صنعاء 19C امطار خفيفة

مدينة يختزلها بانوراما

2010-01-12
مدينة يختزلها بانوراما
مدينة يختزلها بانوراما
*تيسير محمد
3 إيحاءات كافية لتستشعر آهات مدينة مسها الضنك، وينحدر مخزون صبرها، وتنذر بإقلاعها عن رمي الزهور في وجه الزائرين.
عدن اليوم حلم يتآكل، ومدينة الأمس لا تزدريك وتغازلك وترشقك بشمراخ كاذي مرقي بالسحر فتهيم بها وتتيه في غابة جدائلها.
مدينة لا يعنيها مسقط رأسك ولون جلدك وزمرة دمك وعروق التصريف!
أرض تستقبلك برذاذ موجة تطهرك من رجس القبيلة، وتعتقك من هاجس تابوت يتربص بمحددات الجغرافيا.
ومدينة بلا قناع وسافرة باحتشام تجبرك لتصيخ لحفيف نخيلها، ووقوقة البجع، وزمجرة الموج المتشظي على الصخور.
وكالبلور اختزل بنوراما لي مشهد مدينة، عامين مضيا على آخر زيارة لها:
يترقرق الماء في شاطئ الغدير كالعهن المنفوش، وتقتعد على إحدى الصخور فتاة تداعب ساقيها الموجات، غير معنية ببلل بنطالها الجنز المنحسر عن ساقين بضين، وانشغلت بالموبايل تهاتف آخر تثنيه عن قصد شاطئ مكظوظ بمصطافين شماليين جلبتهم عطلة عيد الأضحى المنصرم.
سفورها جسر عبور أوصلني إلى فتاة تندب هوية سحقتها بيادات حرب صيف 94، وتبكي منولوج عدنياً صادرته جنبية (وقبع) قبيلي!
في حديقة الشيخ عثمان ارتفعت وتيرة البانوراما، وأفصحت امرأة أخفق ابنها عن استباق مكان له في السفينة اللعبة يتعهدها عامل تعزي، عن التحاقها بمذهب سفر العودة.. مُصاغ من غلاة قديسي الحراك الجنوبي، وتغور بتهويمات تمايز جيني تصطفي الجنوبيين عن مواليد الشمال، يسيرون بلا كوابح في اتجاه عكسي للنظام والتراتيب، وتواجدهم في أرض الجنوب –المحرمة- في المكان الخطأ عليهم المغادرة.
غطرسة وتعامي النظام عن الحقوق المطلبية أفضى بأحد مرشدي صهاريج عدن التاريخية لاختلاق أكذوبة امتلائها بالماء قبل الوحدة، وتواجد فيها السمك!
يتمرد الحراك الجنوبي عن الانضباط على إيقاع موحد، ويستعصي شد الأنشوطة على عقد يتناثر منه كبسولات تفجير أعمى تحشر الجغرافيا في سلة المطالب، وتوعد الحراك عدن بالزحف عليها غداة ال30 من نوفمبر، كاد أن يفضي إلى صدام عرقي رهيب –أفشلته السلطة– تزامن مع اصطياف أزيد من نصف مليون من عموم الوطن، من الوارد تدحرج تلك الكبسولات إليه وإشعال الفتيل.
بمعزول عن الهم والقوارح وركام الجثامين والقرف العام، لوعكة عدن صدى يزوينا في هاجس مغادرة موئل العشق خارطة الوطن الكبير، لا نحسن ظن المآل.. آنئذ لا يجدي جنزير دبابة ولا كفاح مسلح.

إقرأ أيضاً