صنعاء 19C امطار خفيفة

عيد منزوع السعادة!

2007-10-08
عيد منزوع السعادة!
عيد منزوع السعادة! - سامي غالب
يقترن العيد في حياة اليمنيين بصوت الفنان ذي الحنجرة الذهبية والصوت الباهر علي الآنسي.
 في أغنيته «اضحك مع الأيام» -وهي واحدة من اغنياته العابرة للزمان- يدعو الآنسي إلى الفرح والتسامح والنأي عن المنغصات والأحزان، ويحث سامعيه على البشاشة والود حتى في وجه العدو. وعلى الجملة فإن الآنسي ينشد بصوت دافئ يغري ويغوي، أملاً في يوم مبتكر غرِّيد.
والحال أن العيد القادم لن يكون اليوم المبتكر الغرِّيد، فإلى الغلاء الذي يشوي وجوه الشارين في أسواق المدن، يُلقي الاستقطاب السياسي الحاد بظلاله في غير مكان، ناشراً التجهم والوجوم في واجهة المشهد السياسي، مكرساً خطاباً إقصائياً لا يقتصر على العنف اللفظي، بل يذهب أصحابه إلى تفعيل العنف المادي، بكل ما يترتب على ذلك من عذابات للضحايا وأسرهم.
يهل العيد فيما الغم يثبِّت أوتاده على «أرض السعيدة» ليلف الآلاف داخل خيمته المجدبة. فإلى المعتقلين من ناشطي الحركة الاحتجاجية المطلبية في المحافظات الجنوبية والشرقية، الذين تتهمهم السلطات بتهم جسيمة جراء شعارات وتصريحات متصلة باعتصاماتهم السلمية، يرزح المئات من المعتقلين على ذمة أحداث صعدة في زنازين المعتقلات وغيابات النسيان، وبين هؤلاء عشرات الأطفال والفتية، بعضهم أُنتزع من مقعد فصله الدراسي، أو من غرفة نومه.
العيد بالنسبة لهؤلاء المعتقلين وأطفالهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأحبتهم سيكون يوم عذاب ووحدة! نعم وحدة... وحدة إقصاء ووحشة لا وحدة لقاء ومحبة.
يهل العيد وما يزال المئات من المحتجزين على ذمة حقوق خاصة أو غرامات وراء الأسوار، رغم التجاوب الذي يبديه القاضي عصام السماوي رئيس مجلس القضاء الاعلى، والدكتور عبدالله العلفي النائب العام، مع مظالم المحتجزين، ومشروعية مطالب هيئة الدفاع عنهم. وبعد عام من حملة «النداء» لأجل هؤلاء المظلومين ما يزال الأمل معقوداً على رئيس مجلس القضاء والنائب العام في وضع حد للتفسيرات المغلوطة لنصوص القانون، وإطلاق المحتجزين في سجون المحافظات، إعمالاً للاتفاق الذي توصلا إليه مع هيئة الدفاع عنهم.
يهل العيد من دون أن يهل المختفون قسرياً على أسرهم المحكوم عليها منذ عقود بالإقامة المؤبدة داخل زنازين الانتظار، وبينهم الرائد علي قناف زهرة الذي تعيش أسرته الكريمة غداً (11أكتوبر) الذكرى السنوية ال30 لاختفائه.
يدنو العيد ومعه تدنو أخطار محدقة بالأسرة الصحافية، وبعض أفرادها تنتظره بعد إجازته محاكم استثنائية لم يسبق أنْ التأمت لمحاكمة صحفيين حتى في أحلك اللحظات في تاريخ اليمن الواحد.
 يدنو فيما الحب يهيم في العتمة وروح العداوة تستأثر ب المكان، ولا أحد من معشر اليمانين يأبه للصوت الشجي العذب الطالع من صلب الذاكرة الوطنية حاثاً: «عدوك اضحك له». فيما البردوني ما يزال يهجس: إن كنت العيد فأين العيد.. اليوم المبتكر الغرِّيد؟!

إقرأ أيضاً