ولد الأستاذ عبدالعزيز عبدالغنى صالح في قرية حجرة عزلة الأغابرة -مديرية حيفان -محافظة تعز، في 4 يونيو 1939م، وتوفي في 22 أغسطس 2011م، في أحد مشافي الرياض في المملكة العربية السعودية، عن عمر ناهز الـ72 عامًا، متأثرًا بإصابته في حادث تفجير جامع النهدين بدار الرئاسة، في 3 يونيو 2011م، وهو يؤدي صلاة الجمعة، مع الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وبعض المسؤولين، وتم إسعافهم للعلاج في الرياض.
وقد انتقلت روحه النقية إلى بارئها، ونقل جثمانه من الرياض إلى صنعاء، وتشييعه بموكب جنائزي مهيب، حيث ثوى في ثرى الوطن في مقبرة الشهداء بجوار الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، طيب الله ثراهما.
يعتبر الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني سياسيًا ومفكرًا مرموقًا، ومصلحًا اقتصاديًا واجتماعيًا، عمل بدأب في كثير من المناصب العليا، وكان ثمارها أن تكللت بإنجازات مشرفة، وعطاء فياض، في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلال خمسة وأربعين عامًا، دون كلل أو ملل.
وتقديرًا لخدماته الوطنية الجليلة، كان الشعب اليمني يعول عليه كمنقذ لليمن في الأوقات العصيبة، لكن الأقدار غيبته في اللحظة الحاسمة، وانطبق القول: "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر".
حقًا، إنه كان أيقونة الواجب الوطني إخلاصًا، وأمانة، وإنتاجًا. وسيظل نجمًا لا يأفل في سماء يمننا الحبيب، وهاديًا لأجيال بعد أجيال حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
في واقع الأمر، إني أقدم قراءتي في حياة الشهيد إلى معشر القراء الكرام كشخصية قيادية واجتماعية وثقافية بارزة، ولم أكلف نفسي عناء البحث حول مسار أعمال وإنجازات الشهيد عبدالعزيز عبد الغني صالح "عزيز اليمن*"، فقد كانت ماثلة للعيان، ومتمثلة بمشاريع تنموية في مجالات مختلفة عايشتها عن كثب في كل المناصب العليا التي تبوأها كوزير للاقتصاد، ورئيس وزراء، ونائب رئيس الجمهورية، ورئيس لمجلس الشورى، وكأول رئيس لرابطة مجالس الشيوخ والشورى في إفريقيا والعالم العربي... الخ، وكان له اليد الطولى في إدارة كل تلك الأعمال باقتدار، والتي كان لها مردود مثمر عم اليمن بإنجازات في شتى الميادين، ولم يكن في مقدوري إحصاؤها في هذه العجالة.
ولذكراه الطيبة، استحضرت بعض أبيات من الشعر لأبي تمام الطائي، القائل:
يا غائبين بكى الزمان لبعدكم
فهل لنا بعد الغياب لقاءُ؟
اشتقنا لكم يا ليتنا لم نفترق
فالبعد فيه مذلة وشقاءُ
عهد سنبقى دائمًا بذكركم
وعهد الحر يتبعه وفاءُ
المسار العلمي والعملي
أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة عدن، وعمل في مصافي عدن، ثم غادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة "كولورادو"، عام 1962م، وقد واصل دراسته في الجامعة، وحصل على الماجستير في الاقتصاد عام 1964م. كما حاز على الدكتوراه الفخرية من نفس الجامعة سنة 1978م.
وبعد عودته إلى مدينة "عدن"، عمل مدرسًا في كلية "بلقيس" خلال الفترة 1964-1967م، ثم توجه إلى صنعاء، وعين وزيرًا للصحة في الفترة 1967-1968م. ثم عمل مديرًا للبنك اليمني للإنشاء والتعمير عام 1968م.
وشغل وزيرًا للاقتصاد إبان الفترة 1968-1971م، ورئيسًا لشركة النفط اليمنية 1971م.
كما عين محافظًا للبنك المركزي اليمني في الفترة 1971-1975م. وعمل محاضرًا في الاقتصاد السياسي في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، خلال الفترة 1972-1974م.
تم تعيينه رئيسًا لمجلس الوزراء عام 1975م، وعضوًا في مجلس القيادة منذ عام 1975م حتى 1978م، وعضوًا في المجلس الاستشاري عام 1978م.
ثم عين نائبًا لرئيس الجمهورية من عام 1980م إلى عام 1983م، وأثناء ذلك عين عضوًا في اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام في 1982م، ورئيسًا للمجلس الأعلى لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال 1983م.
وتعين مرة أخرى رئيسًا لمجلس الوزراء من عام 1983م حتى قيام الوحدة اليمنية المباركة عام 1990م.
ثم عين عضوًا في مجلس الرئاسة لدولة اليمن الموحدة عام 1990م، وأمينًا عامًّا مساعدًا لحزب "المؤتمر الشعبي العام" في الفترة 1990-1995م. كما عمل عضوًا في مجلس مستشاري البنك الدولي من 1993م إلى 1997م، وعيّن أيضًا رئيسًا لمجلس الوزراء في الفترة من 1994م إلى 1997م، ثم رئيسًا للمجلس الاستشاري، في عام 1997م.
وتم تعيينه رئيسًا لمجلس الشورى في عام 2001م، وكذا عين أول رئيس لرابطة مجالس الشيوخ والشورى في إفريقيا والعالم العربي، من قبل رؤساء المجالس بتلك الدول، وكان له الفضل الأكبر في إنشاء تلك الرابطة، ومقرها صنعاء، ثم نقلت مؤقتًا إلى أديس أبابا إبان الثورة الشبابية.
حصل على عدد من الأوسمة، منها: وسام مأرب، ووسام الفتح، ووسام الوحدة، ووسام الاستحقاق، وهو عضو في عدد من الجمعيات والمنتديات الاقتصادية والفكرية، منها: جمعية الاقتصاديين اليمنيين، وجمعية الاقتصاديين العرب، ومنتدى الفكر العربي.
وله كثير من المؤلفات... على سبيل المثال لا الحصر:
- المسيرة الكبرى.
- حول الفن والأدب.
- مؤلفات أخرى في مجالات الاقتصاد والتنمية والإدارة... الخ.
وقد صدرت بعد وفاته ثلاثة كتب، على النحو الآتي:
1. الشهيد عبدالعزيز عبدالغني رائد الاقتصاد والتنمية.
2. يوميات الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني 1975-2011م.
3. عزيز اليمن درر الكلم وشذرات القلم.
ويعتبر من هواة الشعر، والثقافة والفن، والسباحة، وركوب الخيل، واليوغا.
وأخيرًا، فقد ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى، رحمه الله.