صنعاء 19C امطار خفيفة

غياب العقيدة الوطنية ساهم في إنهيار الدولة اليمنية

لم تؤدي ثورة الـ 26 من سبتمبر إلى تشكيل نظام سياسي جمهوري حقيقي، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الجمهوريين لم يؤسسوا لعقيدة وطنية صلبة، ينبثق عنها نظام جمهوري حقيقي، والتي كانت ستحمي النظام الجمهوري والوحدة من الإنهيار.


فالسلطات المتعاقبة على الحكم بعد ثورة 62، اختزلت فكرة الجمهورية بأنها نقيض الإمامة وتحديدا أسرة حميد الدين. أما التيارات الفكرية اليسارية واليمينية الدينية؛ والتي سيطرت على المناخ الفكري في اليمن منذ قيام الثورة، فإنها ساهمت فكريا وسياسيا في منع وإعاقة تطوير عقيدة وطنية جمهورية في اليمن، لأنها تدعي بأن عقائدها هي الحل لمشاكل اليمن، ومن ثم فإنها لن تسمح بنشوء عقيدة مخالفة لعقائدهم.
فاليسار بذهنيته العدمية، وسلوكه الفوضوي، أعتبر أن الجمهورية انتهت من بعد 5 نوفمبر 67، ومنذ ذلك الحين تعامل اليسار مع النظام السياسي في الشمال بأنه غير شرعي، لأنه وفق عقيدته "رجعي".

إلى جانب ذلك، أعتبر اليسار فيما بعد، أن الوحدة قد انتهت بعد هزيمة الحزب الاشتراكي في حرب 94، حين حاول العودة عن الوحدة والانفصال.
وليس من المبالغة القول أن اليسار اليمني هو المساهم الرئيسي في تدمير الدولة اليمنية ووصولها إلى ما وصلت إليه. فحين نظر هذا التيار، بأن السلطات الحاكمة من بعد 5 نوفمبر لم تعد جمهورية وهو ما يعني، من وجهة نظره، بأنها لم تعد شرعية، التقى ضمنياً مع القوى الإمامية المناهضة للجمهورية، والتي لم تعترف بشرعية النظام الجمهوري منذ 62. وفي مرحلة لاحقة تحالف الجزء الرئيسي من التيار اليساري مع الحركة الحوثية وساهم، مع هادي، في تسليم صنعاء لهم. بالإضافة إلى ذلك، كان التيار اليساري هو المحرك التنظيمي والمنتج الفكري للمشروع الانفصالي في الجنوب، بعد أن شيطن الوحدة ووجه سهام الهدم للجمهورية اليمنية قبل وبعد حرب 94.
أما اليمين الديني المتمثل تحديدا بالإخوان المسلمين، والسلفيين، فإنه هو الآخر قد ساهم في إعاقة تأسيس عقيدة وطنية جمهورية. فهذا التيار، كان عملياً معارضاً لتأسيس عقيدة وطنية جمهورية لأن هذه العقيدة تتعارض فعليا ومشروع الدولة الدينية (دولة الخلافة) التي عمل ويعمل على تأسيسها. فهذا التيار وتحديدا قبل الوحدة، يرى في الدولة الوطنية نقيضا لدولة الخلافة، ومصنوعة من أعداء الإسلام. أما النظام الجمهوري، وفكرة الجمهورية، فإن التيار السلفي داخل الإخوان المسلمين، وتحديدا قبل الوحدة، كان يتعامل مع فكرة الجمهورية باعتبارها بدعة ومنتج غربي. واحتفاء اليمين الديني بالنظام الجمهوري، لم يصبح واضحا وبارزاً، إلا حديثا وكرد فعل لصعود الحركة الحوثية، وما تمثله من عودة للإمامة وخطر عليه.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً