السجين الذي أحرق بالأسيد وسط زنزانته
جيارة في سجن المحويت بدون تهمة أو أنصاف
ماجد المذحجي
منذ 19/11/2010، ثالث أيام عيد الأضحى الماضي، ينزل يحيى محمد حفظ الله جبارة، 22 سنة، في السجن المركزي بالمحويت، نتيجة لخصومة مع بيت النزيلي، حيث حدث بينهم عراك في السوق المركزي وتعرض شقيقه للطعن نقل إثره للمستشفى، بينما تم التوجيه بحبس يحيى من قبل مدير الأمن لاتهامه أيضاً بالاعتداء بالطعن أثناء العراك، وظل خصومه خارج السجن. منذ ذلك الحين لم ينتهِ البحث الجنائي من تحقيقه في القضية، ولم تتم إحالتها إلى النيابة أو توجيه أية تهمة إليه، ما يجعل بقاءه في السجن مخالفة صريحة للقانون.
عقب ذلك ب10 أيام فقط تعرض يحيى جبارة، وأثناء بدئه مضغ القات في زنزانة انفرادية نقل إليها أخيراً ويقطنها محبوس مُصاب بمرض نفسي كان نائماً حينها، للاعتداء بمادة حمضية حارقة (أسيد) سببت حروقاً شديدة في الوجه والصدر وأجزاء متفرقة من الجسم، وتركت آثار تآكل حمضي بيضاء على شباك الزنزانة الحديدي وعلامات أخرى على الجدار. أسعفت إدارة السجن يحيى جبارة فوراً للمستشفى حيث تلقى إسعافاً أولياً للحروق التي تعرض لها، ومن ثم تمت إعادته للسجن، ووفق إدارة السجن فإنها قامت بإبلاغ إدارة البحث الجنائي ونيابة المحافظة بالحادثة.
يتهم يحيى جبارة عدداً من خصومه من آل النزيلي المحتجزين على ذمة قضايا متعددة، بالاعتداء عليه بـ"الأسيد"، خصوصاً بعد أن تم تهديده بالقتل من قبل أحمد حرمل وعلي عبدالكريم، وطارق همدان، وعارف النزيلي أمام عدد من السجناء، وهو ما أكده لفريق منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان عدد من السجناء أثناء تنفيذه لزيارة لسجن المحويت ضمن برامجه لمناهضة التعذيب ومناهضة العنف ضد النساء والأطفال.
يتكون سجن المحويت من 3 مبانٍ رئيسية؛ اثنان منها للذكور والآخر يتضمن قسماً للنساء وعنابر للرجال، تقع الزنزانة التي تعرض فيها يحيى للاعتداء ضمن المبنى السفلي المحاذي لسور السجن، بينما يقع المبنى الذي خرج منه المتهمون بالاعتداء على يحيى في وسط ساحة السجن أمام البوابة الرئيسية، وبموقع مشرف على المبنى الأول، وتفصل بين المبنيين مسافة لا تقل عن 150 متراً نزولاً على عدد كبير من الدرجات الحجرية، مروراً بجوار حجرة الحراس الخاصة بالبوابة، وضمن مساحة مكشوفة تماماً أمام حراسة السجن. لم يتم حتى الآن توجيه اتهام مباشر لأحد في قضية يحيى جبارة. وفي زيارة من فريق "الشقائق" لإدارة البحث الجنائي أفصح مدير البحث العقيد ناصر الأعوش أنهم ما زالوا يجرون التحقيقات في القضية رغم إبداء عدد من عناصر البحث موقفاً منحازاً ضد الضحية، بل واتهام بعضهم ليحيى جبارة بتشويه نفسه بالحمض! مما يشكل مؤشراً على وجود ضغوط باتجاه حرف التحقيق، وهو ما نفاه الأعوش للشقائق، ووعد بتحقيق واسع يجيب على أسئلة كيف تحرك المتهمون ضمن مباني السجن دون علم الحراس، وكيف قاموا بإدخال مادة "الأسيد" للسجن الذي يخضع زواره للتفتيش كما يفترض، وكيف عاد من قام برمي الحمض على جبارة إلى مبناه البعيد بعد كل الجلبة التي أثارها الاعتداء، ودون أن يلفت انتباه أحد؟!
القاضي علي فرج القائم بأعمال وكيل نيابة المحويت الابتدائية، وفي إجابة لفريق الشقائق بعد سؤاله عن دور النيابة في قضية جبارة، أفاد بأنه ما زال ينتظر الملف من قبل البحث الجنائي، ولم يكن واضحاً إذا كان يتم الحديث عن القضية الأولى المحبوس فيها خارج القانون حتى، أو الثانية التي تعرض فيها لاعتداء وحشي تم تشويه جسده فيه بالأسيد ولم يتم توجيه أي اتهام في القضية حتى الآن.
يحيى جبارة ضحية للنفوذ والتحيزات وعدم كفاءة الأجهزة الأمنية وفشل ممثلي القانون في حماية حقوق المواطنين، وهو بأمس الحاجة للحماية والانتصاف وحماية القانون والتحرك العاجل.
لقد وعد محافظ المحويت أحمد علي محسن فريق الشقائق أثناء لقائه به، بأن يأخذ على عاتقه هذه القضية، وأن يوفر الإنصاف لجبارة، وحتى الآن لم يحدث ذلك وما زال جبارة في السجن دون تهمة أو علاج فعلي لإصابته البليغة، والأهم دون أي إحساس بالعدالة.
السجين الذي أحرق بالأسيد وسط زنزانته
2010-12-07