كأحد أبناء قطاع غزة، أعيش كل يوم تحت وطأة المظلوميات المتراكمة، حيث يتجلّى شعور بالتفوق الأخلاقي في قلوبنا. إنه شعور يتغذى على تجاربنا المريرة مع العنف والظلم، كأننا نكتب قصة وجودنا بمداد من دموعنا. كل لحظة من المعاناة تُعيد تشكيل هويتنا، وتُعطي لنا صوتًا يتردد في عروق الألم.
لكن في خضم هذا الصمود، أرى بعضًا من أبناء شعبي يمارسون العنصرية تجاه الآخرين، سواء كانوا فلسطينيين يعيشون في الشتات أو عربًا أو متضامنين. أشعر بأن هذا السلوك يُعبر عن فقدان الثقة في الآخرين، وكأن الألم الذي نعيشه يمنح البعض الحق في الحكم على من لا يعيشون تجربتنا القاسية. بينما في واقع الأمر، أنا أحتاج إلى مد اليد بدلاً من جرح قلوب الآخرين. هل أريد أن أصنع جدارًا بيني وبين إخوتي، بينما أنا في أشد الحاجة لجسر يربط قلوبنا؟
أرى كيف أن العنصرية، حتى لو كانت مبررة في عتمة الألم، تعزز الانقسامات وتغلق أبواب الأمل. هذه المشاعر تُحاصرني، لكنني أرفض أن أكون جزءًا من هذا الخطاب. معاناتي ومعاناة أبناء شعبي تستدعي التعاطف واحترام أيّ جهد أيًّا كان، لتكون نورًا يُضيء دروبنا بدلًا من أن يتحول إلى سلاحٍ يُجرِّح قلوبنا.
لذا، أدرك أنه من واجبي كفلسطيني يعيش تحت قسوة وعنجهية الاحتلال، أن أُعزز خطاب التضامن والوحدة. يجب أن نستخدم هذه المظلومية كنافذة للأمل، لنفتح قلوبنا لكل من يتعاطف معنا، ونجعل من معاناتنا قوة تُجدد روح التضامن.
في الآخر، يجب أن نرى في الآخرين مرآة تعكس آلامنا وآمالنا، لأن الوحدة في مواجهة الظلم هي الطريق إلى الحرية، وصدى صوتنا الذي ينادي بالعدالة.
*شاعر من فلسطين