في ندوة لصحيفة «الخليج» الاماراتية: (1-2) التنافس على الرئاسة كان جدياً، واضطرار الأحزاب إلى خوضها حال دون استثمار نتائجها
* تأثير ايجابي للخارج وسلبي للورقة الأمنية، وتعزيز الوحدة الوطنية أبرز المكاسب
* محمد الصبري: بعض سفراء الدول الأوروبية نقلوا تحذيرات واضحة لنا وللحزب الحاكم، وقالوا لنا إنه إذا لم تصلوا إلى اتفاق ولو بالحد الأدنى بما يتعلق بمجريات العملية الانتخابية وإصلاح الإدارة الانتخابية فإن بلدكم سيقدم على مشكلة ستتحملونها انتم والعالم سيظل متفرجاً عليكم
* محمد ابولحوم: كسْرُ حاجز الخوف أهم ما تحقق في الانتخابات، ولم يعد أحد قادر اً على وقف العملية الديمقراطية، والمهم هو البناء على المكاسب التي تحققت لليمن
* سامي غالب: تمكنت المعارضة من تعظيم فرص اللجوء إلى معايير ديمقراطية (لحسم مصير) الموقع التنفيذي الأول وليس إلى الأساليب التي صارت معتمدة في كثير من البلدان العربية عبر ما يسمى بتوريث الحكم
نظم مكتب صحيفة «الخليج» الاماراتية في صنعاء ندوة عن واقع الاحزاب السياسية بعد انتخابات 2006.. «النداء» تعيد نشر الندوة التي انعقدت قبل أسبوعين، وذلك بالاتفاق مع الزملاء في صحيفة «الخليج».
صادق ناشر: نرحب في البداية بضيوف الصحيفة للمشاركة في هذه الندوة، المكرسة لمناقشة نتائج الإنتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد تزامناً مع الإنتخابات المحلية في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وهم الأساتذة محمد علي أبو لحوم رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي العام، محمد الصبري الناطق الرسمي للقاء المشترك وسامي غالب الكاتب والمحلل السياسي رئيس تحرير صحيفة «النداء».
سنكرس الندوة للحديث عن اليمن بعد انتخابات عام 2006، انعكاسات نتائج الانتخابات الرئاسية والمحلية على الحياة السياسية وبالذات فيما يتعلق بالأحزاب السياسية التي تعاملت وتعاطت مع هذه الانتخابات وكيف تقبلت هذه النتائج، سواء من قبل الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة؟ ثم كيف أثرت هذه الانتخابات على الحراك السياسي بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية؟ وكيف تتعاطى الأحزاب السياسية اليوم في علاقتها مع بعضها البعض، بخاصة مع بدء الحوار السياسي في الآونة الأخيرة بين الحزب الحاكم وأطراف المعارضة الرئيسية؟ وماذا يمكن أن تفضي هذه الحوارات، والى أي طريق يمكن أن تصل الأطراف السياسية فيه، هل إلى طريق يمهد لإصلاحات سياسية ودستورية أم إلى قطيعة؟
نبدأ بالاستاذ محمد علي أبو لحوم ونطلب منه رؤيته لما شهدته اليمن في سبتمبر 2006 من انتخابات رئاسية ومحلية، وماذا كانت نتائج هذه الانتخابات على اليمن ككل وتأثيرها على حزب المؤتمر الشعبي العام بدرجة رئيسية؟
< محمد أبو لحوم: نتائج انتخابات 2006، تعد جيدة بكل المعايير، فما شهدناه في هذا العام من إعداد وتحضير ومشاركة فعالة في الإنتخابات لا يحسب فقط لحزب المؤتمر الشعبي العام بل لكافة أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) التي في تصوري كان لها دور أساسي في تعزيز وترسيخ التجربة الديمقراطية بغض النظر عن أن هناك بعض الملاحظات والمآخذ على الانتخابات التي تمت، لكن ما يهمنا من هذا كله أن الانتخابات تمت بصورة جيدة ونزيهة إلى حد كبير، مع الأخذ بالاعتبار الملاحظات التي تفضل بها الأخوان سواء في أحزاب اللقاء المشترك أو غيرهم، لكن الانتخابات تمت وكانت حرة ونزيهة وسلمية.
وفي تصوري انه علينا في هذه المرحلة والمرحلة القادمة أن نبني على ما كسبناه في الانتخابات الماضية ونعزز من التجربة الديمقراطية في البلاد التي لا يمكن لها أن تستقيم إلا بتعاون كافة القوى السياسية بدون استثناء، لان حصيلة الانتخابات لم يكن المستفيد منها المؤتمر الشعبي العام، بل كافة القوى السياسية، ومن هنا يأتي دورنا كقوى سياسية في أن ننظر إلى المستقبل لترسيخ هذه التجربة وتعزيزها.
> الخليج: أستاذ محمد الصبري لكم في المعارضة آراء مختلفة فيما يتعلق لتقييمكم لنتائج الانتخابات؛ فهل أنتم مقتنعون بالموقف الذي اتخذتموه في ذلك الوقت من نتائج الانتخابات؟
< محمد الصبري: الانتخابات التي جرت كانت من حيث الاتساع والموضوع تجربة جديدة خصوصا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، فهذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها الأحزاب منافسة بهذا الحجم على انتخابات رئاسة الجمهورية، وفي نفس الوقت خاضت الأحزاب منافسة ليست مع الحزب الحاكم، ولكن مع الدولة مضافة إليها الحزب الحاكم.
نتيجة هذا الخلط الذي جرى ما بين إمكانيات الدولة وإمكانات الحزب الحاكم، هو الذي أعطى مؤشراً على أن ما حصلت عليه المعارضة فيما يتعلق بزاوية الأرقام الانتخابية لم يكن يعبر حقيقة عن ما حصلت عليه المعارضة من أصوات في الميدان.
