في وداع مؤثر فقدت محافظة حضرموت ومدينة شبام خصوصاً أحد أبرز رموزها النسائية، ورائدة في التعليم والصحة ، السيدة الفاضلة الأستاذة مريم سالم أبو بكر الجوهي، التي رحلت مساء الأربعاء الماضي، عن عالمنا مخلفة إرثًا عظيمًا من العطاء والتفاني في خدمة مجتمعها. و وري جثمانها الثرى، عقب الصلاة على روحها الطاهرة صباح الخميس في شبام.
كانت الأستاذة مريم من أوائل خريجات مدارس البنات في مدينة المكلا، حيث انطلقت مسيرتها المهنية في القطاع الصحي منذ نهاية الأربعينيات.
عملت جنبًا إلى جنب مع الطبيبة الألمانية إيفا هويك في أول مستشفى أقيم بقصر شبام الشمالي، لتقدم خدمات صحية جليلة لأهالي شبام ومحيطها، مساهمةً في تحسين حياة الكثيرين في المنطقة.
" مريم الجوهي كانت امرأة ذكية ومخلصة، عملت كمساعدة طبية وشريكة موثوقة.
هكذا وصفتها الطبيبة الألمانية إيفا هويك مساعدتها مريم ، في كتابها "سنوات في اليمن وحضرموت"، والذي قدمت فيه صورة حية عن تجربتها الطبية والإنسانية خلال فترة عملها في اليمن، وبالأخص في مدينة شبام حضرموت.
وأثنت إيفا على مريم التي لعبت دورًا حيويًا في نجاح عمل العيادة في مدينة شبام، وقدرتها على التعلم السريع، و التواصل مع النساء المحليات، مما ساهم في بناء الثقة بين الفريق الطبي والمجتمع المحلي. كما أشارت إلى أن مريم كانت جسرًا ثقافيًا واجتماعيًا، وساعدت في تذليل العديد من الصعوبات التي واجهتها العيادة في بيئة محافظة.
بفضل تفانيها ومهاراتها، كسبت مريم احترام وتقدير الجميع، وساهمت بشكل كبير في تحسين الخدمات الصحية المقدمة للنساء والأطفال.
تحدثت إيفا عن التحديات الكبيرة التي واجهتها كطبيبة أجنبية في بيئة اجتماعية وثقافية محافظة. عملت على تقديم الخدمات الطبية الأساسية، وخاصة للنساء، في ظل نقص الموارد والبنية التحتية الصحية.
كما أشارت إلى أهمية بناء الثقة مع المجتمع المحلي للتغلب على الحواجز الثقافية التي تعيق تقديم الرعاية الصحية.
وبفضل التعاون بين إيفا والفقيدة مريم، نجحت العيادة في تقديم خدمات صحية أساسية، مثل رعاية النساء أثناء الحمل والولادة، ومعالجة الأمراض الشائعة، وتقديم التوعية الصحية. كما أسهم هذا التعاون في تعزيز مكانة المرأة العاملة في المجتمع المحلي. "
لم تكتفِ الأستاذة مريم بدورها في الصحة، بل انتقلت إلى حقل التعليم، حيث أصبحت رائدة في هذا المجال. وكانت أول أمراءة ، شغلت منصب أول مديرة لمدرسة البنات بشبام لأكثر من ربع قرن، إلى جانب عملها كمدرسة في مدارس القطن للبنات ومدينتها شبام. كما كرست جهودها لتعليم الفتيات والنساء من خلال برامج محو الأمية، مما ساهم في تغيير حياة أجيال كاملة من النساء في المنطقة.
تُعد الأستاذة مريم نموذجًا مشرفًا للتربية والتعليم، حيث تخرجت على يديها مئات الطالبات اللواتي أصبحن اليوم أمهات وربات بيوت وجدات. لقد كانت مثالًا يحتذى به في التفاني والتربية القديرة، ورسخت اسمها بين أبرز الشخصيات التي ساهمت في تطوير التعليم في شبام.
الفقيدة الأستاذة مريم الجوهي هي زوجة الأستاذ التربوي القدير عبد المجيد عبد الله بن هرهره، الذي شكل معها ثنائيًا بارزًا في مسيرة التعليم والتربية.
نتقدم بخالص التعازي إلى ابنها الأستاذ حافظ حسن، وإلى أسرتها الكريمة، وآل الجوهي وآل هرهره، ولكل من عرف الأستاذة مريم وأثرى حياته بعطائها. نسأل الله أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته، ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.
رحم الله الأستاذة مريم، وجعل إرثها الخالد مصدر إلهام للأجيال القادمة.