صنعاء 19C امطار خفيفة

تقرير رسمي يؤكد تلوث شحنة بنزين مستوردة بمادة الـ"إم. تي. بي. إي"

2009-07-30
تقرير رسمي يؤكد تلوث شحنة بنزين مستوردة بمادة الـ"إم. تي. بي. إي"
تقرير رسمي يؤكد تلوث شحنة بنزين مستوردة بمادة الـ"إم. تي. بي. إي"
أكدت نتائج التحقيقات التي أجرتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع الجهات المعنية، صحة البلاغ الذي وصل إليها عن تلوث شحنة مادة البنزين المستوردة أواخر ابريل الماضي من قبل شركة مصافي عدن بمادة الـ"إم. تي. بي. إي" المحظور استخدامها في اليمن والعديد من بلدان العالم، نظراً لخطورتها على البيئة.
وذكر تقرير صادر عن الهيئة، نشرته وكالة "سبأ"، أن التحقيق في هذا القضية جاء إثر تلقي الهيئة بلاغا أواخر مايو الماضي بشأن تلوث مادة البنزين في عدد من المحافظات، حيث تم تشكيل فريق مشترك من الجهات ذات العلاقة (الهيئة، الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، جهاز الأمن القومي، خبير متخصص من مصافي مأرب) للقيام بدراسة كافة الأوليات المتوفرة واستكمال جميع الوثائق المتعلقة بالموضوع، والنزول الميداني، وتحديد مصدر البنزين الملوث، وأسبابه والمسؤول عنه، إلى جانب قيام الفريق بحصر كافة الأضرار الناجمة من ذلك، سواء التي لحقت بالمال العام أم الخاص وغيرها، ورفع تقرير تفصيلي معزز بكافة الوثائق، خاصة بعد أن تأكد للهيئة صحة البلاغ.
وأشار التقرير إلى أن الهيئة قامت بدراسة الوثائق التي حصلت عليها ونفذت نزولاً ميدانياً إلى عدد من المنشآت ذات العلاقة مستعينة بخبير متخصص وقيامها بأخذ عينات متعددة من تلك الشحنة لفحصها وقد بينت النتائج تلوث مادة البنزين.
وأكد التقرير أنه "ورغم أن مصافي عدن ظلت تؤكد لشركة النفط اليمنية سلامة البنزين الذي تشتكي منه شركة النفط وأنه مطابق للمواصفات العالمية، إلا أن الدراسة التي أجراها الفريق المكلف من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أكدت أن شركة مصافي عدن استوردت في 25 ابريل شحنة من البنزين الخالي من الرصاص (رقم أوكتني عال 91) من الشركة الكويتية المستقلة (TPG) بما يعادل مليارين وستمائة مليون ريالـ".
وبيَّن التقرير وجود العديد من المخالفات والملاحظات أثناء تنفيذ إجراءات المناقصة والتوريد، منها قيام شركة مصافي عدن بإعداد مواصفات خاصة لشحنة البنزين المذكورة تختلف عن مواصفات شحنات البنزين التي تم استيرادها سابقا ولم تحدث نتيجة عنها أية إشكاليات، بالإضافة إلى قيام المصفاة بإضافة 1 بالمائة من الأكسجين إلى مادة البنزين المستورد لأول مرة دون القيام بالدراسات الفنية المسبقة، وقيام شركة المصافي بالشراء من شركات وسيطة تعمل في مجال بيع وشراء المشتقات النفطية، وليس من المصدر الأساسي المتمثل في الشركات والمصافي التابعة للدول المنتجة للنفط، وذلك بالمخالفة لمبدأ اقتصادية الشراء، مما يحمل الخزينة العامة عبء عمولة وأرباح الشركات الوسيطة.
وقال التقرير: "ومن خلال فحص ومراجعة الوثائق الخاصة بالشحنة تبين عدم تحديد مصدر الشحنة أو البلد المنتج لها، وعدم تعميد وثائق الشراء من قبل الغرفة التجارية والسفارة اليمنية بغرض التحقق من صحة وسلامة الوثائق، وخاصة شهادة الشركة الفاحصة وبوليصة الشحن وقائمة التعبئة، وعدم توضيح مكونات مادة الاكسجنيت في شهادة الشركة الوسيطة الفاحصة لكل عنصر على حدة، حيث تم الاكتفاء بأن مادة الاكسجنيت نسبتها 10.38%، خاصة في ظل عدم إمكانية فحص تلك المادة في شركة المصافي، وهو الأمر الذي يعني عدم توفير أبسط التجهيزات الفنية لغرض فحص ومطابقة ما تم استلامه مع ما تم الاتفاق عليه".