لدى أحزاب اللقاء المشترك رضا (حول) المضمون العام لما أفرزته الانتخابات سواء على صعيد تجربة أحزاب اللقاء المشترك بأنها لأول مرة تنافس على السقف الأعلى، وهذا لم يكن مطروقاً. كانت كل الشكوك، قبل هذه الفترة، تقول إن المعارضة غير جادة وغير قادرة على أن تخوض مثل هذه التجربة، وحين خاضت أحزاب المعارضة هذا الأمر استطاعت أن تدرب أعضاءها وتختبر إمكانياتها ومشروعها على واقع الميدان فيما يتعلق بانتخابات رئاسية.
الرضا التام حول نتائج الانتخابات غير متحقق لدى أحزاب المعارضة ولأسباب كثيرة، ذكرنا فيها أحد الأسباب، لكن السبب الثاني أيضا أن الحزب الحاكم لا يزال حتى الآن لا يتعامل مع الانتخابات من باب مسؤوليته في قيادة التحول الديمقراطي، هذه القيادة (تحتم عليه) أن يفصل ما بين واجباته في المنافسة كحزب ينافس على مواقع السلطة أو على المقاعد الانتخابية، وما بين واجباته في إدارة الدولة وقيادتها.
لا يزال هذا الخلط قائماً إلى درجة انه مثلا بعد الانتخابات تم التعامل مع المعارضة من قبل قيادة الحزب الحاكم ورئيس الجمهورية وكأنها قد ارتكبت جرماً بما يتعلق بخوضها للمنافسة، وبدأت السلطة تصدر أوصافاً مثل " إطلاق العفو العام على أحزاب المشترك " التي خاضت الإنتخابات، بالإضافة إلى الحديث عن عقوبات تتخذ بشأن قيادات وشخصيات موجودة في المعارضة لدور قامت به أثناء الانتخابات.
لا تزال حتى اليوم عملية نقل الموظفين وفصلهم وإيقاف مرتباتهم في مواقعهم الإدارية نتيجة لموقفهم الانتخابي، أي أن هناك آثاراً سلبية لهذه الإنتخابات، لكن لا تزال التجربة الديمقراطية والانتخابية، أوافق الأخ محمد أبو لحوم، توجد بها مظاهر إيجابية وجيدة على الصعيد الوطني، لكن لا تزال هناك آثار سلبية تزداد بين كل فترة وأخرى مع كل انتخابات، كل انتخابات نتوقع أن يقل هذا الأثر لكن نجد الآثار السلبية تنمو بشكل كبير.
> " الخليج ": سامي غالب، هل تعتقد أن الانتخابات حدث فيها تنافس حقيقي بين الأحزاب التي شاركت بالعملية الديمقراطية، وهل عززت من النهج السياسي والتعددي والديمقراطي للنظام وراكمت إلى حد ما خبرات لدى الأحزاب في كيفية ممارسة هذه الانتخابات والتعاطي معها بشكل كبير؟
< سامي غالب: بالتأكيد، فانتخابات 2006 تشبه إلى حد بعيد انتخابات 1993 لأنها تأتي في سياق كتلتين كبيرتين تتنافسان على الرئاسة ولأنها انتخابات ليست نتيجتها محكومة سلفا. كان هناك بالتأكيد أرجحية واضحة لمرشح المؤتمر الشعبي الرئيس علي عبدالله صالح، لكن لم يكن واضحا تماما النسبة التي سيحصل عليها المرشح المنافس، وهذه ميزة بالنسبة للديمقراطية في اليمن.
لكن هناك مجموعة من المحددات اعتقد أن الأحزاب السياسية لم تتمكن من تجاوزها، على سبيل المثال، أحزاب المعارضة ذهبت إلى الانتخابات الرئاسية مضطرة، تماما كما ذهب الحزب الحاكم أو الحكم، وذلك يعني عدم إمكانية الأطراف المضطرة على استثمار الفرص المتاحة من هذا الاستحقاق، بحيث أنها تستشرف المستقبل، وهذا ما يحصل الآن.
لا أريد أن استطرد في موضوع كيف ذهبت مضطرة، لكن من الواضح أن الرئيس علي عبدالله صالح أعلن قبل عام و 4 أشهر من موعد الانتخابات عدم نيته للترشح ولم يقم المؤتمر الشعبي العام خلال عام بأي نقاش جدي داخله لبحث هذا الموضوع، كما أن أحزاب المعارضة وقفت موقف المتفرج في هذا المشهد، المثير للخارج وليس للداخل، وكأنها تريد أن توجه رسالة، سواء للرأي العام المحلي أو للخارج انه لا يوجد بديل للرئيس علي عبدالله صالح، ولم تتحرك المعارضة بشكل جدي إلا قبل 4 أشهر من موعد الاستحقاق الرئاسي، وهذا يعني أن الطرفين ذهبا مضطرين إلى الانتخابات الرئاسية على اعتبار أنهما لم يصلا إلى صيغة مثلى مناسبة لهما، ترضيهما الطرفين لخوض هذا الاستحقاق بدون الاضطرار إلى المنافسة.
هذا سبب لاحقا احتقانات عديدة تركزت في موضوع الحملات الإعلامية المتبادلة، والغريب الآن أن هذه الحملات الدعائية تبدو وكأنها مستمرة، في اللحظة الراهنة قد يفهم أن الانتخابات الرئاسية قادمة بعد أسابيع من الآن.
توجد مزايا للانتخابات الرئاسية السابقة، مثلا التموضع النهائي للخارطة السياسية.توجد سلطة ومعارضة وصار التقييم واضحا، والأوراق التي كانت تشوش في السابق قد انتهت، وبالنسبة للأوزان، بعد الانتخابات مباشرة كنت اعتقد أن وزن المؤتمر الشعبي سيتزايد داخل الأدوات الحاكمة أو مؤسسات الحكم، باعتبار أن المؤتمر حقق قدراً من الفاعلية في الانتخابات الرئاسية والمحلية في الأداء كآلية انتخابية.
كنت أظن أن هذا من شأنه أن يقوي أو يزيد من وزن المؤتمر الشعبي داخل المؤسسة الحاكمة وهذا التقدير ربما لم يصدق حتى الآن، ولا يزال مفتوحا، أما أحزاب المعارضة فمن الواضح الآن أنه يوجد ضرر في موضوع حزب الحق، هناك حزب تم إلغاؤه، نعرف (أن حرب صيف) 94 لم يعقبها إلغاء لأي حزب سياسي معارض بهذه الطريقة، هناك الكثير من المترتبات للعملية الانتخابية ما تزال مفتوحة إلى الآن وتجر نفسها ولم يتحدد مصيرها بشكل نهائي، وهذه نقطة مؤسفة.
