من خلال تجربتي القريبة منه رغم بعدي لسنوات وعوامل عدم الاستقرار في مدينة أليفة كصنعاء، إلا أن من دواعي بهجتي أن الدكتور عبد العزيز المقالح فاجأني غير مرة بمحبة لا توصف. أولها حينما كتب عن تجربتي في البدايات وكان ذلك بالطبع قبل أن يعرفني وأعرفه شخصياً. ولعل في ذلك ميزة كون المقالح أدرك لاحقاً أن من كان بعيداً عنه من أجيال الأدباء غالباً كانوا الأحب إليه على الصعيد الشخصي والفني كذلك بالنسبة لتجاربهم. وغالباً فمن بقي قريباً من المقالح غالباً بقي مدعاة للتأفف غير المباشر والوقوع في شبهة «النفاق الثقافي».
وفي أحوال بعينها صحيح أننا كتلاميذ كنا متمردين بالمعنى الفني على ما درج عليه في الاصطلاح بـ«الأب الشعري»، إلا أن صفاء المواقف والرؤى التي جمعتني بالمقالح شخصياً لاحقاً كانت أكبر في سموها من مجرد التعبير باللغة. وكان يعرف بذكاء وفطنة وحدس الشاعر الحقيقي والمجدد برؤى مؤثرة حجم التجارب الحقيقية في الشعر من جيلنا التسعيني وما تلاه من امتدادات اللحظة. فحدث بيننا تعاقد روحي وثقافي وعمل مشترك في صورة فعاليات ثقافية نوعية تجسدت في كتب وموثقات ندوات فارقة حول الشعر والسرد أو الرواية اليمنية وروادها المؤسسين. حيث «جماعة الغد الأدبية» جماعتنا الفتية وبالشراكة مع مركز الدراسات والبحوث اليمني ومجلة غيمان وموقع إنسان نت الذي أسسته في العام 2013. والشواهد كثيرة في الإبقاء على موقف الإنسان في الفن والحياة، وكذلك بقيت بيننا مودة وصداقة لا تبلى. رحم الله أستاذنا الراحل الدكتور عبد العزيز المقالح في ذكراه الثانية.