صنعاء 19C امطار خفيفة

المحامي هائل سلام في دفاعه عن محمد المقالح:

2010-03-01
المحامي هائل سلام في دفاعه عن محمد المقالح:
المحامي هائل سلام في دفاعه عن محمد المقالح:
اتهام المقالح ومعاملته كمُدان ليس إلاّ لكونه صاحب رأي لا تتفق آراؤه وهوى المتحكمين بالأمر في  هذا  البلد
دفاعي عن موكلي الأستاذ محمد المقالح يتكون من محورين:
1 - الدفع ببطلان المبنى الإجرائي للاتهام.
2 - الدفع بعدم صحة الاتهام وبتلفيق التهم.
أولاً: بصفة أصلية: الدفع ببطلان المبنى الإجرائي للاتهام:
مع التأكيد على عدم صحة وثبوت وقائع الاتهام، المنسوبة، اعتباطاً، لموكلي في قرار الاتهام الماثل، نؤكد لعدالة المحكمة الموقرة، أن هذا القرار جاء محمولاً على مبنى إجرائي مطلق البطلان، وهو البطلان الحائق بإجراءات المراقبة الهاتفية، والقبض، وجمع الاستدلالات، والحبس الاحتياطي، والاستجواب.
ولإجلاء أسباب هذا البطلان، وأسانيد الدفع به، نستكرم عدالة المحكمة الموقرة، إمعان النظر في البيان الآتي:
1 - بطلان إجراء المراقبة الهاتفية:
المعلوم أن الاتصالات الهاتفية، من الأمور ذات الصلة الوثيقة بالحرية الشخصية، وبحرمة الحياة الخاصة، التي أحاطها الدستور بعناية خاصة، مقرراً بنصي المادتين 48 و53 منه، عدم جواز مراقبتها إلا في الأحوال المحددة قانوناً، ولأمر توجبه ضرورة التحقيق، وبأمر قضائي، صادر من قاضٍ مختص. وهو الأمر الذي أكد عليه القانون بنصوص المواد، 14، 131، 132، 146، 148 من قانون الإجراءات الجزائية.
ويتمثل بطلان إجراء المراقبة الهاتفية هذا، في كون أن القانون، في النصوص المشار إليها، لا يجيز مراقبة الاتصالات الهاتفية، إلا بمقتضى قرار، أصيل ومسبب، صادر عن النيابة العامة، وعن طريق أحد موظفي مصلحة الهاتف بعد تحليفه اليمين، وبشأن مكالمة محددة على سبيل الضبط، ولغرض منع جريمة بوشرت بشأن إمكانية وقوعها تحريات جدية، وعلى أن تتم المراقبة في أمد زمني قوامه 30 يوماً من تاريخ الأمر بها.
والثابت أن المراقبة الهاتفية، المستند إليها في أوراق الاتهام، تمت بالمخالفة لكافة المفترضات الدستورية والقانونية، المنصوص عليها في المواد المشار إليها. ذلك أن المراقبة، المدفوع ببطلانها، إنما تمت من قبل جهازي الأمن السياسي، والأمن القومي، واقتصر دور النيابة على مجرد الموافقة اللاحقة على طلبي الجهازين بإجرائها.
كما أنها لا ترتبط بالوقائع الموصوفة في قرار الاتهام، ولم تكن بمثابة إجراء تحقيقي بشأن تهمة وجهتها النيابة لموكلي، بوصفها جهة فعل لا جهة إذن. بل تمت كإجراء سابق على التحقيق معه، ولغرض استحصال ما يسوغ لجهازي الأمن واقعة جرمية يتسنى لهما، وللنيابة لاحقاً، في وقت غير معلوم، توجيه التهمة إليه بشأنها. هذا فضلاً عن أن موافقة النيابة تلك، حتى على فرض صحة صدورها في ذات التاريخ المحدد بها، لم تتضمن تحديداً دقيقاً للمكالمة المطلوب مراقبتها، ولم تحدد الأمد الزمني للمراقبة، على وفق ما توجبه وتقتضيه المادة 146 إ.ج. بل جاءت مفتوحة بإطلاق، إلى حد أن جهاز الأمن القومي حدد، في ما بعد، مدة المراقبة من 1/1/2009، إلى 17/9/2009، أي بمدة 8 أشهر ونصف. بل إن النيابة نفسها، حسب ما هو ثابت في قرار الاتهام، حددت فترة المراقبة من 15/6/2007، حتى 17/9/2009، أي بمدة سنتين و4 أشهر. ما يجعل من تلك المراقبة، أطول مما هو محدد قانوناً، بل وأطول مما يتصوره إنسان. وذلك مخالف لكل النصوص سالفة الذكر، وانتهاك خطير للضمانات الدستورية والقانونية، المكفولة للمواطنين بمقتضى تلك النصوص. ولذلك فقد انحل إجراء المراقبة هذا، إلى مجرد كونه استراق سمع ممقوتاً شرعاً وقانوناً.