الترشيد السياسي
> " الخليج ": هل يعتقد الأستاذ محمد أبو لحوم أن الانتخابات الأخيرة أضافت شيئا للحزب الحاكم، بمعنى آخر هل رشدت لديه الممارسة الديمقراطية بشكل اكبر وتعامل مع الحياة السياسية بشكل أكثر عقلانية مما كان يعتقد البعض؟
< أبو لحوم: هناك عبارة قرأتها للأستاذ محمد الصبري في موقع " نيوز يمن" (الأخباري) تقول إن الديمقراطية ما تزال في محطاتها الأولى، وهذه المحطات تحتاج من المشتغلين بالسياسية والأحزاب أن يتخذوا أحياناً من القرارات التي يمكن أن تكون فيها إساءة لنتائجهم كأحزاب.
عندما نأخذ هذه العبارة فإنها لا تنطبق فقط على المشترك وإنما علينا جميعا، الديمقراطية ممارسة وسلوك، وليس بالإمكان أن نحقق الديمقراطية في ليلة وضحاها، علينا أن نتقبل هدف الديمقراطية، واعتقد هنا أن المسؤولية لا تقع فقط على المؤتمر الشعبي العام. علينا كأحزاب سياسية أن نكرس لدى المواطن هذه التجربة، وان نعززها ليكون لها مردود إيجابي بحيث عندما تأتي أيه انتخابات في أي فترة من الفترات يكون المواطن متلهفاً فيها للتغيير.
في تصوري هناك شيئ طيب نتج عن هذه الانتخابات، وهو تجربة اللقاء المشترك، وهي ليست ميزة خاصة بالإخوان في المشترك أو للمؤتمر الشعبي العام، بل هي تجربة نادرة للشعب اليمني. لم يحصل في العالم العربي أو في المنطقة أن ترى تحالفاً للتوجه الإسلامي والناصري والاشتراكي والإتفاق بين أحزاب هذه التوجهات على مرشح واحد.
للأسف الشديد بعض الأخوان يعتقدون أن المؤتمر الشعبي يسعى إلى تشتيت هذا اللقاء، وأن أقول العكس إن هذا اللقاء من مصلحة الاستقرار في البلد، وعلينا أن نعززه ونحرص على استمراره، فاليوم عندما تنظر إلى اليمن، وما كسبناه من الانتخابات سواء داخليا أو خارجيا، علينا أن نبني على أن هذا الشيء لم يأت لأن المؤتمر لوحده تمكن من عمل شيء، هذه السمعة الطيبة والمردود الطيب من المانحين وغيرهم (سببهما) انتخابات جيدة شاركت فيها المعارضة وحزب حاكم، بغض النظر عن بعض سلبياتها، علينا أن نركز على أن تكون الانتخابات القادمة أفضل من الانتخابات التي مضت.
> " الخليج ": ما ردكم على الاتهامات التي تحدث عنها الأستاذ محمد الصبري فيما يتعلق باستخدام الحزب الحاكم لموارد الدولة وإمكانياتها في ترجيح كفة الرئيس للفوز في الإنتخابات؟
< محمد أبو لحوم: أنا اتفق مع الأستاذ محمد الصبري وكلامه واقعي، وهو كلام معارضة، ومن حقهم أن يقولوا هذا الشيء، لكن في المقابل علينا أن نكون واقعيين، نحن في دولة في بداية مراحلها، دولة في عالم ثالث لا نفتكر أنفسنا في أوروبا، يوجد واقع وظروف نعيشها ونتفق جميعا بان هذه أول انتخابات حرة ونزيهة، فلتكن هناك أخطاء 40، 50، 60 %، كل ما يهمني أن تكون ال 40% الأخرى هي صحيحة ونبني عليها في المستقبل.
أما بالنسبة (لوجود) عقوبات ضد معارضين؛ فأنا لم أسمع بهذا الشيء، وأرجو من الأستاذ محمد الصبري أن يوضح لنا هذا الأمر ونتعاون على إيجاد الحل.
< محمد الصبري (معقباً): أنا اتفق مع محمد أبو لحوم، وهو موقف ليس جديدا بالنسبة لما نطرحه بشأن هذا الخلط القائم بين إمكانات الدولة وما بين إمكانات الحزب الحاكم، لا نريد أن نحمل التجربة اليمنية أكثر ما تحتمل فيما يتعلق بهذا الخلط، المسألة ليست قرار، بل ثقافة وإرث وممارسة في الميدان.
حين جاءت الانتخابات، احتشد عدد كبير من المشايخ ومراكز النفوذ الذين يخالفوا القانون لإجبار الناس على التصويت علناً لصالح مرشح الحزب الحاكم، لا يوجد عاقل يقول إن ذلك هو قرار من الحزب الحاكم، لكن واقع الميدان والممارسة السياسية تقول إن هؤلاء مرتبطون بشكل أو بآخر بالحزب الحاكم، وهم بذلك يسيئون للتجربة الديمقراطية.
ما يتعلق بالعقوبات التي فرضت على أحزاب المعارضة أبدى كثير من قيادات الحزب الحاكم مرونة في التعاطي مع مثل هذه العقوبات، لكن ظل هذا التعاطي من الناحية الحزبية لم يعكس بعد ذلك على سلوك المؤسسات أو الهيئات أو حتى الجهات الأمنية.
لو أخذنا نموذجا لما جرى، مثلا ما تعرض له الشيخ حميد الأحمر، ومع ذلك هذه القضية ثم معالجتها ودخلوا في تسويات ومصالحات، لكن الجانب العام إن ما اتخذ من مواقف تجاه الشيخ حميد بعد الانتخابات كانت بسبب الانتخابات.
هذا نموذج، النموذج الثاني، لا يزال حتى اليوم لدينا معتقلون، ولدي استعداد أن أعطي الأخ أبو لحوم ملفات بالمعتقلين على ذمة الأحداث الموجودة في شرعب، والمشكلة أنهم موجودون أمام القضاء، لكن القضاء لا يتعامل معهم بالطريقة التي تراعي هذا الجانب.
