالناس ولم يكن يفرض عليهم تكاليف مادية.
ومعروف أن الرئيس إبراهيم الحمدي اختار رجال دولته بعناية، وكان اختيار الكباب رسالة واضحة: "أنا لا أحمل عداءً للمشايخ، لكن سيرتهم هي ما يحدد علاقتهم بي وبشعبي".
فكان وزيرًا للأوقاف، واتسم بالنزاهة والزهد طوال عمله الوزاري والاجتماعي. وما ذكرناه ليس سوى إطلالة بسيطة لرجل لم يُنصفه التاريخ ولم يعطه حقه.
أحمد محمد أحمد نعمان قاسم الكباب
من مواليد 1918م في ذبحان، مديرية الشمايتين، محافظة تعز.
تلقى تعليمه على يد العلماء في زبيد وجبلة ومدارسها.
بعد عودته من زبيد، تم تعيينه مدرسًا في قرية المصعد بالمقاطرة.
مديرًا للمالية والواجبات في الحجرية، وقد تم سجنه بعد ثورة 1984م بسبب دعمه للثوار ماليًا.
تم تعيينه عاملًا لقضاء الحجرية.
أول وزير للوحدة في الجمهورية العربية اليمنية بعد استحداث هذه الوزارة.
وزير الدولة لشؤون الجنوب وقائد حرس الحدود في الجمهورية العربية اليمنية.
عضو في أول مجلس شورى بالانتخاب.
رئيس هيئة تطوير الحجرية.
وزير للأوقاف في 13 يونيو 1974م، في الحكومة التصحيحية لعهد الرئيس إبراهيم الحمدي.
من أهم أعماله:
شق طريق تعز-التربة عام 1968م.
أحد مؤسسي مدرسة 13 يونيو بذبحان.
مؤسس نادي التعاون بالحجرية، وهو أول نادٍ في المنطقة، وكان رئيسه.
نال وسام النيل من الدرجة الأولى من الزعيم جمال عبدالناصر.
سكرتير مجلس شيوخ اليمن في أول تشكيل له بعد الثورة.