العميد السعدي لـ"النداء":
اتهامات الرئيس تنطبق على بلاطجته ولا تعني أبناء عدن
حصيلة أحداث ثورة الشباب في عدن 10 قتلى وأكثر من 70 جريحاً بينهم جنود
مؤتمريون يقدمون استقالاتهم ومحليات تعلق أعمالها
عدن- فؤاد مسعد
أربعاء البداية
بعد ساعات من سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، سارع عشرات الشباب في مختلف أحياء عدن للاحتفال بثورة مصر والهتاف برحيل النظام اليمني، مرددين ذات الشعار الذي ظلت تردده جموع الثورة المصرية: الشعب يريد إسقاط النظام. وإن كان الأمن قد نجح في تفريق عدد من الفعاليات، إلا أن الشباب الذين كانوا يتجمعون كلما وجدوا الفرصة مناسبة، خرجوا لترديد الشعارات المؤيدة لثورتي مصر وتونس، والمطالبة برحيل الرئيس صالح.
الأربعاء كان فارقا بالنسبة للفعاليات السلمية، إذ باشر جنود الأمن المركزي إطلاق النار على اعتصام سلمي كان بدأ صباح اليوم ذاته في مجمع حافلات النقل بالمنصورة، ما أدى لسقوط حوالي 10 أشخاص بين قتيل وجريح، ليتصاعد الموقف إثر ذلك، حيث توجه المحتجون لحصار مبنى شرطة المنصورة، وهناك اشتبكوا مع عدد من جنود الأمن قبل أن يتم تفريقهم باستخدام الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع.
ومنذ مساء الأربعاء وعدن تعيش فعاليات مستمرة في مختلف مديريات المحافظة، سيما أثناء الليل، حيث تبدأ المسيرات في كريتر وخور مكسر والشيخ عثمان والمعلا، كما تم نصب مخيم تضامني في المنصورة وآخر في كريتر يرتادهما الآلاف يوميا، وترفع فيهما لافتات تشير إلى أن الثورة يقودها شباب ولا علاقة لها بالأحزاب أو غيرها. وبحسب مشاركين في المخيمات التضامنية فقد رفض الشباب المشرفون على المظاهرات بعض محاولات تجيير الحركة الشبابية ومخيماتها لصالح أطراف معينة، وقال لـ"النداء" أحد المشاركين إنه على الرغم من مشاركة واسعة للحراك وأنصار المشترك، إلا أن الفعاليات مستقلة ولا يستطيع أحد أن يجيرها لصالحه. كما لوحظ أن لافتات وهتافات الحراك المطالبة بفك الارتباط تعلوها هتافات مطالبة بإسقاط النظام، وهتافات "لا تخريب لا فساد، ثورتنا ثورة شبابـ"، ويفيد مشاركون بأن بعض الفعاليات عندما تتعرض للقمع تنحو باتجاه المطالبة بالانفصال، ويردد المشاركون هتافات مناهضة للوحدة.
ويقول عدد من المتظاهرين والمطالبين بإسقاط الرئيس "صالح" إن عناصر يصفونها بالتخريبية تشارك في الفعاليات، وتقوم بأعمال تخريبية تطال الممتلكات العامة والخاصة، وتردد عددا من الشعارات المعادية للوحدة والمطالبة بالانفصال، من أجل إيجاد مبرر لقمع الفعاليات، حسب قولهم.
تداعيات الأحداث
وفق الإحصاءات المتوفرة توفي في عدن خلال الأيام (الأربعاء –الخميس –الجمعة –السبت -الأحد) 10 أشخاص، وأصيب أكثر من 70 شخصا بينهم 9 جنود.
أمس الأول السبت، بدأ الجيش يوجه نداءاته للمواطنين بإخلاء الساحات العامة وبعض المباني في الشيخ عثمان والمنصورة، وقال شهود عيان إن سيارات تابعة للجيش جابت شوارع الشيخ عثمان، وتطالب عبر مكبرات الصوت بإخلاء الشوارع العامة ومبانٍ في حي عمر المختار، ما عده مراقبون تمهيدا لضربة قد يتم توجيهها نحو من يوصفون بـ"عناصر مسلحة خارجة عن القانون"، خصوصا بعد نشوب مواجهات مسلحة في منطقتي العريش وحي السعادة بخور مكسر، كما أفاد شهود عيان بأن جنوداً يتبعون الجيش فرقوا بعض التجمعات التي بدأت تتشكل في كل من الشيخ عثمان والمنصورة.