2 - بطلان إجراء القبض والإجراءات المترتبة عليه:
ولأن القبض تقييد للحرية الشخصية، التي كفلها الدستور، بنص المادة 48 منه، فقد أولاه المشرع الدستوري عناية خاصة أيضاً، مقرراً، بذات النص، عدم جواز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس، أو بأمر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن، يصدره القاضي المختص أو النيابة العامة، وفقاً لأحكام القانون. موجباً بالنص ذاته، تقديم كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة، بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة، إلى القضاء خلال 24 ساعة من وقت القبض عليه، على الأكثر، وأن يبلغ فوراً بأسباب القبض، وأن تصدر النيابة على الفور، أمراً مسبباً باستمرار القبض أو الإفراج عنه، وأن يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه بواقعة القبض، وبكل أمر قضائي باستمراره، وإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر. وهو الأمر الذي أكد عليه القانون بنصوص المواد 6، 7، 11، 71، 73، 76، 77، 83، 172، 176 من قانون الإجراءات الجزائية، محدداً الكيفية الواجبة الاتباع عند القبض على أي شخص، تحقيقاً للضمانات الدستورية للمقبوض عليه، وموجباً، بصفة خاصة، الآتي:
- إبلاغ المقبوض عليه بأسباب القبض، وإطلاعه على أمر القبض، والاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحام.
- الإخطار الفوري لمن يختاره المقبوض عليه بواقعة القبض، وعن صدور كل أمر قضائي باستمرار الحبس، وإذا تعذر عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر.
- عدم جواز حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون.
- معاملة المقبوض عليه بوصفه بريئاً، وعدم جواز إيذائه بدنياً أو معنوياً، للحصول على اعتراف منه، أو لأي سبب آخر.
- تقديم المقبوض عليه، المشتبه بارتكابه جريمة إلى القضاء خلال 24 ساعة من وقت القبض عليه، على الأكثر.
- على القضاء ممثلاً بالمحكمة أو النيابة، إبلاغ المقبوض عليه بأسباب القبض واستجوابه بشأنها وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته، وإصدار أمر مسبب بحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه.
- عدم جواز الحبس الاحتياطي إلا بعد استجواب المتهم، وعدم جواز استمرار الحبس الاحتياطي أكثر من 7 أيام إلا بأمرٍ قضائي، صادر عن القاضي المختص.
- جواز إخلاء سبيل المقبوض عليه إذا تعهد بالحضور، بضمان أو بدونه، إذا ما نص الأمر على ذلك، وإرسال التعهد مصحوباً بالضمان إلى الآمر بالقبض.
- إذا لم ينص في الأمر على إخلاء سبيل المقبوض عليه، وجب على من ينفذه إحضار المقبوض عليه إلى الآمر بالقبض فوراً وبدون تأخير.
والثابت أن القبض على موكلي الأستاذ محمد المقالح، قد تم على خلاف كافة الشروط والأحكام الإلزامية المقررة بالنصوص المشار إليها، وبكيفية أهدرت معها، كافة الحقوق والضمانات الدستورية والقانونية المكفولة بموجب تلك النصوص. وذلك من حيث إن هذا القبض لم يتم في حالة تلبس ولم يكن بأمرٍ من النيابة، أوجبته ضرورة تحقيق ابتدائي كانت تجريه مع موكلي، بشأن ذات التهم الموصوفة في قرار الاتهام. بل تم على النحو الذي أوضحه لعدالة المحكمة، موكلي نفسه، في الجلسة السابقة (9/2/2010).
والثابت، طبقاً لأوراق الاتهام ذاتها، أن واقعة القبض على موكلي تمت في 17/9/2009، وأن إحالته إلى النيابة لم تتم إلا في 30/1/2010، أي بعد حوالي 4 أشهر ونصف من تاريخ القبض، وضع خلال تلك الفترة قيد الاختفاء القسري، اللاطوعي. إذ لم يتم إبلاغ أسرته بواقعة القبض أو الكشف عن مصيره، أو مكان احتجازه. وذلك بحد ذاته، يعد تنكيلاً به وبأسرته، وإهداراً لحريته الشخصية ولكرامته، مما يغني عن إثبات التعذيب، وكل صنوف المعاملة القاسية التي تعرض لها، حسبما بينه هو نفسه، في الجلسة السابقة تلك.
والمؤكد، أن القبض على موكلي تم دون أمر من النيابة، ودون علمها أصلاً، بدليل أن مكتب النائب العام كان قد أصدر بلاغاً صحفياً، أكد فيه أن النيابة لم تأمر بالقبض عليه. وأن النائب العام نفسه، كان قد وجه في 29/9/2009، مذكرة إلى رئيس جهاز الأمن السياسي، طلب فيها منه، التوجيه بإحالة الأستاذ محمد المقالح مع أولياته إلى النيابة أو الإفراج عنه عند عدم وجود جانب جنائي. وهو ما يعني أن القبض تم بدون أمر من النيابة، وبدون علمها. فلو أن القبض تم بأمر منها لأمر النائب العام بإحالة المتهم إلى النيابة مع محاضر جمع الاستدلالات.
