الانتخابات الرئاسية.. حزب حاكم منشغل ومعارضة في مواجهات داخلية مع قياداتها
- عبدالحكيم هلال
بعد تراجع الرئيس علي عبدالله صالح عن قراره بعدم ترشيح نفسه، واعلان احزاب اللقاء المشترك مرشحها للرئاسة، خلافاً لما درجت عليه في الانتخابات الرئاسية الماضية1999م.. فإن الصورة التي ظلت غير واضحة طوال فترة ال(11) شهراً واسابيع (من اعلان الرئيس بتاريخ 17/7/2005 نيته عدم الترشح) قد بدأت تتضح ملامحها بخوض غمار منافسة قوية على كرسي القصر الجمهوري، بعد أن ظل متخوفاً منه خلال الفترات الماضية، تحت مبررات عدة، تارة باسم المصلحة العليا للوطن، وتارة لعدم القدرة علىمواجهة الرجل الأول في الحكم،.
إلا أن دعوات الرئيس، ومن خلفه قيادات حزبه العليا، للمعارضة بخوض غمار المنافسة تحول فيما يبدو إلى عدم رضى، برز جلياَ في تصريحات باسم المصدر المسؤول ثم لحقته تصريحات الرئيس نفسه. إذ أنه واثر تسمية المعارضة مرشحها المستقل فيصل بن شملان، اعتبر مصدر مسؤول في الحزب الحاكم، المعارضة خالية من الرجال الوطنيين القادرين علي منافسة حزب لا يعرف إلا السلطة منذ إعلان التعددية الحزبية في 22 مايو 1990م.
الرئيس نفسه وهو الذي ادار حوار اتفاق المبادئ لانتخابات نزيهة، اكد تصريحات المصدر المسؤول حينما استغرب من عدم ترشيح المعارضة لشخصية من صفوفها، وهدد بفتح «كل الملفات» في آخر خطاب له أمام خريجي كلية الشرطة في (5) يوليو الماضي.
ويعزو متابعون تهديد الرئيس الأخير، رداً على تصريحات قوية صدرت من قيادات حزبية في اللقاء المشترك، اثر اعلان مرشحها للرئاسة، الأمر الذي يذهب بالمنافسة إلىحمى قد تصيب اتفاق المبادئ بمقتل إذا ما استمرت الاتهامات ورد الفعل إزاءها على هذا المنوال.
إلا أن ا لاتفاق الذي احتفت به الاحزاب المتحاورة، بما فيها الحزب الحاكم نفسه، كان قد تعرض إلى هزات متتالية افصحت احزاب المشترك عن عدم رضاها للخروقات التي كان ابرزها تسخير وسائل الاعلام الرسمية لمرشح الحزب الحاكم، وغيابها عن مرشح المشترك.
وأمام تلك التصريحات الساخنة، تتضح مرحلة جديدة من المواجهة بين اطراف القوى التي تتسيد العمل السياسي، بعد ان كانت هدأت إبان توقيع اتفاق المبادئ، إلا انها ظهرت على السطح بقوة بعد تراجع الرئيس عن قراره، واكثر بعد تسمية المعارضة لمرشحها وكما استغرب الرئيس وقيادات حزبه من اختيار المشترك لشخصية مستقلة ايضاً ردت المعارضة باستغراب آخر لهذا التصعيد إذ أعتبرت مصادر معارضة لـ«النداء» إن تصعيد المؤتمر لمواقفه يعكس تخوفاً مبطناً قد ينتج عنه السير بالعملية الديمقراطية نحو الانتكاس وحرفها عن هدف التنافس لاصلاح الوطن إلى تبادل الاتهامات وبث الاشاعات المفبركة، التي تسيء إلى العملية الديمقراطية برمتها، والقبول بالمنافس الآخر، مشدداً على أن الغرض الحقيقي من التنافس على كرسي الرئاسة ليس سيطرة حزب بعينه، وإنما ايصال الشخصية النزيهةوالمناسبة إلى ذلك الكرسي لاصلاح ما عجز عنه الحزب الحاكم طوال الفترات الماضية.
وعلى ما يبدو فإن الحزب الحاكم بدأ اللعب بأوراق متعددة، لمواجهة تحدي المعارضة بمنافس ارتسم باذهان الناس أنه رافض للفساد أومخالفة القانون عبر مواقفه السابقة. حينما كان وزيراً للنفط وعضواً في مجلس النواب، وتتضح تفاصيل تلك الأوراق، بتشجيع الصحافة الرسمية وصحافة الحزب الحاكم لمرشحين، قدموا ملفاتهم للترشح بمخالفة قرارات احزابهم المنظوية في إطار اللقاء المشترك.
