صنعاء 19C امطار خفيفة

جعار الإمارة أم المستقبل/ المقتل؟ (2-2)

2008-04-26
جعار الإمارة أم المستقبل/ المقتل؟ (2-2)
جعار الإمارة أم المستقبل/ المقتل؟ (2-2) - منصور هائل
انسجاماً مع التعريف الحرفي المباشر الذي يقول إن الواقع هو ما يقع، أوبالأحرى ما يسقط من فوق إلى تحت، أو من الاعلى إلى الأسفل، فإن «الواقع» اليمني سيمتنع على التعريف إذا لم ينظر اليه في انحداره وبما هو «ساقط» بامتياز.
وعلى ذلك يغدو الإقرار بأن مدينة جعار هي اليمن، واليمن هي جعار، ضرباً من الاستجابة لمنطق واقع «الوحدة» القائمة على الشقاء والإلغاء.
 إنه الواقع. وتبعاً لذلك لا بأس من الاقرار- ايضاً- بأن الميليشيات التي تتوزع مدينة جعار كمناطق نفوذ وتتنازعها كمربعات تناحر واغتنام وانتهاب، بترجمة عارية لاقتصاد المافيات والإتاوات ومنزهة من صفات القداسة و«الجهاد»، ليست خصوصية جعارية.
فهي (أي تلك الميليشيات) لم تأت من كوكب آخر، ولا يمكن اختزالها بالإحالة على «المجاهدين» ومشتقات الجهاد، وعلى العائدين من أفغانستان أو الخارجين من معطف الفرقة الأولى مدرع، أو العائدين من العراق.
وسيكون من قبيل الخفة والابتذال تأويل حالة جعار، الميليشياوية، تحت ضغط التصور القائل بأجيال جهادية متنوعة ومتصارعة، أو بأجيال داجنه مستوعبة في أجهزة السلطة ومراكز القوى، وأخرى مقيمة في منطقة المراوحة المريحة، التي تسمح لها تارة بمنازلة السلطة وأخرى بمؤازرتها، وثالثة راديكالية قتالية تنتمي لموجة العائدين من بلاد الرافدين، وتقنيات الجهاد في العراق.
ربما كان ذلك جزءاً من «الواقع» أو علامة تشير إلى أن مدينة جعار كانت منصة تصديرية كبرى للمجاهدين الذين رحلوا إلى العراق. ولكن ذلك لا يعطي معظم مساحة «الواقع». وبمعنى أن تغوينا حالتها الميليشياوية السافرة بفصلها عن معظم أرجاء البلاد التي ترزح تحت القبضة إياها وإن على تفاوت.
ذلك لأن الذهنية الميليشياوية هي السائدة والمتفاقمة، وهي «النظام»، بشتى مظاهرها وعناصرها، وهي مدعومة بشواهد التفكك والعنف المتفلت وغير العقلاني، ومدعومة بالطابع الميليشياوي الذي يحكم ممارسات السياسة والساسة والاجهزة، ويحكم النظر إلى «الدولة» كموضوع للاغتنام والسرقة وكذا النظر إلى ممتلكات «الدولة» وإلى الوظيفة العامة والثروات الوطنية. وتتفشى الميليشاوية تحت الضوء المعتم للذهنية العشائرية القبلية الطائفية «الجهادية» التي تنتمي لعالم ما قبل العصر والدولة.
من هنا كانت جعار هي اليمن واليمن معطوفة على جعار. وربما كنا ميليشيا، من غير أن نقصد أو أن نعي.
mansoorhaelMail

إقرأ أيضاً