على شاطئِ غزّة
كانت تقفُ كأنها وطنٌ يتنفس،
ثوبُها علمٌ
ورائحةُ الملوحةِ تلتفُّ حول خصرِها
كعِقدٍ من الأمواج.
قالت لي الريحُ:
"احفظْ ملامحَها،
فهي
عينٌ تأخذُ لونَ البحر،
وشَفَةٌ تأخذُ لونَ النار".
كانت تمشي،
وكلُّ خطوةٍ تُشعلُ الرملَ،
تُوقظُ أسماءَ الغائبين
من سباتِ الأمس.
"مَن أنتِ؟"
سألتُها بصوتٍ مرتجف.
فأجابتني
كمن يعرفُ سرَّ الماء:
"أنا فلسطينُ،
وجهُ الأرضِ حينَ يُشرقُ
من ظلمةِ المنافي،
وأنا ثوبُ أمٍّ
تنتظرُ عودةَ ابنِها
من أفقٍ لا يعود".
على فستانِها
كانت النجومُ ترقص،
وكان الليلُ ينحني ليقبّلَ أقدامَها،
لكنّها لم تكن تنظرُ خلفها،
كانت تسيرُ
كأنها موعدٌ مع الحريّة.