هذه المشكلة انتخابية، ولا يزال هؤلاء مسجونين إلى اليوم، وهم في حدود 11 شخصاً أبرزهم الشيخ عبدالله قائد وهو الآن معتقل في السجن المركزي على ذمة أحداث المواجهات التي جرت في شرعب ما بين المؤتمر واللقاء المشترك.
هناك المئات ممن يتعرضون اليوم للنقل الوظيفي وخاصة في قطاع المعلمين، يتم نقلهم من مواقع إلى أخرى، لأن التعليم له تأثير، وحتى نكون أمناء في الموضوع نحن الآن في حالة فحص معلومات، هل أن النقل تم بناء على توجهات حزبية، لكن الغالبية، الآن 80% ممن تم نقلهم أو إيقاف مرتباتهم كلها بسبب الإنتخابات.
> " الخليج " هناك تساؤل بشأن قضية المعارضة التي قررت خوض الانتخابات الأخيرة، التي بدت وكأنها تنتظر قراراً من الحزب الحاكم بمن سيخوض الانتخابات حتى تقرر من سترشح، لماذا تربط المعارضة دائما موقفها بمواقف الحزب الحاكم؟
< محمد الصبري: أنا اتفق مع التوصيف الجميل الذي قاله الأخ سامي من أننا دخلنا الانتخابات مضطرين، لكن أين هو منطلق الاضطرار في هذا الأمر؟ القرار السياسي بالنسبة لأي مؤسسة سواء في الدولة أو الحزب هو مجموعة من الحسابات، أنت تحسب أين هو حجم الخسائر الذي ستخسره وأين هو حجم المكاسب الذي ستكسبه سواء كنت في السلطة أو المعارضة.
تقديرات المعارضة لم تكن تختلف كثيرا عن تقديرات السلطة: المنافسة الانتخابية في ظل الظروف الإدارية والقانونية والسياسية والاقتصادية العامة ستكون أشبه بمعركة وليست ميدان منافسة، أي أشبه بصراع وليس تنافساً سلمياً.
الواقع الاجتماعي في بلادنا نتيجة لتحول المجتمع والدولة من ثقافة المجتمع التقليدي إلى مظاهر الدولة الحديثة، يخلق شكلاً من أشكال التوتر والتطلعات والطموح في داخل المجتمع لقيادات ومراكز نفوذ تستخدم الانتخابات كوسيلة لإبراز قوتها، ونزولها إلى الميدان لكي تثبت وجودها خوفا من أن تأتي هذه التطورات فتزيحها عمليا، الانتخابات تمت في أجواء ثقافية واقتصادية كلها تبعث عن القلق.
لكل شيء جديد تهيب، أنت حين تقدم على انتخابات الرئاسة لأول مرة لابد أن تتهيب مثل هذا الحدث فمثلما نحن كنا متهيبين أن نتخذ قرار تسمية مرشح واحد، وهناك قضايا كبيرة جدا ارتبطت بموضوع اختيار المرشح.
نفس الشيء كان عند الحزب الحاكم بداية من الرئيس مرورا بقيادة الحزب الحاكم، حدثت المعركة هذه، حتى وإن كان فيه الجانب المسرحي الذي ظهر أثناء الانتخابات، لكن المتابع الحقيقي لما جرى داخل المؤتمر بما يتعلق بالانتخابات الرئاسية كان يستطيع أن يعرف أن هناك مشكلة حقيقية، ليس فقط جانب المسرح الظاهري.
الأمر المهم أن هذه الانتخابات ترافقت مع انتهاء الولاية الثانية للرئيس علي عبدالله صالح، يعني أن اليمن بأحزابها وقواها السياسية والاجتماعية وضعت نفسها في هذه الانتخابات أمام الاستحقاق الحقيقي في عام 2013، كيف ستنتقل السلطة في اليمن بعد أن تنتهي الولاية الثانية للرئيس علي عبدالله صالح؟
جردة حساب
> " الخليج ": ثمة جردة حساب تتعلق بالانتخابات، ماذا حققت المعارضة برأيك أستاذ سامي غالب وماذا حقق الحزب الحاكم وأين خسر كل طرف؟
< سامي غالب: بالنسبة للمعارضة التي ذهبت مضطرة إلى الانتخابات الرئاسية، فإنها لم تذهب أصلا للربح وتعرف أن إمكانية الوصول إلى الموقع التنفيذي الأول ليست قائمة، ولكن بالتأكيد حققت الشيء الكثير، فيما بينهما، حققت لحمة أكبر وبالذات بين الاشتراكي والإصلاح على اعتبار خلفية تأريخ الصراع بينهما.
المعارضة توحدت أكثر قبل الانتخابات الرئاسية كان احد هواجس المعارضة أنها يمكن أن تتشرذم سواء بسبب قرار المشاركة من عدمه او بسبب المرشح، لكنها استطاعت تجاوز هذين العائقين، أولا قررت مجتمعة المشاركة واتفقت (تالياً) على أسم مرشح واشتغلت معا من اجل هذا المرشح.
> " الخليج ": هل برأيك وفقت المعارضة في اختيار المرشح؟
< سامي غالب: أعتقد في ظروفها حينها وفقت تماما، وأظن أنها لو كانت قدمت مرشحا آخر غير الأستاذ فيصل بن شملان لكان حصل هذان العائقان وبالذات عائق الاتفاق على مرشح. فيصل بن شملان كان في لحظتها أفضل مرشح تقدمه المعارضة، وظهرت كتلة معارضة قوية، وهذا يخدم العملية السياسية في اليمن، كما أشار الاستاذ محمد أبو لحوم.
هناك مكاسب أخرى للمعارضة أولها أنها استطاعت أن تتكشف أخطائها، وكان واضحا قبيل عملية الاقتراع أو الأيام التي تلت يوم الاقتراع أن المعارضة ليست بالجاهزية، لا التنظيمية ولا الفنية ولا الإعلامية، التي تؤهلها للفوز في استحقاق قادم، وهذا سيتطلب منها الكثير من المراجعة وإعادة ترتيب أوراقها للانتخابات النيابية القادمة في 2009.
