صنعاء 19C امطار خفيفة

كنت في دماج 3

2025-04-11
كنت في دماج 3

عن "صواعق وملاعق" الشقيقة والخليج وإيران وصناعة الدماجية واستخلافها

 
**
" إذا اشتط الفقيه، رقعوه بقبيلي"، و"من رِكن على سبغ جاره، أكل عصيده خُسيم"، حِكم يمانية.
**
كيف نقرأ صواعق وملاعق الحروب والاستنزاف العنيف والمتوحش للبداوة الذهنية والذهانية، في ثقافتنا في صناعة واستثمار الدماجية في اليمن من قبل الأطراف الإقليمية، إذ يتحول القتل ليس إلى "عادة، وحق إلهي" كما تقول الزوامل الحوثية، فحسب، بل إلى "الغنيمة/ السلطة"، حيث تدار صواعقهم باقتدار ونهم وعبث، وللأسف تحت غطاء دولي ومسميات هاذية للسلام الأممي ومشتقاته، كاستثمار بنكي لا ينضب بمنطق "لاعبيني بلاعبك وإلا بكسر أصابعك" -مع الاعتذار للعبة الطفولة- ذلك السلام "الخثث" والمضروب والمعطوب في مساحة جغرافية شديدة البؤس والعزلة والحروب والتناحر اليومي، اسمها "اليمن"، وتكنى بالسعيد لتزيد من حدة الألم والتأليم المستدامين، حيث جعلت هذا الشعب المقتول بالقوة والإمكان، يعبُّ بجوع من بركة حروب الماضي لما قبل أكثر من 1400 عام، وليس بآخر التناحر الفتاك: السني -الشيعي، و"دمجنة" البلاد والعباد بهذا الخراب المستدام.
 
فهو يتخذ اليوم حُلة دموية أغرقت البلاد والعباد حاضرًا ومستقبلًا، إن استمرت صواعق وملاعق الشقيقة العربية السعودية، والإمارات العربية وقطر وإيران (الشقائق الإخوة الأعداء) تكرع تناحراتها المأزومة القداسية الغنائمية في اليمن، الضحية والأضحية معًا، اليمن -الدماجي، صناعة واستزراع، وتسمين وتفجير. إنها صورة إنسانها العاري من كل ما يمت للإنسانية بصلة، سوى المجاعة الممتدة جسدًا وعقلًا وروحًا، حيث يرمون له بالفتات المجذوم من الريع النفطي "لا يسمن ولا يغني من جوع"، ليعمروا ساحاتهم وأدواتهم ببناء الآلاف من صواعق وملاعق جهنمية: من المساجد والتكيات ودور الحديث ومدارس التحفيظ للقرآن الكريم، والمدارس والمعاهد ووو... الخ، الطافحة بالمذهبية والطائفية الفانية للبشر والشجر والحجر، وكل يلوح بقرآنه الجهادي، وكل له مشايخه وفيالقه العسكرية، وجبهاته وأنصاره، ناهيكم عن صناعة وتفقيس الألوية والمليشيات والعصائب المسلحة بشطرنج الإرهاب "شل منه وناوله" كما تقول الحكمة الشعبية!
 آثار الحرب والفقر والتشرد على أهل صعدة
آثار الحرب والفقر والتشرد على أهل صعدة
إنها الفرجة الدموية والدامية والمجانية واستعراض الموت في كل شبر من البلد، الذي كلما انقتل وانطحن يهذي بفرجويات عمياء: اليمن السعيد وموطن العروبة، وأرض الحضارة والإيمان والشرف والعفة... الخ من المُسكر المرتجع، فضلًا عن مخدر القات المقدس والمخدرات الأخرى.
 
هذه صورة اليمن اليوم، 2025، لا مياه نظيفة، لا كهرباء، جهل متفشٍّ، لا أمن ولا أمان، نساء مكربلات ومكربنات بأسود العيب والعورة والمقدس القرآني، وحروب "من طاقة لطاقة" كما لوح بها علي عبدالله صالح، أحد كوارث اليمن التي لا تعد ولا تحصى.
 
**
كل اللاعبين على مسرح اليمن -الدماجي التي بلا مسرح وسينما ومتحف وصحيفة وكتاب ولوحة فنية، صواعقهم وملاعقهم الجهنمية الظاهرة والباطنة اللاسعة والباردة، المُرة والمُسكرة، إذ كل له مطبخه ولا يختلفون إلا في الهوامش، ونحن نرى الفواجع في مطابخهم الإعلامية السامة، لتفوز بأول خبر، وصدق ولا تصدق، ومن قلب الحدث: اليمن!
 
