صنعاء 19C امطار خفيفة

القلق الغربي المشترك: فشل الدولة سيخلق بيئة ملائمة للقاعدة

2009-08-12
القلق الغربي المشترك: فشل الدولة سيخلق بيئة ملائمة للقاعدة
القلق الغربي المشترك: فشل الدولة سيخلق بيئة ملائمة للقاعدة
بريطانيا كلفت المسؤول السابق عن العراق بملف اليمن، وأمريكا ابتعثت نائب وكالة الاستخبارات مرتين في ستة أشهر. < لقاء رسمي جمع العليمي والقربي بسفراء بريطانيا والمانيا والمحققين الامنيين في يوم إجازة رسمية
«النداء» - خاص:
تحتل اليمن هذه الأيام مستوى عالٍ في اهتمام صناع القرار في الدول الغربية، في ظل متغيرات محلية باعثة على القلق، ومن المحتمل أن تتسبب في الاضرار بمصالح تلك الدول، ليس في اليمن فحسب وإنما على مستوى العالم، ويأتي في ناصية محاور الاهتمام تلك، القلق من تحول اليمن إلى بيئة مفضلة لنشاط تنظيم القاعدة، حال استمرت الأوضاع الأمنية بالتدهور. وبالتأكيد، فإن القضية في الوقت الحالي تعدت مشكلة الوضع الأمني و"فوبيا الارهابـ"، إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في بيئة مؤهلة للصراع، ولم يعد من السهولة بمكان التعامل مع الخرق الأمني – رغم أولويته بالنسبة لهم- وإغفال ازمات البلاد الاخرى.
هذا الاسبوع شهد لقاءات رسمية ببعض السفراء الغربيين. وعلى شحة المعلومات التي تنشر في وسائل الاعلام الرسمية عن اللقاءات الحكومية مع مختلف الأطراف، خصوصا الوفود والسفراء الغربيين، وأيضا رتابة إخراج اخبار تلك اللقاءات، كان لافتاً ان يعقد لقاء رسمي استثنائي و"طارئ" في يوم إجازة رسمية، الجمعة الماضية، جمع نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي - المكلف حالياً برئاسة الحكومة في ظل إجازة الدكتور مجور- ومعه وزير الخارجية ابوبكر القربي، بسفراء بريطانيا وألمانيا وفريقي التحقيق التابعين للبلدين في قضية الاختطاف الغامض لتسعة أطباء في صعده قبل شهرين تقريباً، قتل ثلاثة منهم، وغير معلوم مصير الآخرين في ظروف غير طبيعية وفي مناطق غير خاضعة لسيادة الدولة بشكل شبه تام. لقد حمل هذا الاجتماع رسالة جادة من الطرفين المعنيين بالقضية، غير ما نقلته وكالة سبأ عن اشادتهما بمستوى التعاون مع فريقي التحقيق: الأوضاع لا تحتمل التأخير.
بحسب المعلومات التي حصلت عليها "النداء"، فإن فرق التحقيق وصلت الى طريق مسدود، فاشتعال المعركة في صعده تحول دون تمكنهم من القيام بالمهمة الموكلة اليهم. وتشكل الأوضاع الأمنية المتدهورة هناك خطراً على حياة أعضاء فريق التحقيق، وتحد بشكل شبه تام من قدرتهم على تتبع خيوط الجريمة. وبحسب مصدر خاص فإن الأمل في إمكانية العثور على المختفين أحياء بات واهياً. ويرجح فريق التحقيق فرضية ان تكون الجثث قد رميت او دفنت في مكان ما في إطار منطقة الصراع، أو أي من المناطق القبلية المجاورة التي لا تخضع لسيطرة الدولة. وغموض العملية وتعقد بيئة التحقيق تجعل من الصعب اتهام اي طرف، بما فيها القاعدة، في الضلوع بالأمر، لكن المصدر الخاص ما يزال متشبثاً بالأمل الواهي، إذ قال: "ليس مستبعداً أن يكون هناك معجزة تحفظهم على قيد الحياة، وكلها فرضيات".
يوم الاثنين التقى الرئيس بسفراء الولايات المتحدة، وبريطانيا، وهولندا، والقائم بالأعمال الالماني، وأشارت الوكالة الرسمية للأنباء أن اللقاء ناقش الوضع الاقتصادي وعلاقة اليمن مع الدول المانحة، وكان الأبرز فيما تناوله الخبر الرسمي الإشارة إلى استيعاب العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون الخليجي. والأهم من ذلك "دراسة امكانية تخفيض دعم المشتقات النفطية دون التأثير على المواطن" و"تعزيز فرض سيادة القانون والمضي قدما في عملية الاصلاحات".
وعاد مجدداً إلى الواجهة الحديث عن رفع (إلغاء) الدعم عن المشتقات النفطية بنسبة 40%، وهو الخيار الذي تضغط باتجاهه دول الاتحاد الاوروبي، ومعه يحضر مشهد الاحتجاجات التي شهدتها اليمن منتصف عام 2005، حينما نفذت الحكومة جرعة سعرية جديدة، وشهدت معظم المحافظات حينها مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الامن سقط جراءها عشرات القتلى والجرحي.
 وبحسب مصادر النداء، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، تتحفظ، بل وتعارض تطبيق جرعة سعرية جديدة في ظل الوضع الحالي، والتدهور الاقتصادي في البلاد، ويرون في ذلك تعزيزاً لفرص عدم الاستقرار في اليمن وتأثيراً مباشراً يمس حياة الناس، وربما يتجاوز هذه المرة تأثيره إلى دول الجوار، خصوصاً في ظل الاوضاع المهترئة شمالاً وجنوباً.
وفي إشارة لافتة أشار الخبر الرسمي إلى أن الرئيس ناقش مع السفراء " تعزيز فرص سيادة القانون"، وهو ما يشير إلى أن النقاش تطرق إلى الحرب المستعرة في صعده، والأوضاع في الجنوب، والفساد، والحرب على الارهاب بوجه خاص.
وجاء اللقاء متزامنا مع افراج السلطات القضائية في الولايات المتحدة الامريكية عن الشيخ محمد المؤيد بعد أن قضى ازيد من ست سنوات في السجون الامريكية، - حكم عليه بالسجن 75 عاماً- وذلك بعد ان اسقطت عنه تهم دعم القاعدة، واقراره، في تسوية قضائية، بدعم حماس، والاكتفاء بمدة السجن السابقة عقاباً لهذه التهمة..
وبالاضافة لما يراه البعض انسجاماً مع توجهات الادارة الامريكية الجديدة في تحسين العلاقة مع دول العالم الاسلامي، وازالة الصورة التي كرستها 8 سنوات من حكم الرئيس الجمهوري بوش، والتي ادت إلى تنامي مشاعر الكراهية والعداء لامريكا في العالمين العربي والاسلامي، وبالتالي، زيادة التعاطف مع القاعدة، يرى آخرون في الخطوة أنها اثبات حسن نوايا تجاه اليمن، وتخفيف ردة الفعل المتوقعة تجاه الولايات المتحدة وتقليص مشاعر العداء تجاه أمريكا، حال تدهورت الأوضاع في اليمن لمصلحة القاعدة، في ظل المتغيرات الداخلية.
ويقابل تسوية الافراج عن المؤيد، الذي ترى فيه السلطة السياسية في اليمن انتصاراً لها، فشل ذريع في التوصل إلى تسوية مرضية للجانبين اليمني والامريكي، في إعادة المعتقلين اليمنيين في جوانتانامو إلى اليمن، وهم الذين يشكلون الرقم الأكبر والتحدي الأبرز أمام قرار اوباما بإغلاق جوانتانامو، في ظل الشكوك الامريكية بقدرة الحكومة اليمنية على إعادة تأهيلهم وعدم الثقة بقدرتها على منع انخراطهم مجدداً في القاعدة أو أعمال معادية او انتقامية للمصالح الامريكية. وهذا الامر، يشكل إخفاقا للسلطة السياسية اليمنية التي تصر على إعادة جميع مواطنيها إلى أراضيها. وبالنسبة للإدارة الامريكية يشكل تحدياً أمام اغلاق المعتقل، ومخاوف من تأثير ذلك على المتعاطفين مع المعتقلين، أو حصول ردة فعل من قبل خلايا القاعدة.
