ماكياج خفيف لهذه الحرب يا حسن داوود! - جمال جبران
" ليس أقسى من العنف المدوي في المدينة سوى العنف الذي يرمي بثقله في المكان الخطأ. وكل احتجاج سابق أو لاحق على أداء وسيلة إعلامية. لايمكن أن يتحول إلى حجة للإقدام على عمل كالذي تعرضت له مجموعة " المستقبل " الإعلامية أمس. والصمت الذي أطبق على وسيلة مرئية ومسموعة ومطبوعة لمجرد أنها تمثل رأياً مختلفاً، ليس هو الصمت الذي يمنع وصول الصوت. هو نفسه الصوت الذي حاول كثيرون من مواقع مختلفة كتمه، لمجرد أنه لايروق لمن بيده الأمر. خطأ المعارضة في التعرض لوسائل إعلام " المستقبل " جسيم، لايبرره أي جموح أو مبالغة، هو خطأ لاتعالجه لعبة رمي المسؤولية على هذا أو ذاك. كل التضامن مع مجموعة " المستقبل " الإعلامية.". بيان صحيفة " الأخبار " البيرويتة المتعاطفة مع تيار المقاومة الإسلامية.
(1)
لن تصدر الجريدة غداً يا حسن!
لن يصدر ملحق " نوافذ "!
لن نقرأ " المستقبل " غداً!
لن نقرأ ترجمات بسام حجار، تحليل وضاح شرارة، ومقالات يوسف بزي وعمر حرقوص وريما مسمار وبول شاوول وفادي طفيلي. لن نقرأ هاني درويش من القاهرة كما وحمدي رزق.
لن نقرأ الجريدة وقد أحرقوها يا حسن!
ولن نشاهد القناة أيضاً. " توقف البث بسبب قوى الأمر الواقع. نعدكم بإعادة البث بأسرع وقت ". هكذا كتبت " أخبار المستقبل " على شاشتها.
(2)
هم ذواقة حرائق وكائنات تنتشي برائحة الدخان. مركونون لذبائح وإن حرقاً. فالصحف والصحافيين صيد ثمين.
قال سماحة السيد حسن نصر الله كل شيء عن الحاصل اليوم في بيروت. لكنه لم يقل شيئاً عن إحراق "المستقبلـ"، القناة والصحيفة واليهما " إذاعة الشرق " و صحيفة " اللواء "! قال بأنه، حزب الله، سيقوم بقطع اليد، أي يد، لها أن تمتد لسلاح المقاومة. لكن أيدي السنيورة وجعجع والحريري وجنبلاط... الخ، ماتزال باقية في حين قُطعت وأُحرقت يد " المستقبلـ"، القناة والصحيفة!
(3)
" نحن لاننصح باستمرار البث ". جملة قالها ضابط في الجيش اللبناني لحسين الوجه، مدير الأخبار ومشرف البرامج السياسية في تلفزيون " المستقبل " وإذاعة " الشرق "، مؤكداً أنه وفي حال استمرار البث فان (الشباب) " سوف يدخلون المحطة ويكسروها ويحرقوها ويحرقوكم " (السفير 10/5/2008). وكان خروج العاملين من المحطة كما كان حرقها وتدميرها لاحقاً من قبل أولئك (الشباب). وهذا لأنهم رأوا فيها تهديداً لسلاح المقاومة!
وبعد ذلك توجه (الشباب)، في اليوم التالي، لإحراق أرشيف " المستقبل " الموجود في مبنى المحطة في منطقة مار الياس وهو الأرشيف الإخباري الكامل لها." يمكن الحصول على خطاب زعيم سياسي من أي مؤسسة أخرى، لكننا فقدنا أرشيفاً غنياً بصور من المجازر الإسرائيلية وتحرير الجنوب، كان لدينا مواد غير موجودة عند أي تلفزيون لبناني آخر، بما فيه " المنار ". أصبح الأرشيف ألان في عهدة النيران ". قال نديم المنلا، المشرف العام لمحطة " المستقبل " (السفير 12/5/2008).
(4)
ماذا تريد المعارضة ومن فوقها حزب الله من وراء إحراق جريدة أو إغلاق محطة تلفزيونية؟ لم يحدث مثل هذا الأمر طوال الحرب الأهلية اللبنانية. وهو يحدث الآن!
هو إسكات الشاهد بغية الانفراد بصورة نمطية واحدة تقول برأي واحد ووحيد لايقبل مخالفاً. صار هذا واقعاً عبر سلاح المقاومة الديمقراطي جداً.
هو سلاح المقاومة أيضاً وأيضاً.
هو ذاته السلاح الذي كان في ثلاجة " الداخل " سابقاً وموجهاً، على الدوام، في وجه العدو الخارجي. وهو الآن في وجه العدو "الداخلي "
تبدو عملية إحراق الصحف والمحطات التلفزيونية معركة سهلة هنا ويمكن كسبها بأي سلاح، التسمية هنا مجرد شكليات. تستطيع المقاومة، بالنتيجة، تسجيل نصرها على صحافة وإعلام، بلا بارود تنقل، كتابة ماترى وتلفزة تبث ماتقوم بالتقاطة.
لم يكن إعلام تيار المستقبل مهنياً. يمكن نقاش هذا الأمر والاختلاف أو الاتفاق حوله. لكن هذا لايعني ولايقول بحرق هذا الإعلام وتدميره. ماحدث وببساطة يقول أن هذا ماسوف يكون عليه " المستقبل " تحت حكم سلاح المقاومة الديمقراطي جداً!
لكن المعارك لايتم كسبها بكتم الصوت والحرق والتدمير. هي معارك خاسرة... ولو بعد حين.
< "ماكياج خيفيف لهذه الليلة ". هو عنوان رواية للكاتب والصحافي اللبناني حسن داوود المشرف العام على ملحق " نوافذ " الثقافي الصادر عن جريدة " المستقبل البيروتية.
Hide Mail
ماكياج خفيف لهذه الحرب يا حسن داوود!
2008-05-15