وأياً ما كان الحال، فإن إصرار النيابة على القول بأن القبض كان بأمرٍ منها، هو أمر ليس من شأنه –البتة– أن يغير شيئاً من حقيقة بطلان القبض، وما ترتب عليه من إجراءات. ومن شأن ذلك فقط، جعل هذا البطلان مضاعفاً، وإلا فكيف يمكن أن نفهم تقاعس النيابة عن الاضطلاع بدورها، والقيام بواجباتها القانونية، المقررة بنصوص المواد 7، 13، 192 إ.ج؟! وكيف يمكن أن نفهم سكوتها عن جريمة الاختفاء القسري (اللاطوعي) للمتهم طوال الفترة من 17/9/2009، حتى 30/1/2010، وعن إهدار كافة الحقوق والضمانات المكفولة له دستورياً، وقانونياً، مع علمها بالقبض عليه؟! خاصة وأنها تعلم، أو أن المفترض فيها أن تعلم، بوجوب إحالة المتهم إلى النيابة (إليها) خلال 24 ساعة من وقت القبض عليه على الأكثر، وبوجوب التصرف في أمره خلال ال24 ساعة التالية للعرض عليها، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً طبقاً لنص المادة 105 إ.ج. ولو أنها لم تدّع العلم بواقعة القبض، فضلاً عن الأمر به، وليتها لم تفعل، لحفظت لنفسها، وللقضاء، بما هي هيئة من هيئاته، شيئاً من المهابة، التي يتوجب عدم المساس بها، من قبل أي كان، وخصوصاً من قبلها، هي بالذات.
لذلك، ولأن بطلان أي إجراء، يشمل كل الآثار المباشرة له، طبقاً لنص المادة 402 إ.ج، وحيث إن موكلي قد أحيل إلى النيابة مقبوضاً عليه على هذا النحو من البطلان المطلق، فإن بطلان إجراء القبض هذا، يمتد إلى إجراءات جمع الاستدلالات، الحبس الاحتياطي، والاستجواب، لكونها آثاراً مباشرة له. هذا مع العلم أن النيابة كانت قد بادرت إلى الأمر بالحبس الاحتياطي، قبل التحقيق مع موكلي وقبل استجوابه أو توجيه أي اتهام له، وذلك بالمخالفة للمقرر التشريعي الوارد بنص المادة 184 إ.ج. ما يجعل من ذاك الحبس حبساً على ذمة التلفيق لا على ذمة التحقيق! وهو الأمر الذي يتعين معه على عدالة المحكمة الموقرة، الأمر بإخلاء سبيل موكلي فوراً، رفعاً للظلم والجور والعسف، وتأكيداً للعدل واستقلال القضاء، وإعمالاً لمبدأ سيادة القانون.
وإذا ما رأت عدالة المحكمة إرجاء الفصل في هذا الطلب لأي سبب، فإنني، وبصفة احتياطية، أطلب، على وجه الاستعجال، الأمر بالإفراج عن موكلي، بالضمان الحضوري الأكيد.
وعلى الرغم من أن البطلان الإجرائي المطلق هذا، يمنع قانوناً من الاعتداد بكل ما تحصل عن إجراءي المراقبة الهاتفية والقبض، طبقاً لمقرر نص المادة 322 إ.ج، الذي لا يجيز إثبات أي واقعة ترتب مسؤولية جزائية على أي شخص، إلا عن طريق الأدلة الجائزة، وبالإجراءات المحددة قانوناً، إلا أننا، لمزيد من الإيضاح، نؤكد لعدالة المحكمة، أن كل ما قدمته النيابة بحسبان كونه أدلة إسناد متحصلة عن تلك الإجراءات، لا يصلح –البتة– لأن يكون كذلك، إذ ليس في كل ما قدم، تحت هذا الوصف، شيء من شأنه الإفادة بثبوت، أو حتى يرشح لثبوت، مقارفة موكلي للوقائع الموصوفة في قرار الاتهام. وهي وقائع إضعاف قوة الدفاع، الاشتراك في عصابة مسلحة، وإذاعة أخبار بغرض تكدير الأمن العام. هذا علماً أن النيابة لم تقم بتوجيه التهمة، بذات الوقائع الموصوفة بنصوص الإسناد المشار إليها في قرار الاتهام، وهو ما يمنع بذاته من سماع الدعوى بشأنها، طبقاً لمقرر نص المادة 110 إ.ج.
ثانياً: بصفة احتياطية: الدفع بعدم صحة الاتهام.. وبتلفيق التهم:
على الرغم من أن البيان المتقدم عرضه، قد أفصح عن البطلان المطلق، الحائق بالمبنى الإجرائي للاتهام، القائم تجاه موكلي الأستاذ محمد المقالح، وبما يمنع معه سماع الدعوى في مواجهته، على وفق نص المادة 402 إ.ج، إلا أنني، ومع التأكيد على تمسك موكلي بالاحتجاج بذلك البطلان كدفاع جوهري أصيل في مواجهة الدعوى، أود، على سبيل الاحتياط، أن ألفت عناية عدالة المحكمة الموقرة إلى ملاحظة أنه لا صحة ولا ثبوت لوقائع الاتهام، المقول بها قبل موكلي. ولبيان عدم صحة الاتهام، وعدم ثبوت التهم، أوضح بأن الوقائع المنسوبة، جزافاً، لموكلي في قرار الاتهام، لا تتوافر على أصل صحيح من النصوص القانونية المشار إليها في ذلك القرار، بحسبان كونها نصوص إسناد وتجريم.
