وبعد سنوات من الفشل الحكومي في نقل مركز التحكم والسيطرة إلى عدن، أجرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، خلال الشهور الماضية، مباحثات غير معلنة مع شركة "ستارلينك" (Starlink) التابعة للملياردير إيلون ماسك، لتوفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية.
ونقلت صحيفة بولمبيرج عن مسؤول يمني، قوله إن الحكومة تضع اللمسات الأخيرة لإنهاء إجراءات الترخيص اللازمة لتشغيل الخدمة، وأن الأمر قد يستغرق شهرًا لاكتماله.
وأكد مصدر رفيع في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وجود مباحثات غير معلنة بين الوزارة والشركة الأمريكية منذ مطلع العام الجاري، لكنه نفى في حديثه لـ"النداء" ما تردد عن اقتراب موعد تشغيل خدمة الإنترنت الجديدة في اليمن.
المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث عن المشروع، قال إن هناك عقبات وتعقيدات فنية تحتاج الكثير من الوقت لمعالجتها، وإنه من المبكر الحديث عن تاريخ محدد لبدء تشغيل الخدمة.
وأوضح المصدر أن التوجه الحكومي يحظى بمباركة ودعم من أطراف إقليمية، وأن الهدف الرئيسي منه إنهاء احتكار الحوثيبن للإنترنت، والحد من استغلالهم الأمني والاقتصادي للخدمة.
بحسب "بولمبيرج" فإنه حال تمت الصفقة الحكومية لن تحتاج شركة "ستارلينك" إلى موافقة جماعة الحوثي، لوصول الخدمة الى مناطق سيطرتها، إذ إن محطات "ستارلينك" تعمل من خلال الاتصال بأكبر شبكة من الأقمار الصناعية الخاصة في العالم.
غير أن فهمي الباحث، المختص في تقنية الاتصالات والحقوق الرقمية، استبعد إمكانية وصول خدمة الإنترنت الجديدة إلى مناطق سيطرة الحوثيين دون موافقة منهم.
وقال لـ"النداء" إن استقبال الخدمة عبر الأقمار الصناعية يتطلب أجهزة مختصة من شركة ستارلينك، مما يعني أن أي طرف داخلي يمكنه إعاقة وصول الأجهزة وحظر بيعها في مناطق سيطرته، وبالتالي عدم وصول الخدمة.
وأكد الباحث على أهمية توفر إنترنت عبر الأقمار الصناعية لليمن التي تصنف بأنها واحدة من الدول الأسوأ من حيث الوصول للإنترنت أو السرعة والرقابة، بخاصة بعد سنوات الحرب التي زادت من رداءة الخدمة، وبالتالي فإن وجود خدمة إنترنت عبر الأقمار الصناعية سيسهم بتوفير إنترنت بسرعة جيدة وبعيدًا عن الرقابة والاحتكار، وسيساعد في وصول الإنترنت للمناطق التي لم تصلها الخدمة بعد.
عجز حكومي
وتواجه الحكومة اليمنية المعترف بها انتقادات واسعة، لعجزها منذ سنوات عن استعادة السيطرة على بوابة الاتصالات اليمنية، وفشلها في نقل مركز التحكم من صنعاء إلى مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد.
وتشهد أجزاء واسعة من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تدهورًا ملحوظًا في خدمة الإنترنت والاتصالات عمومًا، جراء رداءة البنية التحتية لهذا القطاع الحيوي الهام.
واتهم تقرير برلماني الحكومة بتبديد 55 مليون دولار، أنفقته لإنشاء كابل بحري لتوفير خدمة الإنترنت في عدن، وفشلت في الحفاظ عليه، إذ تعرض للقرصنة بعد فترة وجيزة من دخوله للخدمة عام 2017.
التقرير الصادر في سبتمبر الماضي عن لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، قال إن الكابل البحري (AAE1) الذي تم إنجازه كبنية تحتية مستقلة لقطاع الاتصالات والإنترنت بعدن، تم تشفيره والسيطرة عليه من قبل جماعة الحوثي.
وأرجع التقرير ذلك إلى قيام الوزير السابق للاتصالات وتقنية المعلومات باستدعاء مهندسين ومختصين من الإدارة العامة في صنعاء، وتم تدريبهم من قبل خبراء دوليين، وبعد عودتهم إلى صنعاء قاموا بتشفير الكابل وتعطيله في عدن، الأمر الذي شكل ضربة قاسية لشركة "عدن نت"، باعتبارها الشركة الوحيدة المستقلة عن سيطرة الحوثيين. وبالتالي فقدت الشركة الامتيازات التي كان يوفرها الكابل الجديد بسعته الكبيرة وسرعته الفائقة، وعادت للعمل في كابل بديل بأداء منخفض.
وكانت الحكومة اليمنية أقرت في أغسطس الماضي، اتفاقية مع شركة (NX) الإماراتية، للاستثمار في قطاع الاتصالات في عدن، غير أن هذه الاتفاقية التي أحيطت بالسرية، أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط اليمنية، واعتبرها البعض خرقًا دستوريًا جسيمًا، وانتهاكًا صريحًا للسيادة.
وفيما ذهب آخرون للحديث عن علاقات مشبوهة للشركة الإماراتية بأخرى إسرائيلية معنية بقطاع الاتصالات، وجهت لجنة برلمانية رسالة إلى الحكومة قالت فيها إن مضامين الاتفاقية توفر الاستيلاء على ممتلكات الدولة، وتجردها من ملكيتها وحقوقها السيادية والقانونية والمالية، بما في ذلك "عدن نت"، والبنى التحتية، والموارد الضريبية والجمركية، وحقوق الترخيص والترددات، وشركة "تيليمن"، والبوابة الدولية التي تعد حقًا سياديًا لليمن.