نعم، شاهدنا وقرأنا مؤخرًا، حيث صالات تخاريف "السلام" المكيفة والأنيقة والفرجة، و"شقائق الإخوة الأعداء" يعمرون صناعة جديدة من السلفيات، ليست التقليدية المعروفة -إلى حد ما- بل السلفية العسكرية والمقاتلة بشكل ظاهر وقاهر ومستفز، من الجيوش القتالية من فيالق وكتائب وألوية تارة باسم المقاومة، وتارة مقاومة المقاومة، ومقاومات بمقاسات وتسميات مختلفة، أشكال وألوان من الفقاسات، لا تعد ولا تحصى، بلحى وبدون لحى، إذ تجد في الشارع الواحد أكثر من مسمى، من عمالقة والنخبة، والأحزمة والدرع أبو وطن، وأبو مخلاف وحيد وكوة... الخ. مليشيات "قوات وفصائل اليمن السعيد"، المخصبة والمخضبة تسحق الأخضر واليابس "وفوق الخراب والموت ارزم ارزم" كما حدث ويحدث في محافظة المهرة، ويافع وحضرموت والضالع والصبيحة، وتعز وذمار وصنعاء... الخ، من إعادة ونشر وتأثيث البلاد والعباد بالسلفيات الهوشلية، المستحدثة منها لتغدو ليس فقط فكرًا قياميًا، بل أجندة عسكرية قتالية -جهادية -استشهادية بختم الديني والقبائلي التناحري، وهو ما تُعلم به اليمن أرضًا وإنسانًا، ثم التباخير باسم السلام، البعيد عن معنى السلام الحقيقي الذي نتوق إليه جميعًا.
دار الحديث
دار الحديث
يكشف ولي العهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لصحيفة "الواشنطن بوست": "إن انتشار الفكر الوهابي في بلاده يعود إلى فكرة الحرب الباردة عندما طلبت دول حليفة من السعودية استخدام أموالها لمنع تقدم الاتحاد السوفيتي في دول العالم الإسلامي"، لكن طبول الحرب الباردة مازالت تقرع بحمية وتشتعل في اليمن التعيس.
 
**
اليوم مع ذرور السلفية الجديدة وجيوشها بختم "دور الحديث" العسكرية -القتالية، عرفنا، لماذا اختيرت "دماج" المتواشجة مع الحدود السعودية، لنشر الوهابية الصرفة من القرن الماضي، لغرس السلفية المتشددة في بقعة جغرافية (صعدة) المغلقة على المذهب الزيدي بنسخته المتشددة، حيث يعد شوكتها وهويتها الأصيلة وديدنها الأول والأخير؟
ولماذا تخلت وجففت منابع الوهابية بصواعقها وملاعقها الحداثية من الحياة السعودية والخليج، وصدرتها بقراطيس وصناديق بالمفرد والجملة، لتزهر وتعمر وتتوج وتفوش في أصقاع اليمن "الدبور" -المستباح، وليس بآخر الدمغة الإمارتية؟
أين أضع هذه الكتابة:
و"من ذا الذي ينسى جموع وقوافل الفقراء من صعدة، رجالًا ونساءً وأطفالًا، من الفقراء والمعدمين، وهم يجوبون الطرقات والصحارى والقفار، ويتعرضون للموت من قبل قطاع الطرق والأفاعي والعقارب السامة، أو السجن إن قبض عليهم، للوصول إلى الحدود السعودية لطلب اللقمة وبضعة ريالات أو الشغل بالأسود، وتتكرر هذه المأساة يوميًا بشكل مشهدي منذ عقود من الزمن، وربما كثرت اليوم مع الحرب والقبضة الحوثية. رأيت بعض هذه المجاميع في نهاية التسعينيات من القرن المنصرم، خصوصًا من الفتيات والأطفال (انظر مقالة "صباح الخير يا رازح -2007"، للكاتبة، https://www.alndaa.net/posts/2706).
**
في مقابلة مع السلفي الجهادي، وأحد تلامذة معهد دماج، صادق مهيوب حسن المكنى، بـ"أبو الصدوق"، يقول: أشير بالشكر إلى أشقائنا في المملكة العربية السعودية، لما قدموه لنا من دعم وجهد جبار، ومعها بالطبع بقية دول التحالف. وهذا المعروف الذي قدموه، سيظل دينًا في رقبتنا، ولا يمكن أن ننساه حتى نلقى الله عز وجل، القائل: "وهل جزاء الإحسان، إلا الإحسان" (https://marebpress.com/articles.php/alnasser/articles.php?id=43907).
**
مرة أخرى ومليون مرة، لماذا مع كل حرب وحرب مضادة، تُفتح صعدة على الجوع والمجاعة والحروب، ومعها ألف باب للسلاح والمخدرات وتجارة كل شيء محرم ولا إنساني؟ وليس بآخر ديناميت الحوثية والسلفية؟!
اثر الحرب على احد المنازل في دماج
اثر الحرب على احد المنازل في دماج
هل كانت دماج وصعدة واليمن ينقصها كل هذا الجحيم المتأصل فيها: (بلا دولة وإن وجدت فهي لتعمير الحروب وتسمين المشايخ والقبائل بضربهم ببعض، وفتح معابر التهريب والسلاح والمخدرات... الخ)، لتزيد صواعق وملاعق وسكاكين وسيوف وأدوات الموت أضعافًا بتمويل السلفية وشبكاتها وتمويل الحوثي وأذرعه وتسميم الحياة برمتها؟
قطف خبر:
عندما تغيب الدولة وإنسانها المواطن، وحقه في الوجود والحرية، والكرامة الإنسانية، ينطبق عليه الحكمة البليغة لشكسبير: "حشد العقلاء أمر معقد للغاية، أما حشد القطيع فلا يحتاج سوى راعٍ وكلب".
ولا، كيف تشوفوا؟!
 
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً