سلطة حكومة الشرعية التي تسيطر على أجزاء من محافظة تعز، تستغل ضحايا الحرب من المعاقين العسكريين، وتزج بهم في معارك داخلية بإغلاق المؤسسات والمرافق الحكومية التي لا تخضع وترفض دفع الجبايات.

أمس، هاجم  مسلحون وجرحى ينتمون لقوات محور تعز، مكتب شركة الغاز، واعتدوا على مدير المكتب، بلال القميري، عقب رفضه تخصيص جبايات لصالح "جرحى الجيش".

هجوم جرحى محور تعز على شركة الغاز، أمس، أتى بعد أسابيع قليلة من دفع مليار ريال اعتمدها مجلس القيادة الرئاسي لصالح محور تعز، وفق تأكيد مصادر في السلطة المحلية، وفي سياق هجمات عديدة طالت مرافق حكومية، كان آخرها إغلاق فرع مصلحة الأحوال المدنية لأكثر من أسبوعين، الشهر الماضي، بسبب امتناع مدير فرع المصلحة عن إضافة جبايات على إصدار البطاقات الشخصية.

يقول موظفون في شركة الغاز لـ"النداء": نحن جهة إشرافية، وليست إيرادية، ولا مبرر للهجوم على مكتب الشركة.

يبدو أن هجوم عكاكيز سلطة الجبايات على مكتب شركة الغاز، أتى لتجديد عقود الجبايات، وتعزيز نسبتها بعد مرور عامين على توقيعها وارتفاع فارق صرف العملة الأجنبية.

مطلع العام 2022م، استدعى مسؤول بدرجة وكيل محافظة مقرب من الإصلاح، جميع ملاك محطات تعبئة أسطوانات الغاز، إلى منزله، وألزمهم بالتوقيع على محاضر جبايات غير قانونية على أسعار تعبئة الأسطوانات، بفرض 100 ريال عن كل أسطوانة تتم تعبئتها في محطاتهم، تذهب هذه الجبايات لصالح سلطة الجبايات بواقع 50 مليون ريال شهريًا، إذ بلغت بلغت مليارًا ونصف المليار خلال عامين.

 

ومنتصف شهر يونيو الماضي، رضخ مدير فرع مصلحة الجوازات، وأضاف مبلغ 5500 ريال بصورة غير قانونية، يتم تحصيلها خارج المالية العامة، ويدفعها المواطن عند استخراجه جواز سفر من فرع المصلحة، بحسب تأكيد مصادر "النداء" وموظفين في المصلحة.

وذكر مدير عام الموارد في ديوان المحافظة مهيوب الحبشي، أن الجبايات المفروضة على المواطنين عند استخراج جوازات السفر، أتت لاحتياجات طارئة، وأنها أُقرت باجتماع المكتب التنفيذي بالمحافظة.

أطاحت عكاكيز ضحايا الحرب بمدير مصلحة الهجرة والجوازات السابق الدكتور منصور العبدلي، الذي تؤكد مصادر في السلطة المحلية أنه رفض تخصيص جبايات غير قانونية تضاف على رسوم إصدار الجوازات.

يؤكد مسؤولون في تعز أن عكاكيز المعاقين تحولت إلى وسيلة يحركها طرف سياسي لإخضاع بعض المسؤولين، وتحقيق موارد خارج نطاق المالية العامة للدولة.

خصميات

في رمضان الماضي، خصص ولي العهد السعودي إكرامية لجرحى وشهداء الجيش في مناطق الشرعية، وفي محافظة تعز أغلق من يطلقون على أنفسهم تسمية "رابطة جرحى الجيش"، شارع جمال، لمدة يومين. قاد ذلك إلى منع شركة الصرافة من الصرف المباشر للمستفيدين، تم سحب مبالغ الإكرامية إلى الألوية العسكرية، وصرفت عبر لجان عسكرية تبين لاحقًا حدوث استقطاعات وخصميات  تصل إلى 10 آلاف ريال من مكرمة كل فرد.

استغلال ضحايا الحرب

الناشط الحقوقي الدكتور عبدالحليم المجعشي، قال لـ"النداء" إن جرحى الحرب تحولوا بعد سنوات من إصابتهم إلى معاقين، وهناك صندوق خاص بمعاقي الجيش في وزارة الدفاع، لديه الموارد الكافية لدعمهم ورعايتهم، ولا علاقة للصندوق بالشأن المدني.

وأضاف المجعشي: هناك طرف سياسي معروف لجميع أبناء تعز والقيادة السياسية، يستخدم هذه الفئة المتضررة من الحرب، لفرض جبايات غير قانونية، ويتم تحريكهم من قبل هذا الطرف باتجاه الجهات والمرافق التي ترفض الجبايات.

وتابع: يأخذون جبايات من الجوازات والبطاقات والغاز والكهرباء والخدمات، بصورة غير قانونية، من خلال توظيف واستغلال هذه الفئة المعاقة لتحقيق مصالحهم.

حماية السوق السوداء

لم يقتصر تحرك معاقي الحرب لإغلاق المرافق الحكومية وإزاحة الخصوم، إذ تطور إلى الدفاع عن تجارة السوق السوداء.

في شهر مايو الماضي، نفذت السلطة المحلية بمديرية القاهرة، حملة لإزالة طرمبات الوقود من شوارع وأحياء المديرية، بعد كارثة حريق، وعقب تنفيذ الحملة التي أزاحت أكثر من 30 طرمبة عشوائية، أغلق جرحى الجيش مبنى المديرية لمدة يومين، وأعيدت الطرمبات إلى أماكنها بقوة السلاح.

ووفقًا لمصادر "النداء"، تحصل مدينة تعز والمناطق المحررة في المحافظة، على الوقود بأسعار السوق السوداء، بفارق يتراوح بين 200 و260 ريالًا زيادة في سعر اللتر الواحد، يقول موظفون في شركة النفط إن المحافظة تخسر سنويًا نحو 50 مليارًا، في حين تستمر عرقلة عمل فرع الشركة من  لوبي الجبايات والمتربحين منهم.

تواصل بيادق  سلطة الجبايات تحركاتها، وخلال عامين فقط أطاحت سلطة الجبايات بعدد من المسؤولين، وأغلقت عشرات المرافق الحكومية، ولم تستثنِ الإغلاقات المستشفيات العامة، إذ أغلق معاقو الجيش مشفى الثورة العام لأيام، تمهيدًا لإزاحة مدير الهيئة السابق  الدكتور أحمد أنعم.