فبالرجوع إلى تلك النصوص، وهي نصوص المواد 126/2، 133/2، 136 من قانون العقوبات، نجد:
1 - أن النص الأول منها، يندرج ضمن مواد الفصل الثاني من الباب الأول من الكتاب الثاني، الخاص بالجرائم الماسة بأمن الدولة من الخارج، وهي مواد تجرم الأفعال الموصوفة فيها، وتقرر الإعدام كعقوبة عليها، باعتبار أن تلك الأفعال: كالاعتداء على استقلال الجمهورية، إضعاف قوة الدفاع، إعانة العدو، والاتصال غير المشروع بدولة أجنبية، أفعالاً جرمية خطيرة، تمس أمن الدولة في علاقاتها بالدول الأخرى. وهي الأفعال الجرمية المتعارف على تسميتها بجرائم الخيانة العظمى. ومن هنا تشديد العقوبة، بتقرير الإعدام كجزاء، على مرتكبيها. وهذا أمر مفهوم ومبرر تشريعياً، كون أن مرتكبي هذه الأفعال، متجردون من انتمائهم الوطني، لمصلحة دولة أو دول أخرى، معادية في الغالب، لوطنهم وشعبهم.
ولهذا فإن نص الإسناد المذكور ومنطوقه: "يعاقب بالإعدام كل من تعمد ارتكاب فعل بقصد إضعاف القوات المسلحة بأن:... 2 - أذاع أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شأن ذلك كله إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو العمليات الحربية للقوات المسلحة أو إثارة الفزع بين الناس أو إضعاف الروح المعنوية في الشعب..."، لا ينطبق، بتاتاً، على واقعة الاتهام المنسوبة لموكلي –بصرف النظر عن صحتها من عدمها– ولجوء النيابة إلى هذا النص، كنص إسناد في قرار الاتهام، هو ضرب من الاستغفال والاستهتار بالنصوص، وبعقول الناس وحيواتهم. فلإعمال هذا النص يتعين –حتماً– ثبوت تعمد المتهم، مقارفة الفعل المجرم بذات النص 126/ 2 لمصلحة دولة أخرى، معادية لليمن. وهذا ما لم يقل به الاتهام.
وحديث النيابة عن الاستعدادات والعمليات الحربية للقوات المسلحة، في سياق الحديث عن وقائع مزعومة الصلة بشأن محلي -بصرف النظر عن صحة هذه الوقائع من عدمها– يتخالف ومقتضيات حكمة التشريع، ومقاصد المشرع، في نص الإسناد المذكور، وإلى ذلك فهو أمر معيب حقاً!
2 - وأن النص الثاني، وهو نص المادة 133/2 عقوبات، يقرر ما نصه: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 10 سنوات:... 2 - كل من اشترك في عصابة مسلحة هاجمت جماعة من الناس، أو قاومت بالسلاح رجال السلطة العامة المكلفين بتنفيذ القوانين..."، ما يعني أن المفترضات القانونية الواجب توافرها لصحة الادعاء بارتكاب موكلي للواقعة المقرر تجريمها بهذا النص، هي الآتي:
- أن يكون موكلي قد اتفق مع آخرين، على تشكيل عصابة مسلحة في ما بينهم، أو أن يكون قد انضم إلى عصابة مسلحة سبق تشكيلها، في ما بين أفرادها الآخرين.
- أن يكون الغرض من تشكيل تلك العصابة، هو مهاجمة جماعة من الناس، أو مقاومة رجال السلطة العامة، المكلفين بتنفيذ القوانين، بالسلاح.
- أن يكون موكلي قد حاز وحمل سلاحاً، لاستعماله في تحقيق هذا الغرض.
- أن يكون أفراد العصابة المسلحة، المزعومة تلك، قد شملهم قرار الاتهام، وضمنهم موكلي، وقدموا جميعاً للمحاكمة بذات التهمة، وهي تشكيل عصابة مسلحة.
والثابت أن أوراق الاتهام تخلو تماماً من ذكر أي شيء من شأنه الإفادة بثبوت توافر هذه المفترضات. بل إن قرار الاتهام لم ينسب لموكلي الواقعة المجرمة بهذا النص، وإنما نسب إليه واقعة أخرى حددها بالقول: ".. وتحبيذ وتمجيد أفعال عصابة التمرد والعصيان بأنهم مواطنين مظلومين لا يعملون شيئاً سوى الدفاع عن أنفسهم، وقدموا أروع الأمثلة في الشجاعة والتضحية والفداء، وحثهم على الثبات في مواجهة الدولة...".
وهذه الواقعة، الموصوفة في قرار الاتهام، على هذا النحو، وعلى الرغم من عدم ثبوتها أصلاً، لا تصادف –كما تلاحظ عدالة المحكمة– محلاً صحيحاً من مقرر نص الإسناد المذكور، ولا يوجد في القانون أي نص آخر يجرمها، ولذلك، وباعتبار أن مبدأ شرعية الجريمة والعقاب، المنصوص عليه بنص المادة 47 دستور، والمؤكد عليه قانوناً، بنص المادة 2 عقوبات، يقرر أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فإن قرار الاتهام، في هذا الخصوص أيضاً، يكون، والحال كما ذكر، قد أقيم على ما ليس بجرم، وأخطأ في الاستناد إلى نص لا يسوغ هذا الاتهام، مما يوجب على عدالة المحكمة، التقرير بالبراءة، لعدم صحة الاتهام بهذه التهمة.
3 - أما النص الأخير، نص المادة 136 عقوبات، فبالرجوع إليه، نجده جارياً على نحو: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات كل من أذاع أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو أية دعاية مثيرة، وذلك بقصد تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة". وبموجبه، فإن المفترضات القانونية الواجبة التوافر لتسويغ الاتهام بالواقعة الموصوفة بهذا النص، هي:
- أن يكون موكلي قد تعمد (إذاعة) أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة، أو دعاية مثيرة.
- ثبوت أن موكلي قد (أذاع) شيئاً مما ذكر، بنية سيئة، إما لتكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب بين الناس، أو لإلحاق ضرر بالمصلحة العامة.
ومن اللافت، أن النص استعمل لفظة (أذاع) تحديداً، ولم يستعمل ألفاظاً ك: نشر، طبع ووزع، عرض، روج... الخ، وذلك لما تتميز به، (الإذاعة) الأثيرية، على ما عداها من وسائل الإعلام والنشر، من سعة انتشار وتأثير، وبما من شأنه إحداث الآثار الجرمية المحددة بالنص.
والثابت، أن أوراق الاتهام، تخلو كذلك، من أي دليل على توافر هذه المفترضات قبل موكلي، بل إن قرار الاتهام لم ينسب لموكلي الواقعة المجرمة بهذا النص، بل نسب إليه واقعة أخرى حددها بـ"القيام بمهام الجانب الإعلامي –لجماعة التمرد– لتحقيق أهدافهم وأغراضهم بقصد الإضرار بالاستعدادات والعمليات الحربية للقوات المسلحة، وإثارة وإلقاء الرعب بين الناس بما يضر بالمصلحة العامة". وهذه الواقعة، وبصرف النظر عن ثبوتها من عدمه أيضاً، لا تتطابق مع الواقعة، النموذجية، المجرمة بالنص، بحيث يسوغ توجيه التهمة بشأنها، فعبارة: "بقصد الإضرار بالاستعدادات والعمليات الحربية للقوات المسلحة"، المذكورة في آخر قرار الاتهام، هي من مشمولات نص المادة 126/2 السالف بيان خطأ الاستناد إليه، مثلما أن عبارة "أذاع أخباراً ومعلومات مغرضة بأن القوات المسلحة تحركت..." الواردة في صدر القرار، هي كذلك من مشمولات هذا النص، ولا صلة لهاتين العبارتين بنص الإسناد الثالث، سالف الذكر، ولكن بسبب عوز النيابة للحجة، وافتقارها لأي وقائع مسوغة للاتهام، عمدت إلى خلط الوقائع، المقول بها من قبلها، بدلاً من تفريدها، على وفق ما يقتضيه مقرر النص في المادة 222 إ.ج، لغرض الإيهام بأن ثمة وقائع جرمية قد قورفت من قبل موكلي، توهماً بأن من شأن ذلك الخلط العجيب، للوقائع والنصوص، في قرار الاتهام، التأثير على عدالة المحكمة، واستحصال حكمٍ بالإدانة، بهذه الواقعة أو تلك، وبالاستناد إلى هذا النص أو ذاك، والتغطية على البطلان المريع للمبنى الإجرائي للاتهام، المعروض قبلاً.
لذلك، وعلى الرغم من ثقتنا بأن عدالة المحكمة الموقرة، أفطن من أن تؤخذ بالإيهام، إلا أننا، لمزيد من الإيضاح، بشأن تهافت الاتهام، وبتلفيق التهم، نلفت عناية عدالة المحكمة الموقرة إلى أنه، حتى لو افترضنا جدلاً، أن الوقائع المشار إليها في قرار الاتهام، تمثل، فعلاً، وقائع جرمية مقررة بنصوص الإسناد تلك، فإن براءة موكلي الأستاذ محمد المقالح، تظل مع هذا الافتراض، وعلى الرغم منه، ثابتة، كيقين أصل البراءة ذاته. ذلك أن النص في المادة 221 إ.ج، لا يجيز إقامة الاتهام، قبل أي كان، إلا إذا وجدت أدلة مرجحة للإدانة، وهو ما لا يتوافر قبل موكلي المذكور، بالنظر إلى أن كل ما تحصل لدى النيابة، تحت وصف أدلة الإثبات، من أقوال، مقول بأنها اعترافات في محاضر جمع الاستدلالات، ومحادثات هاتفية، وعبارات مجتزأة ومنتقاة، وناتجة عن قراءة اعتسافية لمقالات صحفية، منسوبة لموكلي، لا تصلح، مطلقاً، لأن تكون دليلاً مسوغاً للاتهام، بأي حال، وذلك حتى مع افتراض –لأغراض الجدل– انتفاء البطلان الإجرائي، وبأن كل ما تحصل، لدى النيابة بحسبان كونه أدلة إثبات، قد تحصل بالإجراءات المحددة قانوناً، فرضاً، وذلك باعتبار الآتي:
1 - ما وصفته النيابة بـ"اعترافات المتهم محمد المقالح في محاضر جمع الاستدلالات"، ومع أنه ليس في كل ما جاء تحت هذا الوصف، شيء من شأنه الإفادة بحصول الإعتراف، على وفق ما تشترطه المواد 78 وما بعدها، من قانون الإثبات، في الاعتراف/الإقرار، المعتد به، كدليل منتج في الدعوى عموماً، ناهيكم عما يشترطه القانون، فوق ذلك، في الاعتراف الذي يمكن الأخذ به كدليل في المواد الجزائية، خصوصاً، فإن محاضر جمع الاستدلالات، المشار إليها، كمصدر للاعتراف المزعوم، تخلو من أي إمضاء أو بصمة لموكلي، بما يفيد مصادقته على الأقوال المنسوب صدورها عنه، في تلك المحاضر. وهو ما يلغي أي إمكانية للاحتجاج بها في مواجهته.
