(1) القناع الغارق في الأزرق
في زاوية بعيدة من الكون، ريشة عدنان تستلهم البحر.
عدن تناديه، وصنعاء تهمس له، بين المآذن والبيوت، كل زاوية تهمس قصة ألوانٍ جديدة. الضوء يتساقط على اللوحة، كأنها نافذة على ما وراء المرئي. الخطوط تشتعل، تتراقص بألف نغمة، كل واحدة منها تحمل وجهاً، روحاً، ظلاً من زمن قديم.
البحر يثور على القماش، والصمت يغمر المدينة.
عيون تنبض في قلب اللوحة، تغمر العالم، تمنحه معنى جديداً للحياة.
(2) الأنفاس العالقة بين الأطلال
كل مرة يرسم فيها عدنان، تنبثق من اللوحة حكايات معلّقة.
كأن الأرض تعترف له بما أخفته في عمق الجبال.
البحر ينحني، الرياح تحمل قصائد مغبرة،ومشعة.
الجبال، المدن، والوجوه، كلها تتحدث بلغة واحدة؛ لغة العين التي تفهم، وتبكي، وتضحك.
كل ضربة ريشة تحمل أنين جدارٍ قديم، ورائحة حجر مغمور بالمطر.
(3) مدينة بين الضوء والعتمة
رسم عدنان بيده مدينة لا يعرفها إلا في الأحلام.
صنعاء التي تتنفس في رئتيه، وتنمو كمهرجان من شغف.
كأن ألوانه تتراقص على إيقاع الأغاني التي لم تُغنَ بعد.
البيوت تتناثر كقصائد غير مكتملة، تتراقب الأفق بعين متعبة.
والسماء؟
السماء ،قطعة من القماش الأزرق المشبع بالأحلام القديمة.
(4) الحاسد في غياهب اللامعنى
صار معروفاً أنه في كل سبتمبر، يظهر الحاسد كظِلٍ قبيح، يتخفى وراء الكلمات الزائفة.
حاول أن يمسك بريشة، لكنه غرق في الحبر الأسود،
غارقاً في جهله، لم يفهم الفن الذي ينبض في قلب عدنان.
عدنان ابن كريتر، ابن عدن، كل ضربة ريشة منه تلغي حقد الحاسد وتضيء اللوحة.
وهو – قائد الغفلة – يجلس على عرشه الزائف، يرمي أحكامه كسيفٍ خشبي،
لكن الفن لا يهتز، لا يزيف.
الفن في دم عدنان، كبحر عدن الذي لا ينضب، وكشموخ جبال صنعاء.
(5) الرؤية الضيقة لعالمٍ شاسع
في كريتر، هناك من يرسم السماء كما يراها؛ واسعة، متدفقة بالضوء.
وفي رأس الحاسد، السماء ليست سوى قُبة ضيقة، لا يرى منها إلا بقايا غبار.
يحاول أن يُطفئ نور اللوحة، يتهمها بأنها مزيفة، كما لو أن الحسد عينيه العمياء.
لكن عدنان لا يرسم من أجل الأعين الضيقة.
عدنان يرسم صنعاء من قلبه العدني، يعبر عن المدينة بروحه الحرة،
والحاسد يراقب من بعيد، متحسراً على عجزه أن يفهم.
(6) الحاسد الذي فقد بصره
قائد، ذاك الذي يدّعي المعرفة، أعمى عن الجمال،
يرى في كل لوحة زيفاً، وفي كل ضربة ريشة غشاً،
كأنه لم يتذوق يوماً طعم الألوان، ولم يرَ الضوء ينساب بين الخطوط.
يهاجم بعينين معصوبتين، بلسانٍ صدئٍ،
يحاول أن يطفئ بريق اللوحة، لكنه يغرق في ظلام فكره.
قائد الذي لم يعرف عدن، ولم يسلك حارات كريتر،
يظل ضائعاً في حسده، يتخبط بين الألوان التي لا يفهمها.
(7 ) لا يستطيع الحسد محو البحر، أو إطفاء الشمس
في كريتر، كل حجر يعرف قصة، وكل نافذة تتذكر وجه.
هنا، وُلِد عدنان جمن، وسط ألوان عدن التي تتمازج مع البحر،
وكل لون يشهد على موهبة لا تموت.
لكن هناك من ينسى، من يغار من هذه الأرض الخصبة،
يريد أن يلغى وجودها بجرّة قلم زائفة،
غير أن الحسد يستطيع محو البحر، أو إطفاء الشمس.
(8) عدنان… ابن كريتر الخالد
في كريتر، هناك بحارٌ في قلب كل حجر،
وعدنان، ابن هذه الأرض، يرسم منها عالماً لا يعرف الحدود.
كل لوحة هي رحلة جديدة إلى شوارع عدن، ومن هناك يطير الى صنعاء
كل لونٍ هو ذاكرة لطفولة تعانق البحر وتستريح في حضن الجبال.
كريتر هي عدنان، وعدنان هو روح كريتر، وصنعاء وعدن واحدان
يديه تمسك بالريشة، والعالم كله ينتظر أن ينبعث من بين أصابعه زهو صنعاء.
(9) مدينة ترسمها الألوان
عدنان لا يرسم مجرد مشاهد، بل يخلق مدناً من ضوء.
في قلب صنعاء القديمة، ترى انعكاسات كريتر،
وفي كل ركن من المدينة، هناك قصيدة مغناة بالريشة.
كل لوحة تنبض بالحب، بالحنين،
كل زاوية من صنعاء تعرفه، وكل باب ينحني للوحة جديدة.
وكلما نظر الحاسد، رأى شيئاً لا يستطيع الوصول إليه،
شيئاً لا يمكن للحسد أن يطفئه.
(10) حين تتحدث الألوان
عدنان يعرف كيف يجعل الألوان تتكلم،
كيف يجعل البحر يغني، والجبال ترقص.
كل ريشة من ريشاته تحمل أغنية قديمة، وحداثة منقطعة النظير.