وإذا كانت احزاب المشترك قررت خوض المنافسة الخارجية، امام الحزب الحاكم، فإنها حتماً لم تكن قد قررت خوضها داخلياً مع افرادها الذين اقدموا على ترشيح انفسهم.
فالحزب الاشتراكي، الذي كرس لقاءاته القيادية مؤخراً لمواجهة ما اسماها بالمخالفات الحزبية التي ارتكبها اعضاء من اللجنة المركزية لم يكن بأحسن حال من التجمع اليمني للإصلاح الذي يتحتم عليه ايضاً مواجهة أحد قياديه، كان هو الآخر قدم ملف ترشيحه إلى هيئة مجلس النواب امس الأول.
مصدر مسؤول في الحزب الاشتراكي قال إن قرار تأكيد ترشيح فيصل بن شملان ممثلاً له وللمشترك في الانتخابات الرئاسية كان جاء عبر الاجتماع الاستثنائي للمكتب السياسي والأمانة العامة، الاحد الماضي،اثناء الوقوف علىالمستجدات التي منها المخالفات الحزبية التي ارتكبت من قبل اعضاء من اللجنة المركزية، تقدموا بطلبات ترشيح للانتخابات الرئاسية كمستقلين.. وهي إشارة إلى كل من عضوي اللجنة المركزية للحزب، احمد عبدالله المجيدي، ود. مين احمد ثابت.
وفيما اعتبر المصدر الاشتراكي ما حدث يمثل خرقاً صريحاً لقرارات الهيئات القيادية، مشفوعاً بادانة خرج بها اللقاء الاستثنائي ضد من رشحوا انفسهم خارج إطار هيئات وقرارات الحزب، ومطالبتهم سحب ترشيحهم فوراً خلال الايام المحددة قانوناً للانسحابات.
فإن ا لتجمع اليمني للإصلاح هو الآخر، وعبر مسؤول دائرته السياسية، محمد قحطان، قال لـ«النداء»: «إذا صح ان الدكتور فتحي العزب، وهو أمين عام مساعد بأمانة العاصمة للاصلاح قد رشح نفسه، فإن ذلك يعد خرقاً للإلتزام التنظيمي.
وأضاف: «أن المشترك لن يكون معنياً بأحد، غير مرشحه الرئاسي الذي سماه وأعلن عنه، وقدم ملفه إلى مجلس النواب، السبت الماضي، وهو فيصل بن شملان».
واثناء تلك المواجهات الداخلية التي يواجهها اكبر حزبين في اللقاء المشترك، فإن قضية ترشيح المخالفين للقرارات التنظيمية، لن تكون سهلة، إلا إذا قرر الحزب الحاكم تزكيتهم لحضور المشهد التنافسي، الذي بطبيعة الحال سيتغيبون عنه مالم يقم المؤتمر بهذا الاجراء، وهو ما تتمناه تلك الاحزاب لتتفرغ لمعركتها الخارجية مع رئيس حزب الاغلبية، والسلطة.
إلا أن الأمر الأكيد ان الحزب الحاكم لم يكن قد وضع في حساباته تزكية شخصيات محسوبة على احزاب اللقاء المشترك، فهو فيما يبدو كان خطط مسبقاً لدعم مرشحين آخرين لتشتيت اصوات المعارضة على رأسهم مرشح المجلس الوطني للمعارضة، ياسين عبده سعيد، الذي تم اختيار اسمه بعناية لتشابهه مع اسم الدكتور ياسين سعيد نعمان، الذي كان يتداول اسمه في الشارع كمرشح للمشترك كما يبدو وأن الدكتور علي هود باعباد رئيس جامعة حضرموت اختير هو الآخر من قبل الحزب الحاكم، على أمل أن يسحب اصوات ابناء حضرموت التي ينتمي إليها مرشح اللقاء المشترك فيصل بن شملان.
ومن المتوقع أيضاً ان يزكي المؤتمريون إحدى النساء الثلاث اللائي رشحن انفسهن، آخذاً في حساباته الاعتبارات الدولية لتشجيع المرأة.وهو الأمر الذي قد يقلل من مخاوف احزاب المشترك في تزكية اعضائه المخالفين، في حالة عدم تراجعهم عن ترشيحاتهم خلال الفترة المحددة للانسحاب.
الانتخابات الرئاسية.. حزب حاكم منشغل ومعارضة في مواجهات داخلية مع قياداتها
2006-07-13