صنعاء 19C امطار خفيفة

مهجرو الجعاشن يهتفون يومياً: «وين اللجنة يا نواب شهرين واقفين على الباب»

2008-03-27
مهجرو الجعاشن يهتفون يومياً: «وين اللجنة يا نواب شهرين واقفين على الباب»
- «النداء»
صباحي الأحد والاثنين الفائتين، علا الدخان بوابة البرلمان، كما علت هتافات الجعاشنة المعتصمين مخترقة حراسة المجلس والبوابه الموصدة لقاعة الجلسة.
وإذ ينبعث الدخان من الخارج وليس دخان المعركة التي دارت بين يحيى الراعي وصخر الوجيه، لكنه من ملابس، رجالاً ونساءً التي أحرقوها دون أن يحصلوا على أدنى تعاطف من البرلمانيين.
فمنذ أكثر من شهر تقريباً، وأبناء العنسيين مخيمون في منتدى الإعلاميات في صنعاء بعد أن هُجِّروا من موطنهم. ويواصل هؤلاء اعتصاماتهم أمام بوابة البرلمان في احتجاجاتهم الاخيرة التي استأنفوها فور انتهاء الاجازة البرلمانية وشاركت فيها نساؤهم، هتفوا بأصوات جماعية ملفوفة بالأسى قائلين: «وين اللجنة يا نَّواب شهرين واقفين على الباب».
نهاية الشهر الماضي كلّف المجلس لجنة من ثلاثة نواب هم: « سلطان العتواني، عبدالعزيز جباري، ناصر عرمان» بالاستماع إلى «شكوى أهالي عزلة العنسيين بمحافظة إب». وقد لخصت اللجنة ذلك في استمرار الممارسات غير القانونية عليهم من قبل الشيخ محمد أحمد منصور والتي تتمثل في «فرض الجبايات وتحصيل الواجبات وبمبالغ باهضة حتى من غير المكلفين بها شرعاً» إضافة إلى «نهب أراضيهم وسجنهم واستخدامه أطقماً عسكرية تعمل على ترويعهم، وليس هناك من يلجأون إليه من مسؤولي المديرية». ورفعت اللجنة ما سمعته من شكوى إلى رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، مشيرة إلى أنها لم تجد اختلافاً بين مشكلتهم وشكوى عزلتي الصفه والرعاش التي «نظر فيها المجلس سابقاً وخرج بتوصيات إلى الحكومة».
وقد اقترحت على رئيس المجلس توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة كي يلزم محافظ إب بتوصياتهم وعدم تدخل الشيخ في شؤون الدولة. لكن هؤلاء المشردين لم يروا حتى الآن أي حل، وما يزالون يرددون عبارتهم المسجوعة والموجهة ليحيى الراعي قائلين: «يا راعي إرعى الذِّمة بن منصور شرَّد أمه».
وعندما يمر من أمامهم أعضاء المجلس يصرخون بكلمات معبرة : «يا مجلسنا يا أحرار ارفعوا عنًّا الحصار» ويتبعونها مباشرة ب:«يا مجلسنا يا نواب أين هي حقوق الانسان». فيجيبهم نواب قائلين: «وانتم اقتلوه وباسلوا بواحد منكم»، وفقاً للمعتصمين. إلا أنهم مصرون على مواصلة اعتصاماتهم السلمية.
مطلع الاسبوع الماضي تسربت مجموعة من النساء الجعشنيات إلى صنعاء بعد ثلاث رحلات ظلت ل14 يوماً كانت الرحلة الأولى إلى رعاش ثم إلى إب وفي طريقهم اعترضهم «عساكر الشيخ». يقول صلاح أحمد مهيوب، الذي كان يرافقهن: «شورو لناالعسكر باب مديرية ذو السفال ويشتوا يضاربوا وقالو: روحوا البيت هولا كذابات ومجنونات».
