صنعاء 19C امطار خفيفة

تسعة رؤوس... وجسدٌ يحتضر!

في الوقت الذي تكافح فيه الدول لإيجاد قيادة موحدة قادرة على اتخاذ القرار، نجح اليمن -ولأول مرة في التاريخ الحديث- في تحقيق "تعدد الرؤوس" دون جسد فعلي للدولة!

 

نعم، لدينا رئيس بالشمال يُطلق "الصرخة"، وثمانية في عدن يتبادلون الأختام ويمضون القرارات وكأن الوطن شركة مساهمة... وكلٌ منهم يزعم أنه المدير التنفيذي للأمل!

 

الصرخة بدلًا من النشيد

 
في صنعاء، لا يُرفع النشيد الوطني، بل تُرفع "الصرخة".
الرئيس هناك لا يعترف بدستور الجمهورية، بل بدستور الجماعة.
كل شيء يُدار باسم الثورة، وكل من لا يوافق يُصنَّف ضمن "تحالف العدوان"، حتى وإن كان مزارعًا يبحث عن بذور الذرة في سوق الطلح!
الحكم هناك لا يعرف برلمانًا ولا انتخابات، بل لجانًا، وصندوق دعم "للمجهود الحربي"، ووزارات وظيفتها الأساسية هو جمع الزكاة وتوزيع الأمل المؤجل.
 

عدن... مؤتمر مفتوح للرئاسة الجماعية!

 
وفي عدن، المشهد أكثر كوميدية من دراما.
لدينا ثمانية رؤوس، كل واحد منهم يتحدث بلغة تختلف عن الآخر، جميعهم يطالبون بـ"استعادة الدولة"، لكنهم حتى اللحظة لم يتفقوا على شكل علمها أو لون بوستراتهم في المطارات.
الكل يتحدّث باسم "الشعب"، لكن لا أحد منهم يستطيع السير في شارع شعبي دون أن يتلثم خوفًا من الكلمة الحرة.
تتسابق الوفود على المؤتمرات، ويتحدثون عن "الحل اليمني"، بينما الشعب لا يجد حتى "حل الغداء".
 

حكومة على الواتساب... وشعب بلا شحن!

 
الحكومات تعمل من الخارج، عبر تطبيق "زووم"، وتتناقش في القضايا المحلية من فوق أبراج دولية.
يُعيِّنون الوزراء، ويتفاوضون على تقسيم الإيرادات، ولا يعرفون أن الكهرباء لم تعد تأتي، والماء يأتي بالواسطة، والراتب يأتي فقط في الأخبار.
أما الشعب، فقد تحول إلى جمهور في عرض عبثي:
يشاهد المسرحية،
ويدفع ثمن التذكرة،
ولا يُسمح له حتى بالتصفيق أو الاعتراض!
 

هل من قيادة... أم أننا شعب بلا بوصلة؟

 
نحن لا نطلب المعجزات. نعرف أن العالم مشغول، وأن المانحين أكثر من المنفذين، لكن فقط نريد:
قائدًا يُشبهنا،
مسؤولًا يعيش بيننا،
وحكومة تعرف أن عدن ليست في نيويورك، وأن تعز ليست برنامج في قناة يوتيوب.
 

خاتمة من نار!

 
في اليمن، لم تَعُد المشكلة في الحرب... بل في من يدير ما تبقّى من حطامها.
نحن لسنا بحاجة لتسعة رؤوس... نحن بحاجة لقلب ينبض بالحقيقة، لعقل لا يخاف من الشعب، ولضمير لا يُباع في مزاد الخارج.
فهل من رئيس حقيقي... يعرف أن الوطن ليس مكتبًا، بل شعب يموت ليعيش؟

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً