صنعاء 19C امطار خفيفة

المشطر

2025-02-16
المشطر
هذا النت يا أمة الله هو نعمة البشرية الكبرى.. كلما تعاورتني الأوجاع أتذكر الشاعر الشعبي الكبير محمد عوض المشطر، ابن لودر محافظة أبين، الفذ البليغ الحكيم الأمي الفقير الراعي البسيط الذي لو لم يكن أميًا ويلقي شعره شفاهة لملأ مكتباتنا بإبداعاته الثرية.. مناضل جسور يرعى قطيع غنمه بأريحية.. وبمثلها ينطق بأشعاره.. والشكر للأستاذ عبدالله أبي نجم، ولجريدة "الأيام" على صدور ديوان ضم بعض أشعاره اسمه: "القول المعطر في أشعار المشطر".
ولقد تعرض المشطر دائمًا للسجن وانتزاع القطيع الذي يرعاه.. سجن في كل العهود، أيام السلطنة وأيام القبيلة وأيام الثورة والتنظيم.. وأيام الحزب... واعتبر كما ذكر في شعره السجن بيته!
"السجن بيتي في زمان السلطنة
وفي زمان اهل امشعه قده بيتي
وفي زمان الحزب كنه قد رجع بيتي"
قال المشطر شعرًا هجا فيه سالمين، فتطوع المحافظ بحبسه والتحرز على غنمه.. علم سالمين الذي يعرف الشاعر الكادح المعدم الفقير، فبعث -كما قيل- بصالح مصلح لفك حبس المشطر!
ولما أعدم سالمين حزن عليه المشطر حزنًا شديدًا، فقد كان بعد كل شيء يحبه كثيرًا، وأنشأ مرثية بالمناسبة قال فيها:
"ريته سلم بن ربيع ومات جاعم وجعسوس
ريته سلم للجماعة يدوسهم بالحذاء دوس
لما متى يا حبايب با اسير في الأرض مدعوس؟"
أما مأثرته الشعرية الأشهر فهي تلك التي انتقد فيها الرئيس سالمين في بدايات مرحلة حكمه.. وقام بتشبيه الإخوة حجور جعار من أصحاب المحافظ جاعم صالح، بالإخوة الصومال كتورية استلزمها شرط التخفي الإبداعي... يقول، وأرجو ألا تخيب ظني الذاكرة، في هجاء سالمين:
"أنا لا اتخربطين البل انا عارف بلي
قدني انا دي ميّز الطيب من البطال
وانا دي سويت لك قبة وسويتك ولي
والا قدك با تزقر امموهر مع الابتال"
أما قضية تلفيق حبسه بحكم قضائي، فقد قال فيها ما اشتهر ويعرفه الجميع، وهو قوله في استهلال للأبيات السابقة:
"المندعي صوملي والشاهد صوملي
فكيف لا عاده الحاكم من الصومال؟"
والمعذرة إن فاتتني كلمة هنا أو هناك.. رحم الله شاعرًا عظيمًا مثل محمد عوض المشطر، العبقري الحكيم الذي حفرت كلماته مستقرها في وجدان كل من يحب الشعر، وأبين الولادة الحافلة بإنتاج العديد من المبدعين الكبار.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً