صنعاء 19C امطار خفيفة

قصيدة لملم شتاتك للأستاذ الراحل حسن عبدالوارث رحمه الله

"لَمْلِمْ شَتاتك
واحتسِب
اجمعْ فُتاتك
وانسحِب
لا تنتحِب
لا تكتئِب
لازالَ في الدربِ
مجالٌ أنْ
نَثِبْ
لازالَ في القلبِ
مكانٌ أنْ
نُحِبْ
تاريخُنا مقابرُ
لكنَّ في بطنِ القبورْ
باقاتِ وردٍ تشرئِبْ
وجراحُنا تُكابرُ
لكنَّ من نَزْفِ الجراحْ
ينداحُ ينبوعٌ عَذِبْ
سنظلُّ طولَ العمرِ
في سُوْدِ الليالي نحتطِبْ
سنظلُّ طولَ العمرِ
في كلِّ الظروفِ نحترِبْ
لكنَّنا، وبرغمِنا
في آخرِ الشوطِ التَّعِبْ
من بعضِنا... سنقترِبْ
لَمْلِمْ
جراحَكَ
واقترِبْ"
ذكرني بهذه القصيدة -لملم شتاتك- سعادة السفير الأستاذ أحمد علي كلز، فأحببت أن أذكر بالكاتب ملك المقال العمودي الشاعر والناثر الرحل الأستاذ حسن عبدالوارث (1952-2024م) الذي يعد أحد أبرز الكُتّاب في الصحافة اليمنية، إذ ترك بصمة لا تُنسى في عالم الأدب والنقد. وُلِد في بيئة أدبية، مما أسهم في تشكيل رؤيته الفريدة وعشقه للكلمة. رحل عن عالمنا في سبتمبر 2024، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا غنيًا.
تميز أسلوبه الأدبي بقدرته على تطويع اللغة لتناسب جميع شرائح القراء، إذ كان يتنقل بين السخرية والجدية بسلاسة. استطاع حسن أن يُعيد صياغة المفردات بطريقة تجعلها قريبة من الوجدان، مما سمح له بالتواصل مع الجمهور بشكل فعال. كانت مقالاته وكتاباته تُعبر عن واقع الحال في اليمن، مُسلطًا الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية هامة دون أن يُثير نوازع الطائفية أو المناطقية.
خسرت الصحافة اليمنية برحيله قلمًا مخلصًا للحقيقة والجمال، إذ كان يُجسد ثنائية نادرة تتمثل في الجمع بين النقد اللاذع والتعبير الجمالي. في فترة التسعينيات، كان أحد الأسماء البارزة في الصحافة، إذ أسهم بشكل كبير في تطوير العمود الصحافي والكتابة الساخرة.
تُظهر قصائده، مثل "لمْلم شتاتك"، حزنه العميق على أوضاع بلده، ودعواته المستمرة إلى الأمل والتكاتف. كان يُعبر عن آلام وطنه من خلال كلمات تتسم بالعمق والحنين، مؤكدًا على أهمية التلاقي في مواجهة التحديات.
إن مغادرته المبكرة خلقت فراغًا كبيرًا في الساحة الأدبية، ورغم ذلك، ستظل كتاباته تُلهم الأجيال القادمة، مُذكرة إياهم بأهمية الكلمة كأداة للتغيير.
وفي هذه القصيدة يبدأ الشاعر حسن عبدالوارث بنداء مؤثر يجمع فيه شتات النفس، ويدعو للاحتساب في مواجهة التحديات. يُظهر قوة العزيمة، مُشجعًا على عدم الاستسلام للاكتئاب، مؤكدًا أن الأمل ما زال موجودًا. يتحدث عن ذاكرة التاريخ، مشيرًا إلى أن القبور تحتوي على جمال وورد في مقابل الجراح التي تعاني منها الأمة، حيث ينشد من عمق المأساة جمالًا، لكن هذا الجمال هو في القبور وهي صورة شعرية محزنة...
تتكرر فكرة الصمود والاستمرار في النضال، مُبرزًا ضرورة التكاتف رغم الصعوبات. يستخدم الشاعر لغة بسيطة وعميقة، مما يجعل قصيدته سهلة الفهم وقريبة من القلوب، ويجمع بين الجدية والسخرية، مما يضفي عمقًا على النص.
حسن عبدالوارث يُعتبر كاتبًا مُتميزًا، إذ استطاع التعامل مع قضايا معقدة بشكل مبسط، مُعبرًا عن معاناة الشعب اليمني وآماله في النضال من أجل الحرية والكرامة. تعكس قصيدته التزامه بالقضايا الاجتماعية والسياسية، مما يجعله رمزًا من رموز الأدب اليمني المعاصر، إذ تبرز قوة الكلمة وقدرتها على التأثير.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً