صنعاء 19C امطار خفيفة

القضاء وتحدي التكنولوجيا!

2008-06-26
القضاء وتحدي التكنولوجيا!
القضاء وتحدي التكنولوجيا! - سامي غالب
القضاء حيث يضع نفسه. واليمنيون في مسيس حاجة إلى قضاء يراعي الحد الأدنى من الضمانات التي يكفلها الدستور للمواطنين، حتى لا تكون فتنة، فيخرج مسؤولُ في السلطة القضائية شاهراً غضبه على صحافة لا تبجِّل رجال العدالة.
بعد ساعات من جلسة النطق بالحكم في قضية الزميل عبدالكريم الخيواني، بادرت منظمات حقوقية وصحفية مشهود لها بالموضوعية والاتزان إلى نقد القضاء اليمني، حد وصفه بـ«قضاء التعليمات». ذلك لأن القاضي الذي نظر على مدى عام في القضية التفت عن الجهد المبذول من الدفاع، وطوَّح بكل الضمانات الدستورية والقانونية التي تحمي المواطنين من بطش السلطة التنفيذية.
في اليوم التالي تقدمت نقابة الصحفيين بمذكرة إلى النائب العام تطلب الافراج عن الخيواني لأن الحكم الصادر ليس نهائياً، ولأن هيئة الدفاع قيدت في محضر جلسة النطق بالحكم استئنافها، ولأن الخيواني كان مفرجاً عنه عند النطق بالحكم، بقرار من المحكمة ذاتها تم تأييده من الإستئناف.
بعد 13 يوماً أوضح النائب العام للنقابة بأن الحكم مشمول بالنفاذ المعجل، وليس في وسعه فعل شيء، فالموضوع بات في سلطة الشعبة الاستئنافية.
ولأن ما ذكره النائب العام عصي على التصديق، فقد بادر بتسليم النقابة صورة من محضر الجلسة، وفيه تظهر فقرة إضافية تحمل الرقم 17، تنص على إعادة جميع المتهمين المفرج عنهم بالضمان إلى السجن لشمولية الحكم بالنفاذ المعجل.
في 9 يونيو، كانت كل الأنظار مصوبة على القاضي الذي نطق بالحكم. كانت القاعة تكتظ بالحقوقيين والصحفيين والأدباء والسياسيين. وكانت المكرفونات شديدة الدقة تتزاحم على منصته، تلتقط أنفاسه قبل منطوق حكمه.
لم يسمع أحد في القاعة أية إشارة إلى نفاذ معجل، ولم تلتقط المكرفونات وكاميرات التصوير التي غطت الجلسة ووثقتها، أي حرف من حروف الفقرة 17. وليس بوسع أي متحاذق أن يشكَّك بموضوعية المكرفونات وعدسات التصوير التي رصدت بدقة شفاه القاضي وهو يتلو منطوق حكمه.
بالنسبة لي شخصياً، فإن مسؤولاً في النيابة الجزائية المتخصصة لم يجادلني بعد النطق بالحكم ومسارعة وكيل النيابة إلى تنفيذه، في أن الحكم ليس مشمولاً بالنفاذ المعجل. ورداً على محاججتي له بعدم جواز تنفيذ الحكم، تفضل موضحاً بأن أحكام المحكمة الجزائية المتخصصة مشمولة بالنفاذ المعجل حتى إذا لم ينص الحكم على ذلك، عازياً ذلك إلى نص قانوني لم أجد إليه سبيلاً.
كل هذا التنكيل بأجهزة القضاء، وكل هذه العمليات الجراحية في جسد القانون، من أجل حبس صحفي! ألا يتوافر القضاء اليمني على الكفاءة اللازمة لأن يكون بحق «قضاء تعليمات»؟!
هل يحتاج بعض منتسبي السلطة القضائية إلى دورات خارجية لتحسين مهاراتهم في تنفيذ التعليمات، حتى لانغادر منطقة «قضاء التعليمات» إلى منطقة «قضاء العمليات»، الجراحية والميدانية؟ لماذا يتعالى رجال العدالة على الاجراءات والشكليات لكأنهم أعضاء في منظمة ثورية استولت للتو على الحكم، وراحت تنصب المحاكم الميدانية لخصومها؟
Hide Mail

إقرأ أيضاً