2 - ما استشهدت به النيابة مما قدم تحت وصف "التسجيلات والمحادثات الهاتفية" من أقوال منسوبة لموكلي، هو أمر لا يعدو كونه محض تواصل مهني بين موكلي والمذكورين، في الفقرة ثانياً، مما أسمي بـ"قائمة أدلة الإثبات"، حتمته واجباته المهنية كصحفي، يرأس تحرير موقع الاشتراكي نت، على شبكة الإنترنت، وله، بوصفه هذا، كافة الحقوق المكفولة دستورياً، والمؤكد عليها قانوناً، بنصوص المواد 13 وما بعدها من قانون الصحافة النافذ، ومن ذلك على الخصوص، حقه في الحصول على المعلومات والأخبار والبيانات، والإحصائيات، من مصادرها (المادة 14 صحافة)، بل ولكونه ملزماً –طبقاً لنص المادة 23 من ذات القانون– بنقل تلك الأخبار والمعلومات... إلى الجماهير، وإيصالها السريع وعدم حجبها. وليس في كل المحادثات الهاتفية، المقول بها تلك، ما يصلح لأن يكون دليلاً على صحة الاتهام باشتراك موكلي الأستاذ محمد المقالح في عصابة مسلحة، فكل ما حوته تسجيلات المحادثات الهاتفية المنسوبة له، اقتصر على دوره كصحفي، وعلى قيامه بواجباته ووفائه بالتزاماته المهنية تلك. وتوجيه النيابة الاتهام لموكلي بواقعة الاشتراك في عصابة مسلحة يقودها عبدالملك الحوثي، هو أمر لا يستقيم في منطق العقل والقانون معاً، إلا إذا توافرت كافة المفترضات القانونية، المنصوص عليها بنص الإسناد ذاته (133/2 عقوبات)، ومن ذلك، أن يشمل الاتهام بهذه الواقعة، القائد المزعوم هذا، حسبما بيناه آنفاً. أما بالنسبة للمحادثة الهاتفية المقول بأنها تمت بين موكلي والكاتب الصحفي عبدالكريم الخيواني، فهي مع افتراض صحتها أصلاً، لا تتضمن سوى إبداء الرأي من قبل موكلي بشأن قضية عامة، وباعتباره معنياً، أساساً، بالشأن العام. هذا مع العلم بأن الكاتب الصحفي الأستاذ عبدالكريم الخيواني، كان قد قدم في../../....، للمحاكمة بتهمة الاشتراك في عصابة مسلحة بقصد القتل أو التخريب أو الإتلاف... الخ، وبحسبان أن المحادثة الهاتفية المستند إليها في أوراق الاتهام، هذه، نفسها، دليل على صحة ذلك الاتهام. ولو أن الأمر كان كذلك فعلاً، أي لو كان احتجاج النيابة بهذه المحادثة الهاتفية، كدليل على الواقعة المدعى بها من قبلها، تجاه الأستاذ عبدالكريم الخيواني، وهي واقعة الاشتراك في عصابة مسلحة، صحيحاً جدلاً، لكانت المحكمة قد أقامت الدعوى الجزائية على موكلي الأستاذ محمد المقالح، في حينه، إعمالاً لنص المادة 32 إ.ج، الجاري على نحو: "إذا رأت المحكمة الابتدائية في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم، أو وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم، أو أن هناك جريمة مرتبطة بالتهمة المعروضة أمامها، فعليها أن تحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الثالث من الكتاب الثاني من هذا القانون". (ونقدم، لعدالة المحكمة، صورة من قائمة أدلة الإثبات في تلك الدعوى للاستدلال بها على ما ذكر)، بل ولتعين ذلك، على النيابة نفسها، من باب أولى. ولكن، لأنه ليس في مضمون تلك المحادثة ما يمكن الأخذ به كدليل على الواقعة، المقول بها تلك، أي واقعة الاشتراك في عصابة مسلحة، فقد سكتت النيابة، ومن ثم المحكمة، عن إثارة أي اتهام، قبل موكلي بشأن ذات الواقعة في حينه. ولجوء النيابة إلى تلك المحادثة الهاتفية الآن، بعد انقضاء حوالي سنتين ونصف من تاريخها، المفترض، هو أمر، ليس له من معنى سوى تأكيد عوز الحجة، والحاجة إلى التلفيق.