وقد ذكرت وكالة "سبأ" أن الرئيس تلقى الاثنين اتصالا من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي روبرت موللر والذي أبلغه أن الافراج عن المؤيد ورفيقه محمد زايد، كان استجابة من الإدارة الامريكية لجهوده واتصالاته المكثفة للافراج عنهما.
وكانت تقارير صحافية أمريكية اشارت منتصف يونيو الماضي أن ثمة أدلة على فرار عشرات المقاتلين المنتمين للقاعدة من المناطق القبلية في باكستان إلى الصومال واليمن، وقال مسؤولون أمريكيون إن الاستخبارات الأميركية والبيت الأبيض والبنتاغون رصدوا زيادة في معدل الاتصالات بين المجموعات الإرهابية في المناطق الثلاثة لتنسيق نقل هذه العناصر من باكستان إلى الصومال واليمن، وعزوا تلك التحركات إلى الضغط الذي تتعرض له القاعدة وعناصرها في باكستان جراء الهجمات المكثفة من القوات الأميركية والباكستانية أو نتيجة لتزايد الحملات الجهادية في الصومال واليمن على نحو استقطب المزيد من المتشددين مثلما حدث في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003.
وقد التقى الرئيس علي عبدالله صالح في تعز نهاية مارس الماضي، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، الذي زار اليمن، للمرة الثانية في غضون ستة أشهر. وكان الملف الأمني هو الطاغي على مباحثات المسؤول الامريكي مع المسؤولين اليمنيين. وكذا كانت زيارات مسؤولين عسكريين امريكيين في غضون الفترة الماضية، التي شهدت زيارات مكثفة للمسؤولين البريطانيين، ورغم أن الإعلام الرسمي يبرز تأكيدات الدول الغربية على دعمها لوحدة اليمن، واستمرار الدعم الاقتصادي، إلا أن الملف الأمني يسيطر على الزيارات. وقد كان ملاحظاً أن الحكومة البريطانية كلفت مسؤولاً رفيعاً في الوزراة كان معنياً إلى وقت قريب بالملف العراقي منذ ما قبل سقوط نظام صدام حسين، بمهام الملف الأمني في اليمن، وهو ما يشير إلى مدى الاهتمام البريطاني بتطورات الوضع في اليمن، وتشابهها مع العراق، على صعيد إفرازات الصراع الداخلي على الأقل.
وتبدي الدول الغربية دعماً صريحاً للوجدة اليمنية، لكنها لا تؤيد السياسات الحكومية المتخذة في معالجة الاحتجاجات التي تشهدها الجنوب، وتتخوف هذه الدول من أن يستفيد تنظيم القاعدة من المشاعر المتأججة في المحافظات الجنوبية، والمناطق القبلية ليمارس أنشطته بحرية.
وعلى الحملة، تبدو الصورة غير واضحة بالنسبة للغربيين، فهم لا يدركون إلى اين تتجه الأوضاع في اليمن، وما هي المخارج المتاحة للإنقاذ، وما هي سيناريوهات المستقبل، في ظل تطورات متفاقمة لا تشير إلى بوادر انفراج وشيكة، لكن ما يهمهم بالدرجة الأولى هو الحد من الأضرار التي قد تتسبب بها اليمن على مصالحهم، حال انحدرت الأوضاع باتجاه الهاوية، ويسعون بالدرجة الأولى لتكثيف أنشطتهم وجهودهم الأمنية من أجل عدم تمكين القاعدة من الاستفادة من الوضع الحالي لصالح مخططاتها في المنطقة والعالم.

إقرأ أيضاً