ولد الحاج عبدالقوي عثمان علي الأغبري عام 1935م، في قرية الأشعاب -حيفان -مديرية الأغابرة والأعروق، وتوفي -رحمه الله- عام 2019م، عن عمر ناهز الخمسة والثمانين عامًا، بعد مرض عضال.
بدأ دراسته في "كتاتيب القرية"، ثم واصلها في مركز حيفان في العلوم الدينية كعادة أهل القرى، في تلك الأيام، وبخاصة قبل سفرهم إلى الخارج، إما لمواصلة دراستهم وإما للعمل. بعدئذ عمل بالتجارة بين عدن والقرية ومحيطها، جعلته يحتل مكانة اجتماعية رفيعة لطيب تعاونه وخصاله الحميدة. كان نصير المظلومين دفاعًا، والفقراء عونًا، والمرضى عطاء.. عركته الحياة، وعلمته حسن التصرف والأناة، لا يكل ولا يمل. وأخيرًا استقر به المقام في صنعاء، وبدأ عمله المضني هناك، وكانت ثمرته حب المجتمع له، مما مكنه من التوسع في أعماله، وبخاصة في مجال الفندقة، وفتح الطريق لمستقبل أبنائه الأفاضل: محمد، وعبدالله، وأحمد، وعادل، وسميح، للعمل في التجارة بعد تخرجهم من الدراسة. وبالتنسيق مع والدهم فتحوا مكتبًا تجاريًا لتوسيع الأعمال مع الشركات في الخارج، وكانوا على مستوى المسؤولية كما قال والدهم لي ذات يوم، فجاء ردي له، من خلف ما مات.
وتمر الايام بحلوها ومرها، ولم يخب ظني بهم، فقد حققوا نجاحًا، في مضمار العمل، وشرعوا في تطويره بفتح قنوات جديدة رغم الأحوال الاقتصادية الصعبة.
ومن الجدير بالذكر، أن الحاج عبدالقوي عثمان، يعتبر من أيقونات البر والإحسان والعمل الإنساني، تأسيًا بمدرسة الرواد الكرام في الأعمال الخيرية والإنسانية: مجموعة هائل سعيد أنعم الجليلة.
في واقع الأمر، أخذتني ذاكرتي إلى أزهى مرحلة شهدتها اليمن في تاريخها الحديث، وتحديدًا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي (الـ20)، والتي مايزال صداها الكبير حتى اليوم في ذاكرة الشعب، وقد تمثلت بنهضة تنموية في شتى المجالات الخارجية والداخلية، ولعل أبرز ما فيها كان على الصعيد الداخلي في مجال التعاونيات التي أقرها شهيد اليمن البار فخامة الرئيس إبراهيم محمد الحمدي -رحمه الله- قائد الثورة التصحيحية، في الفترة 13 يونيو 1974م حتى يوم استشهاده غيلة في 11 أكتوبر 1977م... وإبان تلك الفترة شارك الحاج عبدالقوي عثمان في مجال التعاونيات، بالتعاون والتنسيق مع مسؤول المجلس الأعلى للتعاونيات، في جميع أنحاء المنطقة، سعادة قائد الشرطة العسكرية منصور عبدالجليل عبدالرب -أمده الله بالصحة والعافية وطول العمر- وقد عملا جنبًا إلى جنب مع رجال الخير من أهل المنطقة وما جاورها، تمثل ذلك في شق الطرقات، وبناء المشاريع، ومد يد العون أيضًا لمن تعسرت أحوالهم، ناهيك عن حل مشاكل اجتماعية وإنسانية... الخ.
إن الحاج عبدالقوي عثمان، بعد كفاح طويل في مجال عمله، أصابه المرض، واستقر بداره في القرية، يصارع المرض حتى ترجل، وارتقت روحه إلى بارئها راضية مرضية، طوبى له وحسن مآب.
ويستحضرني، في ختام قراءتي، أن أستشهد ببيتين من الشعر لأبي تمام، في ذكرى فقيدنا الغالي الحاج عبدالقوي عثمان، طيب الله ثراه:
ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى
ويغمر صرف الدهر نائله الغمرُ
عليك سلام الله وقفًا فإنني
رأيت الكريم الحر ليس له عمرُ