الأستاذ والصحفي القدير بنى نفسه من الصفر. عصامي من طراز رفيع. فرحلة حياته -مد الله في حياته- كفاح متواصل وعنيد.
بدأ التعليم في الكتاتيب؛ المدرسة التقليدية قبل الثورة اليمنية: سبتمبر، وأكتوبر، والتحق بالتعليم الحديث. وفي الثانوية العامة انتمى للاتحاد الوطني للطلاب، وانتُخِبَ عضوًا في مجلسه التنفيذي.
انخرط في المظاهرات والإضرابات والاحتجاجات المدنية المطالبة برحيل الاستعمار البريطاني، وكان ضمن أول منحة دراسية تقدمها مصر لليمن الديمقراطي.
انتسب لكلية الإعلام بجامعة القاهرة -قسم الصحافة، وواصل نضاله الطلابي، وانتخب نائبًا لرئيس الاتحاد الوطني لطلاب اليمن، فتولى مسؤولية العلاقات الخارجية، وكان المنسق للشؤون الطلابية.
أسهم في تأسيس اتحاد الطلاب العرب والأفارقة في مصر، وانتخب نائبًا للرئيس، ومثَّلَ الاتحاد الطلابي في العديد من الأنشطة والمؤتمرات في مصر والكويت والجزائر وليبيا والأردن.
اعتقل لأربع مرات من قبل البوليس المصري بسبب نشاطه الطلابي ودفاعه عن القضايا الوطنية والقومية. فقد اعتقل عقب الاعتصام في سفارة الـ ج. ع. اليمنية بعد التوقيع على تجديد اتفاقية الحدود مع المملكة العربية السعودية في الطائف (اتفاقية أخوة عربية وصداقة إسلامية)؛ والتي وقعتها اليمن تحت وطأة هزيمتها في حرب 1934، وقررت الحكومة المصرية ترحيل عدد من الطلاب اليمنيين من ضمنهم محمد قاسم نعمان، وتدخل الرئيس سالم ربيع علي، رئيس الجمهورية، وأُعِيدَ من المطار لمواصلة الدراسة.
في "انتفاضة الخبز" عام 1977، اعتُقِل قاسم في سجن القلعة، إلى جانب كثير من قيادات الانتفاضة وزعماء المعارضة؛ منهم: الأستاذ رفعت السعيد، الأمين المساعد في حزب التجمع اليساري؛ وقد أشار رفعت السعيد إلى ذلك في بعض كتبه.
وعقب زيارة السادات إلى القدس عام 1977، وموقف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، تمَّ ترحيله إلى جانب زملاء آخرين؛ فواصل الدراسة في الجزائر علوم سياسية، بعد إلغاء قسم الصحافة، واهتم بتوزيع زملائه المُرَحَّلين لمواصلة دراستهم.
عاد من الجزائر ليعمل في صحيفة "14 أكتوبر"؛ قسم التحقيقات، وفي أقسام مختلفة، وصولًا إلى سكرتير تحرير، كما تولى مسؤولية العمل الحزبي في الصحيفة والمؤسسة، وتلقى دورات تدريبية في ألمانيا.
التحق بـ"صوت العمال"؛ وهي الصحيفة التابعة للاتحاد العام للنقابات، إلى جانب زملائه: عبدالباسط السروري، وعمر باوزير، وعبدان دهيس، والجسار، وعبدالله باوزير، وأحمد ثابت، وفاطمة محمد بن محمد، ووفاء العماري، المستشار القانوني.
وقد لعبت "صوت العمال" دورًا بارزًا في تبني القضايا الوطنية والقومية، ومحاربة الفساد، والدفاع عن قضايا العدل الاجتماعي وحرية الرأي والتعبير، ويشيد نعمان بدور مندوب الصحيفة في صنعاء الزميل أحمد الحاج، في تغطية الأخبار وإجراء التحقيقات.
تعرض محمد نعمان للتهديد بالقتل أكثر من مرة بعد حرب 1994 ضد الجنوب، والتي قادها المؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للإصلاح والعائدون من أفغانستان.
في العام 1989 شَكَّلَ إلى جانب زملاء منظمة حقوقية، وكان الرئيس أحمد الكازمي، والأستاذ سالم عمر حسين أمينًا عامًا، وعضوية كل من: رضية شمشير، وفضل علي عبدالله، والدكتور حيدرة ناصر، والدكتور محمد ناصر وآخرين، وتبوأ فيها موقع نائب الرئيس.
توسعت المنظمة بعد الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو 1990، وانضم إليها مصطفى نعمان، والدكتور محمد عبدالملك المتوكل، ومحمد عبدالله الفسيل، وعبدالحبيب سالم، إلا أنَّ مقرها تمَّ اقتحامه في حرب 1994، وتم مصادرة كل ما فيه.
واصل نعمان نشاطه في القاهرة من خلال "مركز القاهرة لحقوق الإنسان"، وعاد إلى عدن عام 2002، وعند رجوعه طلب منه علي عبدالله صالح إعادة إصدار "صوت العمال"، لكنه رفض رغم الإغراءات.
طالب بترخيص لتأسيس "المركز اليمني لدراسات حقوق الإنسان"، وبعد مراجعات عديدة تم الترخيص؛ فأصدر صحيفة "التحديث"، وواصل الإصدار حتى جاء الأمر بإيقافها.
تواصل نشاط المركز الحقوقي من خلال التوعية والتدريب للشبان والشابات، وأنشطة المجتمع المدني في مجالات مختلفة، والمشاركة في مختلف الأنشطة داخل الوطن اليمني، وقد شارك في مؤتمر الحوار الوطني كممثل لمنظمات المجتمع اليمني.
شارك الأستاذ محمد قاسم نعمان في مؤتمر الحزب الاشتراكي عام 2014؛ وهو شديد الحرص على استقلال عمل المركز.
الأستاذ محمد قاسم نعمان من مؤسسي نقابة الصحفيين اليمنيين الموحدة عام 1990؛ وقد انتخب في عضوية المجلس المركزي، وقد قامت السلطة عقب حرب 1994 بطلب فصله مع رفاقه من عضوية المجلس بعد لجوئهم إلى القاهرة، ولكن قيادة النقابة رفضت في ذلك الوقت الاستجابة للضغوط.
الأستاذ محمد قاسم نعمان علم من أعلام الصحافة اليمنية، وأحد أهم المدافعين عن الحريات والحقوق وحرية الرأي والتعبير؛ مد الله في عمره! ومزيدًا من الصبر والعطاء.