كشف تقرير حديث صادر عن منظمة الشفافية الدولية بشأن مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، أن اليمن يحتل موقعًا مؤلمًا بين أكثر الدول فسادًا على مستوى العالم، إذ سجّلت البلاد 13 درجة فقط من أصل 100، مما يؤكد تفاقم مشكلة الفساد في القطاع العام وتأثيرها السلبي على استقرار البلاد وتطورها.
ويُعد مؤشر مدركات الفساد أداة معتمدة لقياس مستوى الفساد المُتصوّر في المؤسسات العامة، حيث يُقيّم البيئة التشريعية والسياسية والاقتصادية على مقياس من 0 (شديد الفساد) إلى 100 (شديد النزاهة).
وفي هذا السياق، يُظهر التقرير أن اليمن تُعاني من ضعف حاد في مؤسساتها الحكومية وعدم فاعلية آليات الرقابة والمساءلة، ما يجعلها عرضة لممارسات الفساد المتفشية.
وأشار التقرير إلى أن استمرار النزاعات الداخلية وضعف الحكم والظروف الاقتصادية الصعبة تشكل من أهم الأسباب التي أدت إلى هذا الأداء المتدني. ففي ظل غياب الاستقرار السياسي وتداول السلطة بشكل سلمي، يجد المواطن اليمني نفسه في مواجهة نظام تعاني مؤسساته من ضعف الشفافية وتدني مستوى الخدمات الأساسية، ما يفاقم من الأزمة الإنسانية والاقتصادية القائمة.
وأكد التقرير أن الحلول لا تقتصر على مجرد بيان النتائج، بل تتطلب إجراءات جذرية لتعزيز الشفافية وتحسين آليات الرقابة في القطاع العام. ودعا الخبراء إلى تبني إصلاحات هيكلية تشمل تحديث القوانين وتفعيل الأجهزة الرقابية وتوفير بيئة مواتية للمشاركة المدنية، ما يساهم في كسر دائرة الفساد واستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
وتشير النتائج الصادمة إلى أن مكافحة الفساد في اليمن ليست مسألة داخلية فحسب، بل تحمل في طياتها تحديات استراتيجية تؤثر على الاستقرار الإقليمي وقدرة الدولة على جذب الاستثمارات وتنمية الاقتصاد. ومن هنا، تبرز أهمية دعم المجتمع الدولي والمبادرات المحلية لتحقيق إصلاحات حقيقية، تُمكّن اليمن من تجاوز هذه الأزمة وتحقيق التنمية المستدامة.
يُعتبر تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 بمثابة جرس إنذار يدعو إلى العمل الفوري والجاد لمواجهة الفساد بكل أشكاله، وضمان مستقبل أكثر شفافية واستقرارًا للمواطن اليمني وللأجيال القادمة.