عجوز تسعينية على رأس النازحات من النساء، هي «سعيدة قائد» التي تشكو من الشيخ قائلة تقف : «أمراض ومهتانين وهو يدي عسكر إلى فوقنا بالسلاح ولو تخابر قالوا: لموه وكسروا الرباع حق البيبان».
هربت العَّمة سعيدة لتنقذ نفسها وأولاد أخيها الذين وتصف حالتهم قائلة: «أخذوا عليَّ بقرة والكسب وذبحو الكباش العسكر واتغذوه وجالسين يكاردو (يطاردوا) عيال أخي».
تقيم العمة سعيدة في مخيم اقامته منظمة «صحفيات بلا قيود» لإيواء مهجرات الجعاشن وأولادهن إلى جانب 6 أسر أخرى.
وأعلنت منظمة بلا قيود في بلاغ صحفي لها عن إدانتها للإنتهاك الكبير الذي تعرض له «مهجرو ومهجرات الجعاشن» وتعجب للموقف المتخاذل من السلطة، داعية لاتخاذ موقف حازم تخضع فيه شيخ الجعاشن لصوت العدالة.
كما دعت كافة المنظمات المدنية ونشطاء حقوق الانسان إلى التضامن مع مهجرات ومهجري الجعاشن، مؤكدة عزمها على نقل اللاجئات إلى ساحة الحرية أمام مقر رئاسة الوزراء إذا ظلت الحكومة تصم أذانها عن الاستماع إليهم وإنصافهم.
تتلقى نساء العنسيين أشدَّ الإهانات من قبل عساكر الشيخ لا سيما بعد أن نشروا صورهم في الصحف أم صلاح إحدى هؤلاء النسوة وقد شرحت قصتها وهي تتكبد وعيناها تذرفان الدموع قائلة: «خنقني عسكري من حق الشيخ لمَّا دوُّخك بعدما بزوا بقرة جدي وشظفوا الباب بالعطيف».
ومن خوفها على أولادها السته لجأت إلى الهرب ولم تعد مطمئنة على سلامتها لو عادت تقول: «الآن معادنيش ساكية أروح وخايفة على بنتي الشباب طرحكه عند جارتي وذلحين تصيًّح وتقول تشتي تجي بعدنا ولا أحد ساكي يروح له لأن البلاد محاصرة».
أمًّا أختها فقد هدِّدت ووضع احد جنود الشيخ جنبيته على عنقها فيما وجه آخر مسدسة إلى بطنها أما البقية الذين يصل عددهم إلى 30 عسكري فكانوا في مهمة مطاردة إبنها الذي ما أن سمعت «الرماية عليه» سقطت على الأرض مغمي عليها.
لكن هلع الطالب حسان عبدالله 11 عاماً في الصف الخامس، كان أعظم. فبعد أن حاصر عساكر الشيخ منزلهم واخذوا «سبعة رؤوس كسب ورأس غنم» انتشل حسان كبشه هارباً به، إلا أن هؤلاء كما يقول: «هردوا عليًّا الآلي ورجعك فلتك الكبش وهربك القلعة حق القات وبعدين هربك إلى رعاش».
لقد نحر الرجال الكبش في وسط القرية بجانب منزل منصور عبدالعزيز ويقول حسَّان : «قالوا يعملوه غدا».
ويدمع والده عبدالله وهو يتذكرَّ عندما طلب منه أبناءه إعطاءهم لحم، فأراد أن يذبح لهم هذا الكبش فصرخوا جميعاً قائلين «خليه نبيعه ونشتري لنا بقيمته ملابس»، يبكي وينسحب.
أما نعمان مصلح ناجي فكانت رجلاه قد تشققت من البرد ويقول: «هة هذه من شدة الثلج القاصي. مشرخين مصلوبين بين الشمس والبرد». يجيد السخرية وستخدما لها في الانتقاد ويقول «قانا اشتي اغير الحنجرة من الصوايح بباب المجلس خلوني اشتري ولاعات ابو ضوء أضاوي للحكومة أدورها».

إقرأ أيضاً