صنعاء 19C امطار خفيفة

قراءة في قصيدة الرازحي "اعتذار للحمار"*

استهلال:

 
من الطريف أنني كنت من الذين اطلعوا على أسباب إنشاء قصيدة الرازحي "اعتذار للحمار". ففي يوم من الأيام، جاء أحد أصدقائي بثقل دم إلى مقيل الشاعر، حاملًا كتابه "حكومة الحصان ووصايا الحمير"، وقال له بوضوح: "يجب عليك اعتذار الشعب اليمني لأنك أهنته بتشبيهك له بالحمير". رد الشاعر بهدوء: "خزن وغدًا سأعتذر"، لكن اعتذاره جاء للحمار المظلوم، وليس للشعب.
 

الحمار بين التبجيل والازدراء

 
تتأرجح مكانة الحمار بين التبجيل والازدراء. الفراعنة رمزوا للإله رع بصورة الحمار، وفي الأساطير اليونانية، يعد رمزًا للإله ديونسيوس. كما أن الصينيين يقدرون الحمير لذكائها وقدرتها على تجنب المخاطر. ورغم هذا، لايزال الحمار في الثقافة العربية يرمز للغباء.
 

عبقرية حمار الرازحي

 
في قصيدة الرازحي، يُعتبر الحمار عبقريًا، إذ يخاطبه الشاعر قائلًا:
"أنت أعقلُ من عقلاءِ هذي البلادْ".
فالرازحي يبرز تفوق الحمير على البشر في الذكاء والقدرة على التحمل، مشيرًا إلى أن البشر هم من يستحقون الازدراء.
 

مكانة الحمار في الكتب المقدسة

 
ورد ذكر الحمار في عدة نصوص دينية، إذ كان يحمل الأنبياء، ويساعدهم في التنقل. في القرآن، يُذكر الحمار كزينة للحياة، مما يدل على مكانته الرفيعة في المجتمع.
 

مقارنة بحمار الرازحي

 
تُعتبر رواية "الحمار الذهبي" للوكيوس أبوليوس، من أوائل النصوص الروائية، إذ ينظر للحمار كرمز للذكاء والقدرة على التحمل. الرازحي يستند إلى هذه الفكرة ليبرز قيمة الحمار، ويعتذر له عن سوء المعاملة التي يتعرض لها من البشر.
في ختام القصيدة، يقدم الرازحي اعتذاره للحمار، معبرًا عن تقديره له بعبارات نبيلة، مثل:
"أنت أعظمُ من أن نسيءَ إليكَ أو نزدريك".
الحمار، كرمز للصبر والعطاء، يُعتبر شعار الحزب الديمقراطي في أمريكا، مما يدل على قيمته العالية في المجتمع. وفي مدينة بلاكبول البريطانية، يتمتع الحمار بمزايا تليق بكرامته، مما يبرز الفكرة بأن الحمار في ثقافة الرازحي هو الأروع والأجمل بين كل الحمير في العالم.
 

رؤية الرازحي وإخوان الصفا وأحمد شوقي في تناول موضوع الحيوان

 
بالطبع! إليك نص موحد يجمع بين رؤية الرازحي ورؤى أحمد شوقي وإخوان الصفا، في تناول موضوع الحيوان:
تتعدد الرؤى الأدبية حول موضوع الحيوان في الأدب العربي، إذ تقدم كل من قصائد الرازحي ورؤى إخوان الصفا وأعمال أحمد شوقي، زوايا مختلفة تعكس تفاعلات البشر مع الحيوانات.
 

رؤية الرازحي:

 
في قصيدته "اعتذار للحمار"، يبرز الرازحي صفات الحمار كرمز للحكمة والصبر. يقدم اعتذاره للحمار عن إساءات البشر، مُعبرًا عن تقديره لدوره المهم في حياة الإنسان. يرى الرازحي أن الحمار يستحق الاحترام، ويعكس قدرة على التحمل تفوق ما يظهره البشر من غباء. من خلال هذه الرؤية، يسعى الرازحي لتعزيز الوعي بقيمة الحيوانات، ودعوة البشر للاعتراف بفضلها.
 

رؤية إخوان الصفا:

 
بالمقابل، يتناول إخوان الصفا موضوع الحيوان من منظور فلسفي ونقدي، إذ يعبرون عن معاناة الحيوانات من ظلم الإنسان. في مرافعاتهم، يسلطون الضوء على الظلم والاستغلال الذي تتعرض له جميع الحيوانات، مما يعكس قضايا عدالة وحقوقًا أوسع. يستخدمون الرمزية للتعبير عن هذه المعاناة، مما يجعل حيواناتهم تمثل قضايا إنسانية أعمق.
 

