صنعاء 19C امطار خفيفة

الزمن الناصري الجميل

تذكرت الزمن الجميل يوم كنت طالبًا في مصر في زمن الزعيم جمال عبدالناصر -طيب الله ثراه- والذي لم يفارقني طيلة مسار حياتي.
حقًا، إني قرأت مقالًا في صحيفة "النداء" الغراء بعنوان "رصيد نمرة 6!" للكاتب والأديب د. علي عبدالكربم الذي أبدع في تصوير الزمن الجميل بكل معانيه، فهل يا ترى يعود من جديد؟ ولنا أمل في مصر ولادة مثل هؤلاء العظماء، فمصر تعتبر الحصن الحصين وحامي الحمى للأمة العربية بلا منازع.. يتكالب عليها الأعداء من كل صوب لمحاصرتها سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، ولكن أملنا في مصر عظيم في تجاوز الإحن والمحن وعوادي الزمن.
ويا حبذا لو أن معظم البلدان العربية من المحيط إلى الخليج تعود من جديد إلى ما كانت عليه من حماس في العهد الناصري، زمن النضال في سبيل التحرر من الاستعمار البريطاني والفرنسي الذي كان يحتل معظم الدول العربية والإفريقية.
للأسف لم نجد حاليًا في الأمة العربية روح التعاون والتنسيق في هذا الظرف الصعب لمواجهة التدخلات الخارجية. كم كنا على ثقة في رص الصفوف مع مصر السيسي لمواجهة الهجمة الصهيونية الشرسة، لكن بقي الأمر يراوح مكانه للأسف.
نعود من جديد إلى الزمن الجميل في مصر، فقد كانت خير معين للأمة العربية والإسلامية، وكانت ملاذها وكنانتها، ومن ورائها قائد الأمة العربية عبدالناصر المناضل حتى الساعات الأخيرة من حياته يوم 28 سبتمبر 1970م، في لم الشمل العربي، وهو يودع أمير الكويت بعد انتهاء القمة العربية في مصر، وتمكنه من إيجاد حل بين الإخوة في كل من الحكومة الأردنية الهاشمية والفلسطينيين بعد حرب دامية، وقد توفي شابًا في عمر لا يتجاوز الـ52 عامًا، وترك وراءه إرثًا نضاليًا مشهودًا للأمتين العربية والإفريقية. ولنا أمل عظيم باستمرار الزخم نفسه في جمهورية مصر الجديدة التي كان لقائدها الرئيس عبدالفتاح سعيد السيسي الفضل الكبير، ومعه الأردن، في إيقاف التهجير القسري للفلسطينيين من وطنهم مهما كانت الأسباب. ويعتبر موقفًا صادمًا للعدوان الإسرائيلي، والإدارة الأميركية والدول الغربية.
وعلى صعيد آخر، تذكرت الزمن الجميل يوم كنت أدرس في عدن، وكان مجرد نطق كلمة "ناصر" لها مفعولها القاسي على الجندي البريطاني في شوارع عدن، ناهيك عن أننا في كل صباح في المدرسة ننشد هذه الأبيات من الشعر:
بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدانِ
ومن نجد إلى يمن
إلى مصر فتطوانِ
لسان الضاد يجمعنا
بعدنان وقحطانِ
لنا مدنية سلفت
سنحييها وإن دثرت
ولو في وجهها وقفت
دهاة الإنس والجانِ
وكان يرهف مسامعنا ويشجينا أينما ذهبنا أيضًا هذه الكلمات:
سجلي يا يد التاريخ
بالذهب آي الفخار
واجعلي للبرايا
وثبة العرب
أسمى منار
سجلي
وكلها أشعار وأناشيد من أيام الزمن الجميل في مصر، والتي اختفت من بعده.
أيام عشناها في أرض الكنانة لا تنسى، ومانزال نتذكرها بشعرها، وفنها، وعلمها، ومسرحها، وثقافتها، وطيب أهلها ونضالها ضد المستعمر، وإنجازاتها في جميع الصعد. إنها أيام تعمقت ذكراها في عقولنا وشغاف قلوبنا.
يقينًا إن واقعنا العربي اليوم مؤلم جراء الفرقة والانقسامات التي مكنت الصهاينة من اختراق بلداننا، وأصبحت القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحل الدولتين، في وضع لا يبشر بخير، وبخاصة عندما هاجم العدو الصهيوني غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة بكل صلافة، وإبادة أهلها وتدمير بنيانها، واليوم يسعى لاحتلالها، وتصفية القضية الفلسطينية بمساندة الماسونية الصهيونية العالمية، وبكل الوسائل، لتهيئة المنطقة لمشروع الألفية الثالثة وصفقة القرن.
ندعو الله لأهالينا في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن يأخذ بأيديهم، وأن يهبهم الصبر. فرحمة لشهدائهم والشفاء للمصابين، والعزة لمقاومتها الصامدة والشعب الفلسطيني الأبي.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً