فلنحتكم إلى مبدأ حق تقرير المصير - أبوبكر السقاف
يبدو أن أرومة «صلف القوة» (فولبرايت) واحدة سواء أكانت ممارسة دموية باتساع الكرة الأرضية كما تفعل أمريكا الامبريالية أم قتلا علنياً لمواطنين يحتفلون بذكرى ثورة وطنية قلوبهم بها ضنينة كما حدث في منصة الحبيلين (ردفان)، وهذه الأرومة لا تعترف إلا بالقوة معياراً واحداً ووحيداً للحق/ الحقيقة، وتبدو كل ثمار السلطة التي تقوم عليها مغروسة في عربدة إله توراتي لا يتنفس الصعداء إلا إذا شم ختار الدم واللحم.
إن «صلف القوة» الصغير حتى القزامة، الذي يوزع الجثث والدم في أرجاء الجنوب يواجه منذ نحو تسعة أشهر بشجاعة مدنية نادرة عنواناتها: مجلس تنسيق المتقاعدين المدنيين والعسكريين، لجان العاطلين من الطلاب الجامعيين، لجان ملاك الاراضي المنهوبة. ورغم التأييد المتأخر والمتلجلج الذي يقدرونه للأحزاب كل على حدة وللمشترك، فإنهم يدركون أنهم يمثلون أنفسهم ولا يحتاجون أن يمثلهم أحد، فانبلاج حركتهم/ حركاتهم المدنية السلمية تعتمد على ذخر عميق في عقولهم ووجدانهم تبلور عبر معاناة ومكابدة طويلة لم يسلم من عدوانيتها حتى تاريخ نضالهم الوطني ضداً على المستعمر فأصبحوا بعد حرمانهم من خيرات أرضهم وبحرهم وموقع وطنهم مجردين من تاريخهم وذاكرتهم، «هنود حمر» في الجزيرة العربية.
إنهم لا يريدون أن تصطدم مطالبهم التاريخية بأحد، كما أنهم لا يرون في إخوانهم في الشمال إلا حلفاء ممكنين في خضم الصراع مع الطغيان، وقد ثبت منذ نحو شهرين أن نضالهم السلمي العقلاني أصبح مثالاً يحتذى في الشمال لا سيما في تعز ومأرب، وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، ولا يجب أن يحجب التضامن بيننا اختلاف مطالبنا لقيامها على أسس متباينة. والآن بعد أن سقطت أسطورة أن الظلم واحد حتى التطابق في جميع أرجاء دولة 7/7/94، ثبت أنه في الجنوب دمر ويدمر مجتمعاً بحجم دولة، أدخلتها بلادة تاريخية لحكامها يعز نظيرها في جحيم الانحلال والتدهور والموت، فقد كانت صفقة الوحدة قفزة في الظلام لم يفكر فيه طرفاها إلا في مغانم ومصالح «الطبقة» السياسية الحاكمة في الشطرين، ولم يكن أكثر المتشائمين تشاؤماً يتوقع أن القفزة في الظلام ستجر وراءها كل هذا الدمار.
لا يستطيع حتى غلاة الوحدويين اليوم أن يكابروا وينكروا أن الوحدة ليست فشلة فحسب بل وقاتلة، فقد أطاحت تجربة تراكم مدني وسياسي وثقافي امتدت نحو سبعين عاماً وتاريخ مثاقفة مع العصر امتد أطول من هذه الفترة وسلمنا هذا الفشل القاتل إلى أقيال القبيلة الذين يقيمون اليوم جداراً عازلاً بيننا والعصر بكل قيمه ومبادئ تطوره وميكانيزمات حركة الحرية والتقدم والعلم. وها هو الصراع على السلطة والاختلاف على حكم كل الذين لا يتمترسون بحمى القبيلة من الشعب، أي الاغلبية العظمى التي تندرج فيها كل القوى الاجتماعية الحديثة في المدينة والريف، يبلغ ذروته في خلع حاشد رئيس الجمهورية من شجرة نسبها لتلحقه بشجرة مذحج، ورغم ما يبدو من غرابة في هذا الحوار القبيلي الرفيع إلا أنه في الجوهر تعبير دقيق عن الذهنية القبيلية التي تحكم الجمهورية القبيلية منذ انقلاب 26/9/1962 التي استبدلت بالسلالة العدنانية سلالة قحطانية لتؤسس دولة زيدية جمهورية علمانية، بدلالة رفض الجانب الديني الفقهي في الزيدية مع الاحتفاظ بكل الشروط والملامح الأخرى لتجمع سكاني لا يكاد يزيد عن نحو 25٪_ من سكان البلاد.
لا يريد الجنوبيون ممارسة السياسة في هذا الإطار المتشبث بشجرة النسب وصراع السلالات و«قوانين» الطاغوت القبيلية التي رفضتها الإمامة بله القوى الحديثة. دولة القبيلة المناوبة على الحكم في الشمال لا تلد الا العقم والموت.
إن فشل الدولة القائمة سد مسام الحركة والتغيير في كل الآفاق، فالحرب في صعدة متقدة تحت رماد جمرها، وحال الجعاشن يتناسل في كل اليمن الأسفل، ويزدهر قتل المواطنين في تهامة على يد الجلادين من كبار ملاك الأراضي، ففي تهامة ومحافظتي إب وتعز نظام قنانة حليف لسلطة المركز ولا يحول بينها وامتلاك المزارع الكبيرة، بل يصنع تحالفها ويمده بأسباب البقاء.
هذه الدولة الفَشْلة لم يفلح حتى حماتها الامريكان والأوروبيون في حمايتها من الانحدار كل يوم نحو الأفول، وقد تطيل الدولة التسلطية العسكرية عمرها بالمبادرات التي تهدف الى تعزيز السلطة الفردية لتجنب طوفان اليوم الأخير، ولكن رغم كل ذلك فإن شبح الموت يلوح في مكان في الأفق.
هذه الدولة المتحضرة تبتز الجنوبيين إذ تهددهم بأن الخيار الوحيد القائم في حقل السياسة اليوم هو بين استمرارها والحرب الأهلية، وهذه أمكن تجنبها بفضل حكمة الجنوبيين وعقلانيتهم السياسية ووسائل مقاومتهم المدنية السلمية، ولكن ولا علاقة البتة لذلك بقلة شجاعتهم أو جبنهم وهم الشوس رجالاً ونساءً، الدولة تبالغ حتى الاسراف في اختبار صبرهم وهو عمل لا يلجأ إليه أي حكم رشيد. فهذا النوع من الحكم لا يعرف «أن السلطة لا تعيش على القوة بل على القبول»، كما أنها لا تعرف أنه لا يمكن حل المشاكل بالوسائل نفسها التي صنعت بها (اينشتين) ولكننا منذ7/7/94 في دوامة غياب الرشد وانفلات شهوة التملك والسيطرة في طبعة بدوية ضارية لن ينحسر موجها الضال الا باندحارها. وسوف تحل الكارثة إن أفلحت سلطة الأفول في جر الناس الى المقاومة المسلحة، وعندئذ ستستحق لعنة التاريخ.
إن الذين لا يرون أن التفاوت الواضح بين أساليب وأهداف الجنوبيين والشماليين قائم في اختلاف صنعه تاريخ تطور المجتمعين عبر مئات السنين، إنما يسرفون في التمسك بواحد من التصورات المجردة الآتية:
1 - الوحدة اليمنية حقيقة تطل علينا من خارج التاريخ، تؤثر في التاريخ ولا تتأثر به، والخروج عنها أو عليها خيانة وطنية، ومن هنا هي استعادة وحدة وليست وحدة في العصر وبوسائله.
2 - الوحدة اليمنية عند جميع ممثلي الاسلام السياسي خطوة أولى في طريق استعادة الخلافة، التي أعلن مرشد الاخوان في مصر أنه يقبل في ظلها بخليفة ماليزي.
3 - التفريط في الوحدة القائمة ولو بالحرب في نظر من ينضوون تحت لواء العروبة ولا سيما بعد أن تخلى أصحابها عن علمانيتها الهشة منذ هزيمة حزيران الطامة، إعاقة لحلم العرب المنشود في وحدة عربية من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي.
تلتقي هذه التصورات التي كثيرا ما تنحدر في الممارسة الفكرية إلى الصور، أي أنها تغدو شديدة الارتباط بالوجدان، والاقترانات النفسية والعاطفية التي تلازم كل تفكير أسطوري، فتغدو أشبه بالصورة في الأدب والفن منها بالتصور العقلي الواضح، وهنا مربط من مرابط فرس أحلامنا الجامح الذي ارتد اليها فشلاً تكرر 93* مرة في سنوات القرن العشرين، وها هو يمد ظلال هزيمته على سنوات القرن الواحد والعشرين.
