البروفيسور حبيب عبدالرب سروري هو شخصية بارزة تجمع بين الأدب وعلوم الحاسوب؛ وهو قارئ للفقه الإسلامي يتبين ذلك من خلال بعض رواياته مثل رواية "عرق الآلهة"، وهي أول رواية قرأتها قبل عشرين عامًا، ورواية "سانت مالو" من جزأين، و"جزيرة المصطفى"، و"لا إمام سوى العقل" ورواية "وحي"، و"طائر الخراب"، و"همسات حرى من مملكة الموتى"؛ و"نزوح"، وثلاثيته الروائية الموسومة "دملان". وفي معظم رواياته يقوم بتصوير الواقع اليمني المتخلف؛ يتطرق إلى سلبيات المجتمع اليمني، ومع كل ذلك فإن رواياته لا تخلو من التشويق والإثارة والرومانسية؛ والكوميديا والتراجيديا في بعض لقطات الراوي أو أحد شخصيات الروائية. كما أنه يطغى على معظم تلك الروايات الجانب الفلسفي المتخصص؛ كما أنه من المتأثرين بفيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة أبي العلاء المعري.
والبروفيسور حبيب يمني من مواليد عام 1956م، بمدينة عدن، وقد نال درجة بروفيسور بعد عامين من تحقق وحدة الشطرين السلمية؛ المغدور بها من قبل نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، مرتين؛ مرة بحربه الظالمة على المحافظات الجنوبية صيف عام 1994م، بتحالف مع الإسلام السياسي السني (حزب الإصلاح) وقوى التطرف؛ والثانية بالتحالف مع الإسلام السياسي الشيعي (أنصار الله)، عام 1915م، وتمكن أن يغدر بالحليف الأول، وفشل في الغدر بالثاني.
وهو شاعر له ديوان شعر مطبوع "شيء ما يشبه الحب"، من جزأين، أي أنه ناثر وشاعر وروائي مبدع يجيد تقنيات السرد بضمير الغائب والاسترجاع؛ والاستباق؛ وبلاغة المجاز والحذف؛ والمقدرة على الوصف والتلخيص والحوار الخارجي والحوار الداخلي (المنولوج)، ولديه موهبة أدبية استطاع من خلالها توظيف تلك التقنيات في تنويع أساليب السرد والإحاطة بتفاصيل الأحداث وتماسكها وترابطها، ويعتبر من رواد السرد بين الروائيين اليمنيين؛ كما أن تقنيات السرد تلك توفر للقارئ وتساعده على استخدام الخيال لتصوير المواقف.
وحبيب عبدالرب يتمتع بميزة اقتناص اللحظة الإبداعية للفرد، وهي لحظة استباقية لدى الموهوبين في القص، والمتميزين في حرفة الحكي، يستلب لب القارئ صوب نصوص مفعمة بأحداث ووقائع سردية تدور في أفلاك تاريخية، لا سيما في الروايات المشار إليها آنفًا.
إذن، نحن أمام عالم في شؤون الحاسوب، وروائي له دور محوري في تعزيز التفكير النقدي في المجتمع العربي. من خلال مقالاته وأعماله الأدبية، يتناول سروري قضايا معقدة تتعلق بالهوية والثقافة والتكنولوجيا، مما يجعله صوتًا مؤثرًا في الساحة الفكرية؛ في ما يتعلق بتعليقه على استخدام الذكاء الاصطناعي، يعكس قلقه المشروع من الاعتماد المفرط على التكنولوجيا في المجالات التي تتطلب التفكير العميق والبرهنة. تأكيده على أن البرهنة الرياضية تعكس قمة الذكاء البشري، هو تأكيد على أهمية التفكير النقدي والعملي في التعليم، وهو ما يجب أن يظل محور اهتمامنا. من المهم أن نشجع الطلاب على استخدام أدوات التعليم الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، كوسيلة مساعدة، وليس كبديل للتفكير الشخصي. إن تعزيز مهارات البرهنة والاستقراء لدى الطلاب يمكن أن يسهم في تطوير قدراتهم على التحليل وحل المشكلات.
ونختتم هذه التناولة بتساؤل هل يمكن لروائي احترف اقتناص الحدث التاريخي لسرده بصورة إبداعية، أن ينجو من شرك ظاهرة المسكوت عنه في الرواية؟ والإجابة تأتي بالنفي، وبخاصة في رواية "عرق الآلهة"، فهو يقتحم الحديث عن التابوه -المسكوت عنه- والذي تشكل فيه المرأة عنصرًا فاعلًا.. حيث يبدو هذا العنصر المحرك الرئيس للحدث. فالرواية تصبح على امتدادها تصيح بحالات البوح والاعتراف بمجتمع ذكوري أطر لتوجه ثابت وقطعي صوب المرأة لم يتغير إلا بفعل تحول المجتمع نحو المدنية والاعتراف الصريح بحقوق المرأة وواجباتها على قدم المساواة بأخيها الرجل في جميع الحقوق. حد علمي لم أجد من بين الروائيين اليمنيين في هذا المضمار سوى حبيب عبدالرب، ومن قبله محمد عبدالولي، والشاعر المبدع والروائي والقاص الكبير الأستاذ عبدالكريم الرازحي، وعلي المقري، والدكتورة نادية الكوكباني.
وحبيب عبدالرب من الرحالة الكبار، فصفحته على "فيسبوك" مليئة بالحديث عن رحلاته. وختامًا أستميح الصديق حبيب الذي لم ألتقِ به إلا عبر "فيسبوك"، وقد تحاورت معه في أكثر من مقال فلسفي، وهو يتابع صفحتي أحيانًا، كما أتابع بوستاته، فالتحية والتبجيل لهذا الإنسان المتعدد المواهب؛ الناثر والشاعر والروائي والفيلسوف وعالم الحاسوب الرحالة الحبيب حبيب عبدالرب سروري.