لا أملك إلا أن أتوجه بالتحية لكل من خطط وأعد وجهز ودرب ونفذ للعملية البطولية في يوم السابع من أكتوبر العظيم من سنة 2023، المعروفة بعملية "طوفان الأقصى"، والتي كانت طوفانًا ميدانيًا بالفعل، واسمًا على مسمى، والتي تدل على ذكاء خارق لدى أولئك الرجال الذين أعدوا للعملية، وما لديهم من أفكار غير عادية تتجاوز حدود المعقول تلك العملية البطولية التي ستخلد وسيكتب عنها بأحرف من نور في تاريخ الأمة العربية والإسلامية والإنسانية، بل ستتم دراستها وتدريسها في الكليات العسكرية العليا والمعاهد الاستراتيجية، باعتبارها من معجزات وإنجازات القرن الحادي والعشرين.
لا أقول ذلك من باب المبالغة، ولكني أقولها من باب الإنصاف، ومن باب التوصيف الصحيح والحقيقي لتلك العملية الخارقة لكل ما هو معروف ومألوف، فعندما يتمكن تنظيم في منطقة محدودة المساحة هي "غزة"، ومحاصرة لأكثر من 16 عامًا من كل مقومات الحياة ووسائل العلم الحديث، ومراقبة عبر الأقمار الصناعية وطائرات التجسس المسيرة والعسكرية التي تحلق في سمائهم يوميًا، والمخبرين المحليين وأجهزة الأمن بالمناطق العرببة المحيطة، وفوق ذلك أسلاك شائكة تحيط بالأرض التي يقطنون فيها، ومزودة بكاميرات المراقبة والتنصت، وأعمدة خرسانية مغروسة في أعماق الأرض، وعليها معدات ومجسات للإشعارات والتحسس، وقبل ذلك وبعده جيش مزود بكل أنواع الأسلحة العصرية الحديثة ومعدات التكنولوجيا التي تزوده بها أمريكا، ويقال عنه إنه جيش لا يقهر، فعندما يتمكن تنظيم من تجاوز كل تلك المعوقات الضخمة، وأن يضع الخطط والتجهيزات، وينجح بتجاوزها جميعًا، ويوجه ضربة قاصمة للعدو الصهيوني وبأسلحة عادية، ويقتل ويجرح ويأسر خلالها المئات، وبمعجزة خارقة للمألوف، فإن ذلك قد أدى إلى إصابة الكيان الصهيوني الدخيل كله بصدمة هائلة، بل أوصله إلى حالة من الهستيريا والجنون، جعلته يرتكب جميع أنواع الجرائم الهمجية من قتل وتدمير وانتهاك للقوانين والاتفاقات الدولية والأعراف الإنسانية، مثل القتل الجماعي وقصف المباني والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية، وبدعم عسكري ومادي غير عادي من الاستعمار الأمريكي.
وبالرغم من مرور عام كامل على استمرار كل تلك المجازر والمذابح الجماعية والعدوان الهمجي، فمازال أبطال عملية طوفان الأقصى، ومعهم أبناء قطاع غزة، صامدين وثابتين على الأرض، يواصلون بكل بطولة وشجاعة وبسالة نادرة، مواجهة ذلك العدوان المجنون بكل صبر وتؤدة، مؤمنين بحقهم بالحياة والنصر، وحتمًا سينتصرون بإذن الله بالرغم من حالة الخذلان والخنوع والاستسلام والانبطاح الرسمي العربي، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير". وكما قال القائد المعلم جمال عبدالناصر: "إن الذين يقاتلون من حقهم أن يأملوا بالنصر، أما الذين يتفرجون فليس من حقهم أن ينتظروا إلا القتل".
ألف تحية لرجال ونساء وشبان وشابات غزة ولأطفالها وشيوخها ولحجرها وشجرها.
ورحم الله كل شهداء عملية طوفان الأقصى، وكل شهداء الشعب العربي الفلسطيني، شعب الجبارين، في كافة مناطقه، وعبر كل مراحل نضاله. وأطال الله بأعمار مناضلي الشعب الفلسطيني بكافة فصائله، وفي مختلف المدن والقرى والسهول والمخيمات، وفي الشتات.
وإنها لثورة حتى النصر.