> " الخليج ": فيما يخص الحزب الحاكم، أين كسب وأين خسر؟
< سامي غالب: الحزب الحاكم كان يفترض أن يزيد وزنه باعتبار أن الرئيس علي عبدالله صالح جاء بشرعية انتخابية وبشرعية شعبية، طبعا كانت هناك انتخابات رئاسية سابقة بطرق مختلفة، لكن هذه المرة كانت الأداة الرئيسية لتجديد شرعية الرئيس هي المؤتمر الشعبي، ويفترض على المؤتمر أن يزيد حجمه ووزنه داخل المؤسسة الحاكمة على حساب الجيش والاستخبارات والقبيلة، هذا يظل حتى الآن افتراضاً مفتوحاً، لم يتضح لي انه تحقق.
أحزاب المعارضة يفترض أيضا أنها حققت لنفسها مكسبا كبيرا في كونها خاضت الانتخابات في مواجهة الرئيس علي عبدالله صالح وتحقق لها خبرة، وحالت بشكل أو بآخر، دون اللجوء مستقبلا إلى وسيلة عقيمة للتطور الديمقراطي (من حيث أسلوب نقل السلطة)، المعارضة تمكنت من تعظيم فرص اللجوء إلى معايير ديمقراطية (لحسم مصير) الموقع التنفيذي الأول وليس إلى الأساليب التي صارت معتمدة في كثير من البلدان العربية عبر ما يسمى بتوريث الحكم، يعني (أخضعت) الموقع الأول لتنافس حقيقي، هذا قد يساعد في منع أية انتكاسة في موضوع الموقع التنفيذي الأول داخل الدولة كما هو حاصل في بعض البلدان سواء بلدان تسلطية أو شمولية أو ما عندها ديمقراطية في المنطقة العربية.
محمد أبو لحوم (معقباً): هناك نقطة أريد إضافتها، وهي أن أهم ما حققناه معارضة وسلطة وشعب أننا كسرنا حاجز الخوف، وبأننا دخلنا الانتخابات بدون خوف، المواطنون اليوم يتحدثون بحرية. إذا نظرنا إلى الحملات الانتخابية كيف بدأت وكيف جرت وكيف انتهت، (نلاحظ) نوعاً من الجرأة، صحيح أن أخطاء وقعت، لكن المهم هو كيف نتعاون على معالجتها.
لدي ملاحظة بسيطة على الأخوة في المعارضة وكافة الأحزاب السياسية، والمؤتمر الشعبي العام في المقدمة، أن نزرع سلوك حضاري ديمقراطي لدى المواطن ونعزز من هذه التجربة ولا يمنع اليوم من أن المواطن يصوت للمؤتمر وغدا للمشترك، علينا أن لا نضع الناس في قوالب وكأنهم جاهزون ونحولهم إلى ترسانات أو قنابل موقوتة مستقبلا، علينا أن نخرج كأحزاب سياسية من هذه القوقعة.
نحن نعمل لتوسعة التجربة ونعطي المواطن الحرية، ونحاول العمل على أساس أن يكون للبرامج دور أساسي في العمل السياسي، قد لا تكون البرامج لعبت دوراً أساسياً في المرحلة الماضية، ولكن في المستقبل علينا أن نغرس ونكرس هذا الجانب.
بالنسبة للأخوة في المعارضة، يجب أن يكون هناك نوعاً من الواقعية في التعامل مع الحزب الحاكم والاعتراف بما هو جيد ونحاول أن نبني عليه ونعالج الأخطاء وان نحفز الحاكم على إعطاء المزيد والمزيد في معالجة أخطائه.
الورقة الأمنية
> " الخليج ": لكن أستاذ محمد، ألا تعتقد أن الحزب الحاكم استخدم الورقة الأمنية بشكل مبالغ فيه في الانتخابات، بمعنى آخر أعطى انطباعاً للمواطن بأنه لو لم يتم انتخاب الرئيس لدخلت البلاد في دوامة جديدة من العنف وعدم الاستقرار؟
< محمد أبو لحوم: فليكن أن الحزب الحاكم استخدام هذه الورقة، ما هو المانع بان تقول أنت كحزب أن مرشحي هو (مرشح) الأمن والاستقرار، لا يمنع على الآخرين أن يثبتوا بان مرشحنا ليس كذلك ويختاروا غيره، لكن نحن طرحنا الأمن والاستقرار والناس تجاوبوا مع هذا الشعار.
قد يكون هناك سوء طرح من بعض الأخوان، وأنا قد لا اتفق معهم، ولكن أنت في مرحلة الانتخابات أعمل ما أردت فيما هو مسموح لك في إطار الدستور القانون من أجل أن يصل مرشحك إلى منصب الرئيس.
هناك أخطاء حصلت في 2006، يجب أن لا تحصل في 2009 و2013، علينا أن نبني على ما هو صحيح ونعزز هذا الجانب.
> " الخليج ": وهل تعتقد أن الناخبين صوتوا للمؤتمر الشعبي العام كحزب أم لتاريخ الرئيس علي عبدالله صالح؟
< محمد أبو لحوم: صوتوا لكليهما معاً، لان الرئيس بالمؤتمر والمؤتمر هو بالرئيس. والرجل له دور أساسي وفاعل في المؤتمر الشعبي، وهناك نظرة واقعية وجادة بان الرئيس علي عبدالله صالح لن يستمر في المؤتمر إلى ما لا نهاية، وعلى المؤتمر أن يهيئ نفسه ويعد كوادر وقيادات جديدة لتولي هذا الجانب.
اعتقد أن غالبية أبناء الشعب الذين صوتوا للرئيس هم متعاطفون مع المؤتمر، قد يكونوا صوتوا للرئيس علي عبدالله صالح لتاريخه المشرف منذ بداية الوحدة حتى يومنا هذا.
ضغوط الخارج
> " الخليج ": أخ محمد الصبري الكثير يعرف بان موقف المعارضة من دخول الانتخابات كان بضغوط وبتأثيرات إلى حد ما من الخارج أو بالأصح من الدول المانحة والتي لها علاقة باليمن، هل تعتقد أن الخارج لعب دورا ما في تحفيز المعارضة لخوض الانتخابات؟
< محمد الصبري: دعني أتحدث أولا عن الورقة الأمنية واستخدامها في الانتخابات. هذه الورقة بمدلولاتها لا يجب أن نأخذها فقط على أنها كانت ذات بعد داخلي، بل كانت ذات بعد تفاوضي خارجي، يعني عندما استخدمها الرئيس والحزب الحاكم كانا بطريقة أو بأخرى يتفاوضان مع الخارج. و(الرسالة) هي أن هذه الأحزاب إذا ما فازت بالرئاسة فإنها ستخلق مشكلة للأمن والاستقرار في اليمن، وهذه المشكلة محط الاهتمام الخارجي بالنسبة لليمن على مدى فترات طويلة جدا.
أين يلعب الدور الخارجي في هذه القضية؟ أعتقد أن المكاسب التي حققتها المعارضة من موضوع مشاركتها في الانتخابات، رغم أنها ذهبت مضطرة، أنها استطاعت ولأول مرة أن تتعاطى مع العالم الخارجي بمؤسساته وبدبلوماسيته من زاوية أن هذه الديمقراطية في اليمن، ليست صدى مطلب خارجي فحسب، بل مصلحة وطنية حقيقية للشعب اليمني أن تكون هناك ديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة.
لقد خضنا نقاشات مطولة مع كل السفراء خلال فترة الانتخابات حول هذه القضية، وأنا أعتقد أن أي طرف وطني يتعامل مع الطرف الخارجي من هذه الزاوية هو ليس فقط بوصل الرسالة الوطنية لكنه أيضا يكتسب مهارات في التعامل مع الطرف الخارجي ويستطيع أن يقدر بالضبط ماذا يريد هذا الطرف.
هذه النقطة الأولى. أما الثانية فإن الطرف الخارجي لعب دور الموفق والمحذر والمنبه، وقد وصلتنا تحذيرات وتنبيهات مثلما وصلت المؤتمر الشعبي العام فيما يتعلق بقرار المشاركة أو المقاطعة في الإنتخابات.
ولا أخفي أننا في مرحلة من المراحل كنا قد وصلنا إلى خيارين لا ثالث لهما، الأول خيار المقاطعة الجادة، بمعنى لا نقاطع ونذهب إلى البيوت، بل ستقام المهرجانات والاعتصامات، والخيار الثاني هو خيار المشاركة الجادة والفاعلة، بمعنى لن نشارك بنعومة ولن نشارك بمرشح هامشي، ولن نعتبر أن مشاركة تنافي الرئاسة كأنها إسقاط واجب.
كانت التحذيرات الخارجية تقول لنا ونحن نتحدث عن إصلاح إدارة الانتخابات، أن هناك خطراً محدقاً باليمن، إذا أي طرف تمسك بموقفه، سواء السلطة بموضوع بقاء إصلاح الإدارة الانتخابية كما هو دون تعديل، فإنها ستدفع الطرف الآخر إلى أن يتخذ قراراً ربما يكون خطيراً، أو المعارضة بمقاطعة الإنتخابات بكل ما سيترتب على الأمر من أضرار.
واليوم علينا الإعتراف بأن الأطراف الخارجية تعاملت هذه المرة مع التجربة الديمقراطية والانتخابات بمسؤولية أعلى، نتيجة ما سبق الانتخابات من مؤشرات أزمة حادة ممكن أن تكون على الصعيد الوطني، فقدموا النصائح، والتحذيرات، بذلوا مساع كثيرة للتقريب بين وجهات النظر حتى وصلنا إلى اتفاق المبادئ (يونيو 2006) ونحن لا ننكر هذا لكن الأصل هو أنه طالما هناك طرفين وطنيين يمتلك كل منهما رؤية واضحة بماذا يريد، هنا لا يعود الدور الخارجي الدور الآمر أو المقرر عن الآخرين.
القوى الوطنية هي التي اتخذت قراراتها، الدور الخارجي كان حاضرا بالنصيحة والتنبيه والتعليم، في مرحلة من المراحل جاء مبعوث من واشنطن يمثل المعهد الديمقراطي الأمريكي ليقول: نحن لدينا استعداد أن نتوسط ما بين المؤتمر واللقاء المشترك في هذه الأزمة. إخواننا في المؤتمر قالوا لهم اذهبوا للقاء المشترك وسألوهم حول هذا، ونحن من جهتنا رفضنا، قلنا هذه قضية وطنية، أي خلاف موجود فيما بيننا، نحن أقدر على حله، موضوع الوساطة من طرف خارجي سيعقد الموضوع أكثر من اللازم. إذا كنا نسعى إلى تجربة انتخابات تكرِّس قواعد العملية الديمقراطية، فإن أي وساطة خارجية ستدول حاجة إسمها الانتخابات اليمنية.
بعض سفراء الدول الأوروبية نقلوا تحذيرات واضحة لنا وللحزب الحاكم، وقالوا لنا إنه إذا لم تصلوا إلى اتفاق ولو بالحد الأدنى بما يتعلق بمجريات العملية الانتخابية وإصلاح الإدارة الانتخابية فإن بلدكم سيقدم على مشكلة ستتحملونها انتم والعالم سيظل متفرجاً عليكم.
بذلنا جهداً لمدة 4 أشهر متواصلة في التقييم وكان يختلف عن تقييم الانتخابات السابقة بشكل جذري لأهمية الانتخابات لأنها طالت موقع الرئاسة، وخرجنا بنتيجة أنه هناك مكسبين وطنيين حقيقيين تحققا من هذه الانتخابات، نحتاج نحن والمؤتمر وكل منظمات المجتمع المدني والصحافة والإعلام أن نراكم عليهما، المكسب الأول هو الوعي الجديد للعملية السياسية، فقد استطعنا من خلال هذه الانتخابات أن نجعل موقع رئاسة الدولة في اليمن حقاً لكل المواطنين اليمنيين، كسرنا كل المحظورات، تجاوزنا كل الثقافات القديمة، ثقافة المذهبية السياسية والمناطقية والجهوية، وأصبح من حق أي مواطن في أي منطقة من اليمن أن يفكر أن يكون مرشح للرئاسة.
المكسب الثاني هو الاندماج الوطني، فمرشحنا (فيصل بن شملان) وهو من حضرموت، خرجت ملايين من الناس في كافة محافظات الجمهورية لتؤيده، كذلك الرئيس علي عبدالله صالح خرجت ملايين من الناس في كافة المحافظات لإعلان تأييدها له.
استطاعت الأحزاب من خلال هذه الانتخابات أن تبني عليها وحدة وطنية ظهرت في الانتخابات بملايين من الناس الذين خرجوا لفعالية وهذا أمر غير عادي، هذا وعي جديد نكتسبه. الأمر المهم أن هذا الرجل العظيم الأستاذ فيصل بن شملان قدم درساً لكل اليمنيين، وهي أن كل يمني يستطيع إذا أمتلك الشجاعة والجرأة أن يقف أمام العالم وملايين من الناس ليقول أنا أنافس على هذا الموقع، هذا حقكم يا يمنيين، لا يوجد أحد يستطيع أن يحتكر هذا الأمر.
> " الخليج ": تحدثنا عن دور مرشحي الحزب الحاكم والمعارضة، لكن تناسينا دور 3 مرشحين آخرين، لعب بعضهم بشكل أو بآخر أدواراً متفاوتة لصالح أحد المرشحين أثناء الحملات الإنتخابية، هل نجحت الحملات الانتخابية للمرشحين الخمسة بإيصال فكرة المنافسة الشريفة للناخب؟
< سامي غالب: الانتخابات الرئاسية عملت نوعاً من التحديد، ربما النهائي، للخارطة الحزبية بين السلطة والمعارضة. وهي ضبطت المواقع والأوزان لكل طرف بصرف النظر بعد ذلك عن تشكيك المعارضة بالنتائج.
أعتقد أن الثلاثة المرشحين الآخرين الذين دخلوا العملية الانتخابية لم يكن لهم دور مؤثر، ربما إلى حد ما بالنسبة لفتحي العزب الذي قام بدور دعائي يخدم أحزاب المعارضة، ولكن دخوله العملية الانتخابية كان أصلا ضار، تماما كما دعم المؤتمر الشعبي مرشحين وهميين. هذه كانت مثلبة على الطرفين، مثلما نأخذ على المؤتمر الشعبي العام أنه قدم مرشحين وهميين للتشويش أو لا أعرف ما هو الهدف تحديدا، كذلك اللقاء المشترك لم يكن موفقاً بتقديم مرشح آخر، ذلك قلل من جدية المنافسة.
على العموم كانت الحملة الانتخابية ناجحة جدا. وأعتقد أن المعارضة فوجئت في لحظة معينة بأن الشارع كان يسبقها، وكذلك الحالة كانت مع الحزب الحاكم. بن شملان كنت أشاهده في الكثير من المراحل أسبق من المعارضة حتى في إدراك معنى خوض انتخابات رئاسية، فهو من اللحظة الأولى قال انه ليس ذاهبا إلى الفوز، وكان يعرف ويقدِّر تماما (اللحظة). بصرف النظر عن تصريحاته، كان يعي تماما حساسية هذه الانتخابات على مستقبل اليمن، والتاريخ سيذكر بن شملان باعتباره قام بواجب وطني وساهم في دفع العملية الديمقراطية في اليمن.
بالنسبة للرئيس صالح، نحن في اليمن، دولة في العالم الثالث بل في منطقة مجدبة من الناحية الديمقراطية، وفي هذه المنطقة سلطات أبوية، والورقة الأمنية وظفت خارجياً، والجانب الخارجي لم يكن محتاجا كثيرا لهذه الورقة (ليقرِّر). صحيح ربما راهن طرف داخل اليمن أن الخارج يمكن يتأثر كثيرا بالورقة الأمنية، ولكن ما يخص الانتخابات أعتقد أن هذه الورقة حيال الخارج لم تكن مؤثرة كثيرا لأن هذا الخارج كان قد حسم أموره، والمجتمع الدولي كان يريد أن يعود علي عبدالله صالح إلى الرئاسة، لم يكن يطمح أو يتطلع أو يراهن على تغيير في السلطة.
شخصيا لمست من دبلوماسيين غربيين بعد إعلان ترشح بن شملان سعادتهم ان هناك منافسة وكان تقديرهم أنه سيكون من الجيد للديمقراطية اليمنية لو حصل بن شملان على 30% من الأصوات وكذلك كان الإقليم. الورقة الأمنية لم تكن حاسمة بتحديد مواقف الخارج من الانتخابات.
لكن في الداخل لعبت الورقة الأمنية دوراً حاسماً، وكان لها دور مؤثر جدا بالذات في الأيام الأخيرة، قبل يوم الاقتراع، وهذا له علاقة بطبيعة السلطة في اليمن، سلطة أبوية، يعني الرئيس صالح بصرف النظر إن كانت المعارضة تحبه أو لا، أو كان معلقاً سياسياً يحبه أو لا، صار بمثابة الأب بالنسبة لنظام سياسي قائم من 3 عقود أو على الأقل منذ 16 سنة بعد الوحدة، أرتبط هذا الرجل بموضوع الاستقرار بصرف النظر عن ما هو الاستقرار المقصود من كل طرف.
كان من الصعب جدا أن تستخدم هذه الورقة وألاَّ تكون مؤثرة. بالضرورة كانت مؤثرة، وهنا أوجه نقداً شديداً للمؤتمر الشعبي العام فيما يخص فيصل بن شملان الذي اعتمد لغة مهذبة جدا في حملته الانتخابية ولم يتعرض لأحد بالتجريح وبالذات لمنافسيه، وفوجئ بحملة قاسية للغاية لاتتسق مع الخطاب الذي كان يقدمه، ما كان هناك ما يبررها، ووصلت إلى حد استخدام الورقة الأمنية بخصوصه هو شخصيا، فعشية الاقتراع للأسف الشديد ساهم الرئيس صالح شخصيا في هذه النقطة عندما عرض صورة لمرافق بن شملان وهو يقف خلفه. وهذه ستكون المثلبة الكبرى بالنسبة للاستحقاق الرئاسي، أتكلم هنا عن الجانب الشخصي. بالطبع توجد مثالب أخرى، (لكنني) اعتقد أنه بعد سنوات عندما نتذكر هذا الاستحقاق وهو وطني ومهم، ستذكر هذه القضية باعتبارها نقطة سوداء في الانتخابات الرئاسية.