رؤية أحمد شوقي:

 
أحمد شوقي، في قصائده مثل "الحمار"، يقدم صورة ساخرة للحمار، إذ يسخر من ضعفه وغبائه. ولكن هذه السخرية تحمل في طياتها نقدًا اجتماعيًا، تدعو القارئ للتفكر في العلاقة بين البشر والكائنات الأخرى. يُظهر شوقي أن السخرية يمكن أن تكون وسيلة للتعبير عن قضايا أعمق تتعلق بكيفية تعامل البشر مع الضعفاء.
 

التكامل بين الرؤى

 
تمثل هذه الأبعاد المختلفة تفاعلًا غنيًا بين التقدير والنقد. بينما يركز الرازحي على الاعتذار والتقدير للحمار، يقدم شوقي صورة ساخرة تدعو للتفكير، فيما يعبر إخوان الصفا عن الظلم الذي يتعرض له الحيوان بشكل عام. جميع هذه الأعمال تعكس تنوع الرؤى حول الحيوانات، وتسهم في تشكيل وعي ثقافي حول حقوقها.
تتداخل هذه الرؤى لتشكل صورة شاملة عن العلاقة بين البشر والحيوانات. من خلال التقدير، النقد، والسخرية، يسهم الأدب العربي في تقديم تجارب غنية تعكس التعقيد الإنساني في التعامل مع الكائنات الأخرى، مما يدعو إلى إعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع هذه الكائنات التي تشاركنا هذا العالم.
وفي الختام، نقوم بمقارنة بين رؤى الشعراء وأساليبهم الشعرية في تناول موضوع الحيوان، مقارنة برؤية شاعرنا الفذ المبدع عبدالكريم الرازحي.
 

رؤية الرازحي:

 
في قصيدته "اعتذار للحمار"، يقدم الرازحي اعتذارًا مؤثرًا للحمار، معبرًا عن تقديره له كرمز للحكمة والصبر.
أسلوبه الشعري يتميز بالعاطفية والبلاغة، إذ يستخدم الصور الشعرية المؤثرة والتكرار ليعبر عن مشاعره. يُظهر الحمار بشكل إيجابي، مما يجعل القارئ يتعاطف معه، ويعيد التفكير في قيمته.
 

رؤية إخوان الصفا:

 
يتناول إخوان الصفا موضوع الحيوان من منظور فلسفي ونقدي، إذ يسلطون الضوء على معاناة الحيوانات من ظلم الإنسان. أسلوبهم الشعري يعتمد على الرمزية والبلاغة الفلسفية، إذ يقدمون مرافعات تعكس قضايا اجتماعية أوسع. يستخدمون لغة نثرية تحمل عمقًا فكريًا، مما يجعل القارئ يفكر في الحقوق والمظالم.
 

رؤية أحمد شوقي:

 
في قصائده، مثل "الحمار"، يقدم شوقي صورة ساخرة للحمار، مما يجعله يستخدم أسلوبًا شعريًا مزدوجًا: يمزج بين السخرية والبلاغة. يسخر من الحمار، مما يعكس بعض الحقائق الاجتماعية عن العلاقة بين الإنسان والحيوان. هذه السخرية تجعل القارئ يتأمل في قضايا أعمق رغم الظاهر الفكاهي.
 

التكامل بين الرؤى والأساليب

 
التقدير والنقد:
بينما يركز الرازحي على الاعتذار والتقدير للحمار بلغة عاطفية، يعكس شوقي صورة ساخرة تدعو للتفكير. إخوان الصفا يعبرون عن الظلم بأسلوب فلسفي، مما يضيف عمقًا إلى النقاش حول حقوق الحيوان.
 

الرمزية والتنوع:

 
جميع هذه الأعمال تعكس تنوع الأساليب الشعرية، إذ يتراوح التناول بين الأسلوب العاطفي، الفلسفي، والسخرية. تعبر هذه الأعمال عن قضايا إنسانية واجتماعية معقدة، مما يساعد على تشكيل وعي ثقافي حول حقوق الحيوانات.
تتداخل هذه الرؤى والأساليب لتشكل صورة شاملة عن العلاقة بين البشر والحيوانات. من خلال التقدير والاعتذار، النقد والسخرية، يسهم الأدب العربي في تقديم تجارب غنية تعكس التعقيد الإنساني في التعامل مع الكائنات الأخرى.
 
* كتبت هذه القراءة قبل عام ٢٠١٨م، ثم أعدت تنقيحها بتاريخ ٢٨ يناير ٢٠٢٥م

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً