مازالت تشرق كل صباح*
-أحمد الشلفي
قرأت مقالك الرائع.
وفي الطريق إلى شمس الكلمة التي تحدثت عنها وجدتني أشرق من جديد باحثا عن معنى لحياة النور والضوء.
أشعر كل صباح أن العالم يحتاج إلى من يربت على كتفه بحنان.. وهكذا أشعر أننا نحتاج لشخص يقول لنا أحسنتم.
قد يكون من الصعب إقناع الجميع بأخلاقية ما نعمل وصدقيتنا تجاههم وتجاه قضايا الوطن.
لا أقول كل الناس… ولكن لا أحد سينكر أن الدعاية تواصل مهمتها في تزييف الحقائق وكل شيء؟
أفهم لماذا لا يستطيع البعض تخيل فكرة أن نكون شرفاء وجادين بهذا السقف من الحرية الذي مازال يربك العالم..
ولكن يكفي أنني أتأكد يوميا أن مهمة تحرير المعلومة ونقل الحقيقة إلى الناس جميعا مهمة رسالية وشريفة، وأنها وحدها كفيلة بتخليصنا من الضيم.
إنني أرى ذلك وأرصده في عشرات القصص التي ينتجها الصحفيون الرائعون في أي مكان من هذا العالم، وهم يبحثون عن البسطاء، ويعبرون عن صوتهم المختفي خلف ركام الظلم.
أراها في تلك الأخبار التي ندفع الكثير من روحنا في البحث عنها لتقديمها إليهم.
وأدرك كم هو مهم أن يعرفوا كل شيء دون القول إن هذا الخبر من المناسب نشره اليوم أم لا.
احترام عقول البشر ومنحهم الحرية في تلقي المعلومة وتقرير مواقفهم تجاهها دون إملاءات هو مهمة إنسانية تعيد للعقل الإنساني كرامته.. تعرف وأعرف من يخاف منها ومن يجفل من انتشارها.
أي فتنة في معرفة الحقيقة؟
الفتنة الحقيقية في التضليل.. في ترك الناس ينامون على قنابل موقوتة من الكذب.. تستمر سنوات وسنوات ليغرقوا فيما بعد في وحل ما اعتقدوا أنهم أمنوه.
هل علينا إقناع كل فرد بنزاهة ما نعمل؟
أعرف فقط أن واجبنا الاستمرار في تحرير المعلومة التي تفتح نوافذ البقاء وتزيل ما تراكم من غبار أزمنة الظلم والتزييف.
مهمة الحقيقة في كل زمان ومكان مهمة نبيلة يخشاها فقط من يرى فيها الضرر.
أما أنا وأنت.. أمي وأمك.. ريفنا الصغير.. وبائعة المناديل الصغيرة في جولة الرويشان، والمرأة المصابة بالسرطان التي كتب عنها موقع مأرب برس، والمعسرون الذين ساعدهم علي الضبيبي في صحيفة النداء وغيرهم كثير.. من حقهم أن يقرروا بما منحوا من عقل كيف يعيشون؟
هل تذكر ما فعله أبناء الجعاشن المهجرون.. لقد خرج العشرات مع نسائهم وأطفالهم من ديارهم.. جاؤوا إلى هنا إلى صنعاء.. رفعوا اللافتات وقالوا لنا جميعا نحن مظلومون.. ظلمنا شخص واحد.. سمعهم البعض، والبعض الآخر قال لنفسه كلاما كثيرا عن صورتنا أمام العالم.. ثم جاء من قال لنا بعد ذلك إنهم كاذبون ورجعوا إلى ديارهم مخذولين بما سمعوه عن حرية الفرد وحقه في العيش الآمن في وطنه.
أتعرف ماذا قيل لنا في ذلك الوقت؟
قيل لنا إن نقل معاناتهم خيانة وطنية عظمى، وهي نفسها التهمة التي تدور وتدور مهما كان السبب ومهما كان الحدث.
هناك من لا يريد لأهل الجعاشن ولجميع الناس أن يأخذوا حقهم خوفا من الفضيحة..
أتساءل هل هناك فضيحة أكبر من أن تعيش مهانا في بلدك؟
هناك من لا يريد أن يسمع الناس حقيقة مظلمتهم.. إنهم حجاب الحقيقة.. وحجاب شمس الكلمة.
الحقيقة طريق الحرية.. حرية الحياة التي يريد الظالمون حرماننا منها.
أشكرك؛ شمسك الدافئة يا سيدي.. منحتني الدفء والنور.
كم شمس ستشرق، لكن شمس الحرية لا تشرق سوى مرة واحدة..
* الإهداء: إلى أحمد عثمان الذي كتب عن شمس الكلمة
مازالت تشرق كل صباح
2009-11-16