لم نفلح حتى اليوم في التعلم من الخيبات المريرة التي جعلتنا عبيد القرن الواحد والعشرين، إذ لا توجد شعوب مستعمرة أو محمية بصورة صريحة إلا في البلدان العربية في آسيا وافريقيا! والأفارقة الذين يسبق حرف «حتى» كل الكلام عنهم في الصحافة العربية يحققون نجاحاً في غير صعيد سياسي واقتصادي وثقافي. الأمر الذي يجعلهم قدوة لنا إذا ما أردنا التعلم. إن الدرس الكبير الذي لم نتعلمه من تجاربنا هو أن الاتحاد أو الوحدة لا يمكن بلوغها بالقوة والضم، كما في تجاربنا كلها منذ منتصف القرن العشرين: منذ تجربة الجمهورية العربية المتحدة والحملة المصرية في اليمن الشمالي، ووحدة وادي النيل، ومشروع الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق، وغزو الديكتاتور صدام الكويت. كل هذه تجارب قامت على أن الغلبة التي كان الفيلسوف الفارابي من أشد خصومها وهو يحلم بآراء أهل المدينة الفاضلة، كانت في أساس تصور جميع الفقهاء للحكم بإطلاق، فسواء أكان براً أم فاجراً فإن من غلب تجب طاعته (ابن حنبل). كان الخوف على الوحدة التي هددها الخلاف في سقيفة بني ساعدة ثم في الفتنة الكبرى بعد مقتل الشهيد عثمان بن عفان، يطاردهم ولا يزال يتحكم في المخيال السياسي العربي حتى اليوم حتى عند الذين يقفون خارج الاسلام السياسي، وحتى بين العلمانيين الدنيويين الذين يتخففون من الديمقراطية والليبرالية للظفر بالحكم الوحدوي المنشود الذي أصبح عند الجميع إدماناً وعادة. وما أقسى أن تصبح أحلامنا عادة كسول تحررنا من التفكر مع حركة الواقع ومحاولة انتاج فكر مطابق لتجاوز الواقع بدلاً من البقاء بين براثنه واجترار خيباته الدامية.
إن ما يجمع هذه التصورات/ الصور أنها تسبح في فضاء غير واقعي،ميتافيزيقي أي تفصل بينها والواقع هوى غير معبورة، وتفكر في أسطورة البدء فكل الواقع يصدر عنه واغفال الواقع- اليوم لأنه لا يصدر عنه باعتباره لا متنكراً للبدئية، بينما الوفاء لها هو نقطة الانطلاق، ومن هنا ولعنا بالبدايات في الأنساب والسياسة، أي أن التاريخ الواقعي للبشر و الأجيال لايزن مقدار ذرة، وعندئذ يتضح أن التفكير في الوحدة يجري وكأننا نعيش في الأبدية لا في التاريخ، وهذا في تقديري جذر رفضنا الفكرة القائلة بأن الوحدة لابد أن تقوم على أنموذج ناجح بمقاييس العصر والحضارة المادية والثقافة الانسانية. وبدلاً من هذا تهنا في صحراء «الدولة القاعدة»، «وبروسيا العرب» (العراق) وأسطورة عودة صلاح الدين، الذي لا يزال رافضاً الإطلال على حلمنا الكسول.
كانت القضية قبيل صفقة الوحدة القاتلة هي تشييد أنموذج نظام عصري في أحد الشطرين، والاتعاظ بالمآسي التي ضفرت سلطتا الجنوب والشمال سلاسلها القاتمة بدءاً بالبحث عن حلول لمشكلات النظام السياسي والمجتمعي، والخروج عن دائرة هموم الأشخاص والتجمعات الحزبية. ووحدة بسمارك التي يذكرها دعاة مبدأ الغلبة قامت على تقديم أنموذج ناجح تمثل في بناء قوة عسكرية عصرية وتحديث التعليم والانتصار على فرنسا التي غزت الدويلات والولايات والامارات الألمانية لايقوم أي نظام عصري في دائرة الغلبة، ولا يجدي هنا القول بأن الوحدة تحققت وعلينا أن نبدأ من «ثانياً» بدلاً من الحديث عن «أولاً» بالعودة إلى حرب العام7/7/94. وهذه عودة لا إلى بداية التاريخ، بل إلى تجربة نصطلي بجحيم نارها هنا والآن، ونحاول بالعودة تجاوز واقع غير إنساني لا نريده أن يجر ظلال قسوته وتجهمه على مستقبلنا في الجنوب والشمال، فهذا الواقع جعل حتى مرحنا ونكاتنا تنضح لا بالمرح البريء، بل السام، إن سيل النكت عن الدحباشي، وهو صورة الحاكم المتسلط في كل طبقاته وليس البتة صورة الفلاح أو المهني أو المثقف الشمالي، إنها صورة تختلف عن تلك التي نجدها في نكت المصريين عن الصعيدي التي لا تتجاوز السخرية من الغباء والعناد و«الرأس الناشف». الدحباشي يساوي سلطاناً قراقوشاً «عصرياً» لا تعرف غطرسته حدوداً وملامحه عدائية وعدوانية لا تناسب إلا شخصاً متوحداً بالقوة، يشخصه بدقة مرعبة ذلك الرجل الذي أطلق الرصاص على طفل في أحد شوارع عدن لأنه قال له يادحباشي!. وهو ينتمي إلى السلالة نفسها للجنود والضباط الذين أطلقوا الرصاص على شهداء منصة الحبيلين بردفان.
