حُرفة الحِرفة! - حسن عبدالوارث
دهش أحدهم لمعرفته أن كاتبا ً كبيرا ً يسكن بيتاً حقيرا ً..
وحين أبدى دهشته للكاتب، أجابه الأخير:
- سيدي الفاضل.. إن الكلام رخيص... لكن مواد البناء غالية الثمن!
وقد اقترن الأدب - والكتابة إجمالا ً – بالحُرفة، أي الفقر والفاقة والعوز.. وفي العامية نقولها: "حِراف".. أي إفلاس الجيب أو ضيق ذات اليد..
فلم تقترن حِرفة بحُرفة، كمهنة الكتابة!.. ولم يُعرف عن ماهنين حالة الضنك في العيش، كالتي عُرف بها أهل القلم!
وهذا المشهد ينطبق على الغالب الأعم من هؤلاء، إلاَّ من رحم ربي، ممَّن رزقهم الله من باب آخر كالورث أو اللُقْية، أو من قرَّّبهم الحاكم إليه، أو من ألقت بهم دعوة الوالدين في مهب الدولار، أو من زاولوا -إلى جوار الكتابة- مهنة ً أخرى.. أو "شغلة" ما!!
ومن الصور المُجسِّدة للعنة الكتابة، يحكي الفيلسوف الإسباني "أونا موفو" واقعة ً عن صديقه الطبيب..
فقد كان هذا الطبيب بارعا ً في مهنته، وكان له طابور طويل من "الزبائن".. غير انه قرَّر في لحظة إبليسية أن يزاول الكتابة، فراح يكتب القصة القصيرة التي لم يجد القراء فيها أية متعة..
ولهذا السبب امتنع مرضاه عن ارتياد عيادته، فبارت مهنته بوارا ً كاسحا ً وكانت نهايته إنهيارا ً فادحاً!!
ويوما ً فيوماً يصادفني زميل قديم ترك حِرفة الصحافة إلى سواها.. فإذا به قد " زَبَط " الفقر وهجرَ " الحِراف " وصار من حملة دفتر الشيكات!.. فيما لا نزال من حملة الأقلام... والأحلام.. والآلام!
وسألني صديق مرة ً في هذا السياق:
- لو قُدِّر لك أن تعود إلى نقطة البداية، فأية حرفة كنت ستختار ؟
ووجدتُني أُصعق من إدراكي بأنني كنت سأختار الحرفة ذاتها!!
الحكومة تقول..
،، أنا والحكومة حبايب وأكثر من السمن على العسل.. فرئيسها صديقي.. وأكثر من نصف أعضائها أصدقاء وزملاء أعزاء..
غير أن القريحة، أحيانا ً، تتجاوز حدود العلاقات الطيبة إلى تخوم المحاذير المرعبة.. وأعرف أن نشر هذه الأرجوزة لن يُفسد للود ّ قضية،،
الحكومه تقول:
كُلْ فَلافِلْ وفُول
إنَّما اللحمُ ضار
وجميع ُ الخُضار
مُتْلِفٌ للعُقول.
ثمُ َّْ سِعْرُ الدجاج
قاطع ٌ كالزجاج
فاقَ سعرَ العُجول.
واْحترسْ، فالسَّمَك
رُبَّما سَمَّمَك
واْجتَنِبْها البُقول.
واْحذر البَِوِْدَرا
بالمنايا سَرَى
في جميع ِ الحُقول!
والحكومه تُعِيْد:
جُعْ تَصِحْ كالحديد
إنَّما " الفَيْتَمين "
والفَصِيلُ الَسمين
في ثنايا العَصِيد.
بَيْدَ أنَّ المَرَق
من طعام ِ السَّرَق
كُن ْ نظيف َ الرَّصِيد.
لا تُفَضِّل ْ على
فُوْلِنا ذا الحَلا
واْترُكَن ْ كلَّ صَيد.
كلُّ جوع ٍ جليل
كل ُّ صبرٍ جميل
ذاك َ بيت ُ القَصيِد!.
wareth
حُرفة الحِرفة!
2006-11-16