3 - ما أوردته النيابة، في الفقرة (ثالثاً) مما أسمته بـ"قائمة أدلة الإثبات" تحت وصف "المستندات" بحسبان كونه أدلة على مقارفة موكلي للواقعة المجرمة بنص المادة 136 عقوبات، وهي إذاعة أخبار أو معلومات أو بيانات كاذبة أو مغرضة، أو دعاية مثيرة، بقصد تكدير الأمن العام، أو إلقاء الرعب بين الناس، أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة، هو عبارة عن مجموعة مقالات صحفية، كتبها ونشرها الأستاذ محمد المقالح، في موقع الاشتراكي نت، عمدت النيابة، بنية سيئة ومغرضة، إلى تكييفها بأنها (إذاعة) أخبار، إذ تذكر ما نصه حرفياً: "1 - أذاع خبراً بعنوان "حق الصحافة في تناول القوات المسلحة" نشره المتهم في موقع الاشتراكي نت بتاريخ 29/3/2006،...، 2 - أذاع خبراً بعنوان "أيها الحوثيون.. من أنتم؟" نشره في موقع الاشتراكي نت بتاريخ 1 فبراير 2007،...، 3 - أذاع خبراً بعنوان "ضحايا الصورة في ضحيان وضواحيها"...، 4 - أذاع خبراً بعنوان "استعادة الجمهورية أولاً"...، 5 - أذاع خطاباً في الاعتصام الذي أقيم أمام مجلس الوزراء تحت عنوان "التضامن مع أهالي وأسر المحتجزين من عناصر الحوثيين"..."!
وتلك، كما تلاحظ عدالة المحكمة، مجرد مقالات تحليلية، تتضمن رأي الكاتب في المواضيع المتناولة بها، وتأتي ضمن حرية الرأي وحق التعبير عنه، وهو حق مكفول دستورياً، بنص المادة 42، ومؤكد عليه قانوناً، بنصوص قانون الصحافة النافذ، وكل الآراء المعبر عنها في تلك المقالات تندرج في إطار استعمال هذا الحق، دون أدنى تعسف في استعماله. ومضمونها تحليل الكاتب/ المتهم لمعلومات وأخبار متداولة إعلامياً، داخلياً وخارجياً، وليس فيها أي أخبار أو معلومات أو بيانات مذاعة من قبله بوصفه مصدراً لها. ف"حق الصحافة في تناول القوات المسلحة" ليس خبراً بل رأي ووجهة نظر، و"أيها الحوثيون.. من أنتم؟" ليس خبراً بل سؤال وتحليل، وهذا هو الحال بالنسبة لباقي المقالات. ولا يجوز أن تكون الآراء المعبر عنها في تلك المقالات محلاً لمساءلة الكاتب طبقاً لنص المادة 13 من قانون الصحافة. وما يهم هنا هو أن النيابة لم تكن أمينة، لا في التكييف، ولا في نقل الفقرات، المستشهد بها من قبلها. إذ تعمدت قراءة نصوص المقالات بطريقة (اعتسافية)! ولعدالة المحكمة أن تلاحظ أن النيابة استعملت لفظة (أذاع) بسوء قصد، على خلاف الحقيقة، وتعمدت، بسوء نية، الخلط بين الخبر والتحليل، معتبرةً أن التحليل خبر، بل وفي حين أنها تنسب للمتهم في قرار الاتهام، فعل: "تحبيذ وتمجيد أفعال عصابة التمرد والعصيان بأنهم مواطنين مظلومين لا يعملون شيئاً سوى الدفاع عن أنفسهم"! تورد في البند 2 من الفقرة ثالثاً من قائمة أدلة الإثبات، نصاً مقتبساً من مقالة الكاتب/ المتهم على النحو الآتي: "لم يعد يكفي، وبعد 4 سنوات من الحرب والتوتر في صعدة، أن يطرح البعض من أتباع حسين بدر الدين الحوثي أنهم مجرد مواطنين مظلومين، وأنهم لا يعملون شيئاً سوى الدفاع عن أنفسهم ومعتقداتهم..."، كما أنها لم تنقل ما قاله الكاتب في ذات المقالة (أيها الحوثيون.. من أنتم؟)، بما نصه: "في أول مهرجان انتخابي لرئيس الجمهورية دعا فيه عبدالملك الحوثي وعبدالله عيضة الرزامي إلى النزول من الجبال وتشكيل حزب سياسي ضمن الدستور والقانون، وقبل 3 أيام دعا الرئيس عبدالملك الحوثي إلى تسليم الأسلحة الثقيلة لأتباعه، وأنا شخصياً مع الرئيس في الدعوتين، ولكن بدون وعد ووعيد، بل إنني أدعو إلى تسليم الأسلحة الخفيفة أيضاً...، ما يهمني، وسيظل يهمني هو الحرب في صعدة وضرورة إيقاف نافورة الدم المسكوب هناك. وهي مسؤولية الدولة والسلطة وكل المعنيين بحفظ دماء الناس وأرواحهم، ومن ضمنهم من يطلق عليهم الناس اليوم تسمية الحوثيون...". هذا فضلاً عن أن الخطاب المذكور في البند 5 من قائمة أدلة الإثبات، المقول بأنه خطاب للكاتب/ المتهم، ألقاه في اعتصام أقيم أمام مجلس الوزراء، ليس له أصل ثابت في الأوراق، وما قدم بخصوصه، ليس سوى تقرير من مخبر، مجهول الاسم، ولا يعتد به قانوناً.
عدالة المحكمة الموقرة:
إن ممثل الدفاع، وقد أبان مختلف جوانب البطلان والبهتان الحائق بالاتهام القائم تجاه موكله، على النحو الوارد آنفاً، فإن داعيه إلى كل ذلك لم يتأتَّ من شبهة قائمة تجاه موكله، وإنما من التعسف والجور والظلم والشطط الذي داخل هذا الاتهام، وكذا مما أجهدت النيابة، في محاولة الإيهام بحصوله، خلافاً لحقائق الواقع في الدعوى، وصحيح النص في القانون. ولا يجد حرجاً في التذكير بأن شرعية التجريم والعقاب تقتضي إنزال العقوبة على من يستحقها وبمن هو جدير بها، باعتبار أن العقوبة تهذيب وإصلاح، وتقويم لسلوك جرمي وميل منحرف، وقد قيل أن يفلت مجرم من العقاب، أهون ألف مرة من أن يدان بريء. وموكلي بريء من كل ما نسب إليه، جزافاً واعتباطاً، في قرار الاتهام، إذ لم تتأثم يده أو لسانه بأي جرم، على نحو ما أوضحناه. وأما اتهامه، على هذا النحو من سبق الإصرار والترصد (انتهاك حرمة حياته الخاصة، وتقييد حريته الشخصية خلافاً للقانون، على نحو ما سلف بيانه، ومعاملته خلال ذلك وبعده كمدان لا تثبت براءته) إلا لكونه صاحب رأي، لا تتفق آراؤه وهوى المتحكمين بالأمر في هذا البلد.
ولكل ما سلف بيانه، نلتمس من عدالة المحكمة الآتي:
- بصفة أصلية: التقرير ببطلان قرار الاتهام لبطلان مبناه الإجرائي.
- وبصفة احتياطية: التقرير بالبراءة لعدم صحة وثبوت وقائع الاتهام.
وفقكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
المحامي هائل سلام الرفيد
22 فبراير 2010
صنعاء – اليمن
*************
هائل سلام في بلاغ صحفي:
محمد المقالح أبلغني قراره مقاطعة المحكمة، وهذا هو السبب الوحيد لعدم حضوري جلسة 32 فبراير
في يوم 30/1/2010م، تلقيت اتصالاً من شخص قال لي أنه عضو النيابة الجزائية المتخصصة، وطلب مني الحضور في اليوم التالي إلى النيابة كون أن محمد المقالح قد وكلني للدفاع عنه، فسألته وأين هو محمد المقالح (بالنظر إلى أن ما كان معروف عنه هو أنه أختفى من فترة طويلة)؟ فقال هو عندنا في النيابة: فأبلغته بأني أقبل الدفاع عنه في المحكمة.
وفي يوم 8/2/2010م، جاء إلى مكتبي معلن النيابة الجزائية وسلمني مذكرة صادرة عن وكيل النيابة، مضمونها: (الأخ الأستاذ المحامي/ هائل سلام تحية طيبة وبعد نأمل حضور جلسة المحكمة يوم الثلاثاء الموافق 9/2/2010م، مع موكلكم محمد محمد محمد الحكيم المقالح الذي وكلكم في جلسة التحقيق والمحكمة. وتقبلوا تحياتنا) وحضرت جلسة المحكمة في اليوم المشار إليه في المذكرة، وباعتبار أن تلك الجلسة كانت أول جلسة لحضوري، طلبت منحي فرصة للإطلاع وتمكيني من تصوير أوراق الدعوى. وأجلت الجلسة إلى يوم 23/2/2010م، وبالفعل أستلمت من المحكمة صورة من ملف القضية، وبعد الإطلاع، أعددت خطة دفاع، على أن أقدم دفاعي شفاهة في الجلسة. وفي يوم 22/2/2010م، أبلغت من قبل أحد أفراد أسرة الأستاذ/ محمد المقالح، بأن الأستاذ/ محمد يرغب في مقاطعة المحكمة وعدم الإعتراف بشرعية المحاكمة، بناءً على مقترح كان عرض عليه، بواسطة أسرته من قبل عدد من الزملاء المحامين. وأبلغني أنه مريض وحالته الصحية سيئة للغاية. فطلبت، في اليوم التالي، من النيابة السماح لي بزيارته في محبسه، وسمح لي بزيارته. ووجدته، في حالٍ جيدة، فأستفسرت منه عن ما بلغني بشأن مقاطعة المحكمة، فأجاب بأن ذلك فعلاً هو رغبته وقراره، وأنه هو من سيدفع ثمن موقفه هذا. فأجبته بأن ذلك من حقه فعلاً، وهو من يعاني، ويتحمل النتائج، وهو الوحيد من يحق له التقرير في هذا الخصوص، وطلبت منه أن يبين للمحكمة فقط أنه هو من أوكل لي مهمة الدفاع عنه وهو الذي قرر مقاطعة المحكمة وهو حر في ما يراه. وعليه فإن عدم حضوري جلسة المحكمة المنعقدة بتاريخ 23/2/2010م، والجلسات التي ستلي تلك الجلسة، هو لهذا السبب، وليس لأي سبب آخر، وحتى لا يفسر عدم حضوري أنه موقف مني، بعد إطلاعي على أوراق الدعوى، ورفض الدفاع عنه لسبب يعود إلى موقفه في القضية، أو لتوافر ما يرجح إدانته بالتهم القائمة تجاهه، لزم هذا التصريح، رفعاً لأي إلتباس أو سوء فهم، وإلتزاماً بواجب مهني.
والله من وراء القصد،،،،
هائل سلام (المحامي)
صنعاء في 23/2/2010م

إقرأ أيضاً