وأضاف أن الفريق المشترك أكد احتواء مادة البنزين الملوث على مادة الـ"إم. تي. بي. إي"، وهي المادة التي حظرت دراسات استخدامها في اليمن نظراً لخطورتها على البيئة، خاصة أنه تم وقف استخدام تلك المادة في كثير من بلدان العالم، لسميتها العالية وعدم تحللها، كما أنها تجعل الماء غير قابل للشرب ولو بتركيزات ضئيلة (20 - 40 جزءا في المليار جزء)، مما جعل الكثير من المصافي تعمل على تحويل وحدات إنتاجها لإنتاج مواد أخرى، ولا يوجد اليوم على المستوى العالمي من يطرح تلك المادة كبديل للرصاص.
وتابع التقرير أن أدنى تسرب لهذه المادة قد يؤدي إلى تلوث المياه السطحية والجوفية، حيث أن جزءا واحدا من المادة يلوث عشرين مليار جزء من الماء ويجعل رائحته منفرة وغير صالح للشرب، ولم تعد تستخدم في البنزين خاصة في الدول التي تعتمد في الشرب على المياه السطحية والجوفية.
وأردف التقرير قائلا إن الهيئة كلفت فريقا آخر للقيام بدراسة الأضرار الصحية الناجمة عن مادة البنزين الملوثة، وذلك في ضوء مذكرة رفعها مدير منشأة الصباحة النفطية في التاسع من يونيو الماضي إلى مدير دائرة الشؤون التجارية بشركة النفط، مبينا أن فريق الهيئة تأكد بعد النزول الميداني إلى المنشأة من صحة ما تم رفعه من قبل مدير المنشأة، وخلص الفريق في دراسته إلى تحميل مصافي عدن كامل المسؤولية عن تلوث مادة البنزين التي نزلت إلى السوق خلال مايو الماضي وكافة الآثار والخسائر الصحية والمادية والبيئية المترتبة عليه.
وأشار إلى أن الهيئة تواصل التحقيقات لاستكمال ملف القضية والرفع بها إلى الجهات القضائية.
وفيما يتعلق بقضية المازوت المستورد من السعودية، أكد التقرير أن تحريات الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بشأن قضية البيتومين المستورد من المملكة العربية السعودية، والتي تستخدم كوقود لأفران مصانع الأسمنت، كشفت الكثير من التلاعب والتحايل ومواطن الخلل.
وقال التقرير: "أظهرت نتائج التحريات أن هذه المادة قد تم إدخالها إلى البلاد باسم عدد من التجار وملاك القاطرات وبيعها داخل البلاد على أنها مازوت، ويتم إصدار فواتير ثمن هذه المادة بأسماء يمنيين من محلات بيع العوازل السعودية، وتخرج تارة باسم بيتومين، وأحيانا باسم زيت بيتومين، وتارة باسم زيوت مستخدمة، وتدخل البلاد على أنها مازوت، ويبرر من تدخل هذه المادة بأسمائهم هذا المسلك بكون السعودية تدعم أسعار المازوت داخليا ولا تسمح بخروجه من أرضيها".
وأضاف أن مجلس النواب كان أوصى عند مناقشته وإقراره للموازنة العامة للدولة للعام 2009 بعدم السماح بدخول مادة البيتومين واستخدامها في البلاد، لما لها من أضرار صحية وبيئية واقتصادية. وقام وزير المالية بتنفيذ هذه التوصية، حيث كلف رئيس مصلحة الجمارك بالتعميم إلى جميع المنافذ بعدم السماح بدخول هذه المادة إلى البلاد. غير أن فرع هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة بجمرك منفذ الطوال يفتقر إلى المختبرات الفنية وغيرها من المقومات الأساسية، مما سهل استمرار دخول هذه المادة.
ولفت التقرير إلى أنه في أواخر أبريل الماضي حاول أحد التجار إدخال 35 قاطرة (صهريجا) محملة بمادة البيتومين ورفضت إدارة جمرك الطوال جمركتها وإدخالها إلى البلاد/ كون تصديرها في الأوراق تم باسم بيتومين وأخذت إدارة الجمرك عينة منها لفحصها في إحدى المصافي، فكانت النتيجة عدم سلامة العينة وعدم صلاحيتها كوقود للأفران، وعندها طلب التاجر السماح بإدخال القاطرات إلى ميناء الصليف ليتم إعادة تصديرها عبر الميناء، فوافقت رئاسة مصلحة الجمارك على طلبه، وقام بإدخال القاطرات، إلا أنه وحتى الآن لم يتم إعادة التصدير، وبقيت المادة في الميناء، حيث يطالب التاجر عددا من الجهات بالسماح له بإدخالها إلى البلاد على أنها مازوت.
وبحسب التقرير قامت الهيئة بفتح تحقيق شامل في القضية، وما تزال تستكمل تحقيقاتها حاليا تمهيدا لإحالة ملف القضية إلى القضاء.

إقرأ أيضاً