في مديرية المنصورة قال لـ"النداء" أحد الشباب ويعمل سائق تاكسي، إن المديرية سقطت ولا وجود للسلطة المحلية أو للأمن فيها باستثناء قوات عسكرية تباشر قمع التجمعات ومطاردة بعض المشاركين، فيما معظم شوارع المديرية لا تزال مغلقة، ما يضاعف من معاناة مواطنيها.
وتخللت التظاهرات التي شهدتها مديريات عدن أعمال عبث وتخريب طالت المجلس المحلي والشرطة ومكتب المدير العام بالشيخ عثمان، ومبنى البلدية في كريتر، كما أحرق مجهولون عددا من السيارات الحكومية في خور مكسر والمنصورة والشيخ عثمان.
مواجهات مسلحة
بدأت المواجهات بين مسلحين وجنود أمن تتصدر أخبار الاحتجاجات في أحياء خور مكسر، خصوصا العريش وحي السعادة، حيث أصيب السبت اثنان من الجنود، بينما أصيب أمس الأحد 7 آخرون بينهم ضابط، خلال اشتباكات ومصادمات جرت فجر الأحد في حي السعادة، وذكرت مصادر محلية أن المواجهات استمرت حتى ال5 صباحا، كما أفادت مصادر بأن تلك المواجهات تخللها استخدام قذائف آر بي جي والدوشكا والرصاص الحي، كما استمر دوي أصوات الرصاص والدوشكا حتى وقت متأخر مساء السبت والأحد في مناطق مختلفة بمديرية خور مكسر.
مصدر أمني أفاد "النداء" بأن مجاميع مسلحة لها صلة بالحراك الجنوبي تتواجد حاليا في حي السعادة، ويسعى الأمن لإحكام السيطرة على الحي، حسب قوله.
كما قال شهود عيان إن مسلحين اعترضوهم في أوقات متأخرة من الليل بالقرب من مداخل حي السعادة، طالبين منهم إبراز بطاقاتهم الشخصية ليتم التعرف عليهم، وهو ما دفع بعدد من المواطنين لمغادرة الحي خشية من وقوع المصادمات، خصوصا بعد انتشار دوريات عسكرية تابعة للجيش ويقابلها تواجد لعناصر مسلحة ترابط ليلا في بعض المداخل المؤدية إلى حي السعادة.
من جهته، نفى مصدر أمني في محافظة عدن ما وصفها بـ"مزاعم حول قيام الأجهزة الأمنية بإطلاق النار على مثيري الشغبـ"، مؤكدا أن تلك الأنباء محض افتراء ولا أساس لها من الصحة، والقصد منها الإساءة إلى الأجهزة الأمنية وتضليل الرأي العام بهدف نقل صورة مشوهة عن حالة الاستقرار في مدينة عدن.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن المصدر قوله إن الأجهزة الأمنية ملتزمة بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، وحرصت على التعامل مع المشاركين في المسيرات بصورة حضارية, حسب قوله.
ولم ينس المصدر التحذير من "اندساس عناصر" يصفها بأنها "إرهابية متطرفة وسط المتظاهرين لارتكاب أعمال إرهابية وإقلاق الأمن, حيث تشير الدلائل الأولية إلى قيام بعض تلك العناصر بالاندساس في صفوف المتظاهرين في المناطق التي شهدت أحداث شغب وتخريب وسقط فيها ضحايا".
مؤتمريون يقدمون استقالاتهم ومحليات تعلق أعمالها
قدم عدد من الشخصيات القيادية في المؤتمر الحاكم بعدن استقالات جماعية احتجاجا على قتل المحتجين.
وقد أعلن النائب البرلماني عبدالباري دغيش استقالته من المؤتمر الحاكم أمس الأول السبت، جاء فيها "أعلن استقالتي من المؤتمر الشعبي العام احتجاجا على سلوك العنف والقمع والقتل طريقاً في مواجهة المحتجين والمتظاهرين والمعتصمين سلمياً، وعسكرة الحياة المدنية وإقلاق سكينة المواطنين ومحاصرة وقصف مناطقهم ومنازلهم، مما أدى إلى سقوط وإصابة العديد من الأبرياء ومن بينهم أطفال في عمر الزهور، إضافة إلى قمع الصحفيين والتضييق على حرية الرأي والتعبير"، حسب وصفه.
وقالت مصادر محلية إن ما يزيد عن 30 من أعضاء المؤتمر بمديرية المنصورة بعدن، قدموا استقالة جماعية من المؤتمر لذات الأسباب، فيما تتوارد أنباء غير مؤكدة عن عزم مؤتمريين آخرين تقديم استقالتهم من حزبهم الحاكم احتجاجا على قمع المتظاهرين.
وعلى الصعيد ذاته، أعلن أعضاء المجلس المحلي في كل من مديرية المنصورة ومديرية الشيخ عثمان تعليق أعمالهم احتجاجا على ما وصفوها "أعمال القتل والعنف التي طالت المحتجين من قبل أجهزة الأمن".
السعدي: الحراك أول من كسر حاجز الخوف
قال العميد علي السعدي، القيادي في الحراك الجنوبي، إن ما يجري اليوم في عدن وباقي المحافظات سواء في الشمال أو الجنوب، جزء لا يتجزأ من الصحوة العربية التي بدأت في تونس ومصر، وتهدف لإسقاط الأنظمة الديكتاتورية، واليمن جزء من هذه الحركة الجماهيرية التي هبت للتغيير، بعد ما ظلت لفترة تعاني اضطهاد تلك الأنظمة.
وأضاف السعدي في حديثه لـ"النداء" أمس الأحد، أن الحراك الجنوبي يشكل رافدا أساسيا في هذه الصحوة باعتباره أول من كسر حاجز الخوف، وبدأ مواجهة هذه الأنظمة، ليس على مستوى اليمن، ولكن على مستوى المنطقة العربية، وإن كان الحراك يختلف عن مطالب الآخرين، إلا أنه يشارك فيها بقوة، ونحن سندع الظروف تسير كما هي، وننتظر ما تسفر عنه الصحوة الشعبية من نتائج ومعطيات، وبعد سقوط النظام وفي ضوء تلك المعطيات يتحدد مستقبل الجنوب.
وأشاد السعدي في حديثه إلى ما وصفها بالخطوة الإيجابية لحزب رابطة أبناء اليمن حين أعلن نزوله إلى الشارع وانضمامه للحركة الجماهيرية المطالبة برحيل السلطة.
وفي رده على تصريحات رئيس الجمهورية التي اتهم فيها مواطنين في المنصورة وخور مكسر بالتخريب لصالح أجندة خارجية، قال: من يقومون بأعمال التخريب والبلطجة هم مأجورون للسلطة، والرئيس يعرف ذلك، ولا يمكن أن يصدق أحد تلك الاتهامات الباطلة، وأضاف قائلا: أستغرب لماذا يعاني الرئيس من الحساسية كلما ذكرت له منطقة جنوبية، ومن كل ما هو جنوبي، ربما بسبب الخوف أن هذه المظاهرات تهدد مصالحه التي تفيدها هو وزبانيته في الجنوب الذي لا ينظر إليه إلا على أنه غنيمة حرب وفيد، مع أن المظاهرات هذه الأيام لم تعد حكرا على عدن وحدها، بل شملت اليمن كله شماله وجنوبه، والغريب أن يذهب الرئيس إلى قبيلته في عمران ليحرضهم على أبناء عدن المسالمين، والجميع يعرف أن من يخرجون إلى الشوارع للتظاهر لا تربطهم أجندة خارجية ولا يملكون أي دعم كما زعم الرئيس. أما ما ذكره بخصوص استلامهم مبالغ مالية فأنا أقول إن هذه المبالغ هي التسعيرة المعتمدة للبلاطجة الذين يوجههم للاعتداء على المتظاهرين، والقيام بتخريب الممتلكات وإحراقها تنفيذا لأهداف السلطة، مشيرا إلى أن المتظاهرين جياع وقد ضاق بهم الحال، ولا داعي لكيل الاتهامات لهم.
العميد السعدي لـ"النداء":
2011-02-23