دُخان الانتخابات الرئاسية يلف المشهد السياسي - محمد الغباري
في عدة اتجاهات تبذل أطراف سياسية جهوداً مضنية لاحتواء الأزمة المتصاعدة من بين سطور المبادرة الرئاسية للاصلاح السياسي، على أمل ان تحمل إجازة العيد مؤشرات العودة الى طاولة الحوار التي تكدس على سطحها غبارالشك والمراوحة منذ ثلاثة أشهر.
الشدة واللين في خطاب الرئيس علي عبدالله صالح تجاه اللقاء المشترك اظهرتا ان الرجل يريد إبقاء خط رجعة للمقايضة على مطالبه من معارضيه، وهي لغة صيغ بها البيان الصادر عن المجلس الأعلى للقاء المشترك الذي وزع فجر الأحد، حيث رفض ان تحصر قضايا الحوار في المبادرة الرئاسية لكنه ابدى استعداده للتعامل معها كمقترحات تمثل رؤية الحزب الحاكم في جلسات الحوار التي لم يتضمن جدول اعمالها وضوابطه هذا البند من قبل على اعتبار ان مطلب تغيير شكل نظام الحكم كان امراً يخص المعارضة فقط.
ومع ان مشاركة الشيخ محمد علي عجلان رئيس مجلس شورى التجمع اليمني للاصلاح في اللقاء الذي جمع الرئيس بممثلي منظمات المجتمع المدني في مدينة تعز مثلت رسالة تطمين من المعارضة بأنها ستتعاطى مع المقترحات الرئاسية الا ان تضمين خطاب الرئيس التحريض على العلاقة التي جمعت الاصلاح بالاشتراكي كشف عن وجود مطالب اخرى من المعارضة لا ينبغي القفز عليها او ان الرسالة لم تكن بالوضوح الكامل، او ان الرجل اراد إفهام الآخرين بأن امتداداته داخل الاصلاح ما زالت مستمرة.
الاعتراف وليس الاقرار بنتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي بدا وكأنه المدخل الأساسي لأي تفاهم مهما ارتفعت وتيرة التصعيد الاعلامي او اشتد تحرك المعارضة في الشارع، لأن تركيز عدسات التلفزيون على تصدر رئيس مجلس شورى الاصلاح اللقاء بممثلي منظمات المجتمع المدني، والحرص على اصطحابه في زيارة الرئيس الى قلعة القاهرة وابراز الصورة في جميع الصحف الحكومية تركت انطباعاً بأن وسائل الاتصالات غير المعلنة لم تتمكن من انجاز مهمتها في اتجاه انهاء حالة القطيعة، وان ابانت ايضاً ان المعارضة قد فهمت المغزى وما هو مطلوب منها ولذا أثرت البقاء في مكانها.
وإذا كان جلياً ان الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري قد اعلنا موقفاً ايجابياً من المقترحات التي اعلن عنها الرئيس فإن حرص الاصلاح على تجنب الخوض في مناقشة تفاصيل المقترحات عكس دراية كافية لدى قيادته بنفسية الرجل وطبيعة إدارته للشأن العام استناداً الى خبرة التحالف التي امتدت نحو عشرين عاماً، لهذا لم تقطع كل خيوط التواصل وان بدا من لغة البلاغ الأخير للقاء المشترك ان هناك خطاباً مغايراً قسوته على الحكم إذ وصفه بالخنجر المسموم الذي سيشق الوحدة الوطنية.
المعارضة التي وجدت نفسها في سبتمبر من العام الماضي محرجة جراء رفض مرشحها المهندس فيصل بن شملان تبني مطالبها بحكم نيابي قبل ان يفاجئها بموقفه الرافض المباركة بفوز خصمه قد توافق على قبول شكل من اشكال النظام الرئاسي في مقابل الظفر بتعديلات جوهرية على النظام الانتخابي وبما يؤدي إلى أن يكون انتخاب جزء من مقاعد البرلمان بنظام القائمة النسبية، وعلى ان يكون اختيار اعضاء اللجنة العليا للانتخابات وفقاً للتمثيل السياسي المتساوي.
وفيما يشبه انه آخر مدى للتصعيد قال بيان المعارضة ان السلطة تحاول ان تجعل من الوحدة رداءً تتلفع به وتسخره لتغطية ممارساتها التي تمزق الوحدة الوطنية، وفق سياسات اقصائية تسد الطريق التي تؤدي الى المواطنة المتساوية، وذهب الى القول انها تمارس عملية تهميش واقصاء للكوادر الوطنية العسكرية والمدنية من ابناء المحافظات الجنوبية وغيرهم، وتخريب جهاز الخدمة المدنية، وغيرها من الممارسات الهادفة الى تكريس استمرار بقاء الممسكين بمقاليد السلطة على كرسي الحكم وتوريثها للأبناء والأقارب.
البلاغ الذي جاء محصلة لأسبوع كامل من اللقاءات التي عقدت برئاسة د. سيف صايل نائب الامين العام للحزب الاشتراكي قال «إن هذا النظام هو الخنجر المسموم الذي سيشق الوحدة الوطنية» وتغذي سياساته كل المشاريع الصغيرة «وتفتح الطريق امام التدخلات الخارجية والمشاريع التي تستهدف الأمة واليمن جزء منها»، الا انه خلص الى القول إن ايقاف الحوار يمثل حالة من حالات التلاعب السياسي، وحصره في مبادرة الرئيس يعكس استهتاراً بواجبات المسؤولية ونكثاً بالعهود، وجدد التأكيد على موقفه القائم على ان الحوار الجدي والمسؤول هو الوسيلة الآمنة التي يجب التمسك بها بحثاً عن معالجات ناجحة للأزمات والاحتقانات.
دُخان الانتخابات الرئاسية يلف المشهد السياسي
2007-10-08