الخروج من ربقة القوة يتحقق بالحرية الفردية والجماعية والشعبية، والشماليون الذين أهبت بهم غير مرة أن يتضامنوا مع الجنوبيين حلفاء لا أعداء ليسوا أبداً خصوم الجنوبيين إلا في كلام أصحاب السلطة ومن يكتبون في ظل بلاطها متهمين الجنوبيين بالبلادة والمراهقة وبالتنكر للعرق والدين والديمقراطية، بل والجنون**، بل وبمحاولة فرض أسوأ أنواع الاستبداد وهو استبداد الأقلية، التي تحاول استعادة ما فقدته في الحرب بالسياسة، وأن ما يصدر عنهم يعوق «عودة التقاليد» وبفكر «الأرض الواحدة» و«الأصوات الجنوبية مناطقية وعدوانية». («الأيام» 9/9/2007). هذه ألوان من لوم الضحية، وهي أبشع من ممارسات الجلاد لأنها تتلذذ باتهام الضحية وتدافع عن الجلاد. إن من ينشد حريته لا يمكن أن يعادي حرية الآخر لا سيما إذا كان قريباً وصديقاً وجاراً تشدنا إليه ألف وشيجة ووشيجة، لا تلغي اختلافنا وتمايز مطالبنا، بل لعلها تؤكده وتدعمه لبناء «ألفة جامعة» قادرة تتناقض وشروط الغلبة. إن أبناء المناطق المضطهدة في الشمال وهم الأغلبية أصبحوا مضللين «بمواطنة» هي غيض من فيض «الغنيمة»، بينما إخوتهم في الجنوب لا يزالون في دائرة «بدون» مواطنة. ولا خروج منها إلا بممارسة حق تقرير المصير.
بعد أسبوعين تحل ذكرى يوم الاستقلال، الذي ضاع غير مرة، ولن تسعف السلطة الحكمة حتى لا تواجه العيد بالرصاص والغاز المسيل للدموع. وما أجدرنا اليوم اكثر من أي وقت مضى بالاحتكام إليه لنعرف حظنا من الصواب والخطأ ومن الحكمة السياسية وعقلانية السياسة ومدنيتها،«الاحتكام الى السيف» (الشهيد محمد أحمد نعمان) أرهقنا حتى الأعياد وأسال دماءنا نزفاً طويلاً يهدد مقومات الحياة فينا وفي ما حولنا. حق تقرير المصير مكون أساسي من مبادئ حقوق الانسان والمواطن ومن مفهومات الحق الطبيعي التي لا تقبل التفويت وعلى صلة باطنية عميقة بمفهوم كرامة الانسان التي نجدها مبثوثة في غير تعبير مشرق وسام في ثقافة كل الديانات السماوية والوضعية، ولعله يشكل أجمل وأحكم استمرار لسياق الحق/ الحقيقة منذ عصر النهضة وحركات التحرر الوطني لأنه يقدم معياراً جديداً لفض النزاع داخل الدول وبين الدول بحثاً عن سلام مجتمعي واجتماعي وانساني حتى يتحقق قول المسيح: «وفي الناس المسرة وعلى الأرض السلام». وشعارات التشنج والغضب والقتل لن تفلح إلا في تأجيل يوم حلولها.
16/11/2007
* هذا الرقم ورد في بحث من أبحاث مركز البحوث العربية بالقاهرة، وهو من أقدر المراكز العربية، أسسه لفيف من العلماء والمفكرين اليساريين في مصر الحبيبة في الثمانينيات، وأضيف الى اسمه اخيراً كلمة والأفريقية. وعيبه الوحيد قلة المال، ورغم ذلك قدم دراسات عميقة وهامة في التاريخ والفكر والاجتماع.
* والتهمة الأخيرة تقوم على منطق شديد الغرابة فهي مؤسسة على أن الجنوبين يتوقون إلى العودة إلى حكم الاشتراكي غير الديمقراطي، ويرفضون ديمقراطية دولة 7/7/94، التي انقذتهم من تسلطية الاشتراكي، وهذا قول يمتح من نبش القبور وذاكرة الثأر وتأليب الاخوة على بعضهم بعضاً، ولا يفكر في جرائم أصحابه التي جبت كل أشكال الظلم في جميع العصور، والاستعانة بخطباء الجمعة والأعياد في الشمال والجنوب يصب في هذا المنحى، الذي لا يستطيع فهم وتقدير النضج السياسي والمدني والثقافي الذي يرفد بالقوة والأمل والشجاعة تحرك الجماهير وجموحه النبيل في كل أصقاع الجنوب، الذي يقول بأفصح لسان إنه قادر على صوغ كيان جديد ومستقبل حر وديمقراطي وسعيد.
فلنحتكم إلى مبدأ حق تقرير المصير
2007-11-28