الحملات الدعائية
> " الخليج ": أستاذ أبو لحوم لماذا كانت الحملة الدعائية مركزة بشكل كبير على فيصل بن شملان بشكل كان جارحا في كثير من التصريحات، حتى بالنسبة لقيادات المؤتمر، ألا تعتقد أن الرجل خدم النظام بقبوله خوض هذه التجربة؟
< محمد أبو لحوم: اتفق مع ما تفضل به الأخ سامي من أن الخطاب كان فيه نوع من النقد على الأستاذ فيصل بن شملان. أنا لا اتفق مع الخطاب الحاد، ولكن في نفس الوقت هذا يعزز من القناعة أن المؤتمر كان جادا في العملية الانتخابية وانه فعلا نظر إلى هذا المرشح بأنه جاد.
هذه طبيعة الانتخابات ولكن حتى النقد يجب أن يكون له حدود لا نتجاوزها، وبمجرد انتهاء هذه الانتخابات في تصوري يجب أن نطوي صفحة الانتخابات والنقد.
حُمَّى الانتخابات للأسف لا تنتهي بمجرد إعلان النتائج، لكنها تستمر فترة وإذا ما نظرنا إليها من سبتمبر إلى اليوم، فإننا نرى أن الخطاب والحدة والنقد من المشترك والحزب الحاكم بدأ يخف مع الوقت.
> " الخليج ": هل تعتقد أن الحملة التي خاضها المؤتمر ضد خصمه كان سببها شعوره بان الانتخابات هذه يمكن أن تفوز فيها المعارضة، أو بالأصح أن هذه الانتخابات كانت بالنسبة لكم بمثابة حياة أو موت؟
< محمد أبو لحوم: المسألة ليست انتخابات حياة أو موت. سبق وأن خضنا استحقاقات سابقة وكانت شبه انتخابات، لا توجد فيها نوع من المنافسة. الانتخابات الأخيرة فيها منافسة، وفي كل الأحزاب يوجد هناك الجناح المتشدد والجناح المعتدل وأجنحة أخرى، لكن الانتخابات تمت وأخذها المؤتمر على محمل الجد، وحرص أن يكون هو الفائز.
لم نخض الانتخابات ونحن واثقون بأن كل شيء سيسير على ما يرام، خضنا الانتخابات الرئاسية في ظل وجود قلق فعلا، لان هناك مصداقية من المؤتمر، كنا نتوقع أي شيء، دخلنا الانتخابات المحلية ولم نكن نتوقع حتى النتائج التي حصلنا عليها في هذه الانتخابات، وهذا يدل أن هناك توجهاً صادقاً ومصداقية ولا توجد أي شكوك أو أوهام لدى المؤتمر.
> " الخليج ": ما يؤخذ على الحزب الحاكم انه استعان بشخصية وتاريخ الرئيس علي عبدالله صالح، فإذا كان الرئيس صالح ستنتهي ولايته في عام 2013 فكيف سيخوض الحزب الحاكم الإنتخابات وعلى أي تاريخ سيستند؟
محمد أبو لحوم: بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام اعتقد أنه ما زال أمامه من الوقت ما يكفي حتى 2013، وعندما يأتي هذا العام سيكون لكل حادث حديث، والمؤتمر الشعبي العام غني برجالاته، وعلي عبدالله صالح تاريخه مشرق في المؤتمر الشعبي العام. ولم يتم انتخاب الرئيس إلا بالاستعانة بالرجال الصادقين والأوفياء المتواجدين داخل المؤتمر وخارجه، وفي هذا الجانب لا قلق عليه، اليمن غنية برجالاتها الأكفاء في كافة الجوانب، فلا نجعل من هذا عقبة أمامنا.
ورداً على حديث الأستاذ محمد الصبري حول ماذا استفدنا من هذه الانتخابات فأنا اتفق معه اتفاقاً كاملاً من أن قضية الوعي الجديد للعملية السياسية نقطة أساسية والاندماج الوطني نقطة مهمة، وهنا يجب أن يوجد نوع من الإتزان، وإعطاء المؤتمر حقه بأنه ساهم وعمل على ترسيخ هذه التجربة.
المؤتمر الشعبي العام الذي له فترة طويلة في الحكم تجرأ وأقدم على هذه الخطوة التي هيأت البلاد الآن إلى انتخابات جادة وحقيقية، ولن يقبل المواطن في 2009 أو 2013 بأقل مما حققه في 2006، والذي يراهن بان نعيد الأمور إلى الوراء فهو مخطئ، لان العملية الديمقراطية في اليمن انطلقت ولا يمكن لأي جانب مهما كان أن يوقفها.
واتفق مع الأستاذ الصبري فيما يخص الجانب الخارجي، والشيء الطيب أنه عندما نلتقي نحن والأخوان توجد نقاطاً اتفاق كثيرة جدا، وعندما نأتي لقضايا الاختلاف. نجدها نقاط فرعية وليست أساسية، ولهذا فإن الأمل قائم بأن نتجاوز الكثير من هذه الاختلافات واتفق معه فيما تطرق إليه بأن الخارج تعامل معنا بمسؤولية أعلى.
في تصوري أن الدور الخارجي هو دور مهم، ولكن الأهم هو الدور الداخلي، وأنا من الذين يؤمنون بأنه لا مانع أن نستغل الطرف الخارجي أو أي طرف إذا كان لمصلحة البلاد وليس العكس، فالخارج بقدر ما هو محتاج لليمن، اليمن أيضا بحاجة للخارج، ونتعامل معه بعقلانية وإتزان بما يعزز ويكرس العملية الديمقراطية.
في ندوة لصحيفة «الخليج» الاماراتية: (1-2) التنافس على الرئاسة كان جدياً، واضطرار الأحزاب إلى خوضها حال دون استثمار نتائجها
2007-04-19