صنعاء 19C امطار خفيفة

الوصايا العشر

2007-09-21
الوصايا العشر
الوصايا العشر - محمد الغباري
النقاط العشر التي تضمنتها رسالة الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي، علي صالح عباد "مقبلـ"، الموجهة إلى الرئيس علي عبد الله صالح، يمكن لها أن تمثل مخرجا من الأوضاع المتفاقمة التي تعيشها البلاد, وتضعنا على بداية الطريق الصحيح لبناء دولة يمنية حديثة لكل مواطنيها, وتعيد الاعتبار للمنجز الذي تحقق في 22مايو 1990, إذا لم يستمع الرئيس لتلك الاستشارات التي كانت سببا فيما آلت إليه أوضاع البلاد.
إذا ما تجاوز الحكم حالة العناد والمكابرة أمام الغضب العارم الذي يسود الشارع، وخصوصا في محافظات الشرق والجنوب، وجلس الفر قاء على مائدة حوار جاد بهدف بناء الدولة الديمقراطية الحديثة, فإن الحكم المحلي واسع الصلاحيات من أسس مكونات الدولة العصرية في عالم اليوم. كما أن إزالة آثار ما خلفته الحرب المدمرة، والانتصار للثقافة المدنية على حساب ثقافة القبيلة التي تم تصديرها منذ ما بعد الحرب تحديدا، فإن المواطنين في كل محافظات البلاد سيجدون أنفسهم شركاء في وطنهم وفي إدارة شؤونهم بعيدا عن الإقصاء, ولن يجد النظام نفسه مرتهنا لبعض مراكز القوى التي تعمل في كل وقت على ابتزازه.
لا ينبغي التعامل مع ما يدور في المحافظات التي كانت تشكل "جمهورية اليمن الديمقراطية" على أنه نتاج فقدان بعض الأطراف لمصالحها؛ لأن الأصل في الوحدة اليمنية أو أي مشروع سياسي كبير، هو قدرته على زيادة المصالح المباشرة لكل الناس, وإلا فقد معناه. وكلما كان الناس شركاء في وطنهم، اتسعت قاعدة الرضا الشعبي عن الحكم. والعكس صحيح. كما لا يجوز أن تدفع بعض الأطراف إلى تأجيج الأزمات وإطلاق دعوات القتال والترويج لسفك الدماء؛ لأن مثل هذا الفكر لن يقود إلا إلى مزيد من الاحتراب والدمار والتشظي.
ما يحتاجه الرئيس اليوم هو الاستماع لصوت العقل، والإقرار بأن هذا الكم الهائل من الغضب إنما هو تعبير عن حالة من الغبن والشعور بالإقصاء, وأن المعالجة لن تكون بالاعتقالات أو بقمع المحتجين أو محاكمة المعارضين، مهما كان تصورنا لأخطاء الدعوات التي يطلقونها. فإذا ما اتخذت قرارات شجاعة بإعادة الأراضي المنهوبة لأصحابها فورا، وأحيل قانون المجالس المحلية إلى البرلمان، وقد ضمن حكما محليا واسع الصلاحيات وأعطي المواطنون الحق في انتخاب محافظي المحافظات ومدراء المديريات, وتم إعادة الاعتبار للوظيفة في الجهازين العسكري والمدني وفق أسس وطنية لا تعطي للانتماء المناطقي أو القبلي امتياز النفوذ والإمكانات والقرار؛ فإنه بذلك سيتوج سنوات حكمه الطويلة بأهم عوامل قوة اليمن ووحدتها وانطلاقها نحو بناء الدولة العصرية.
منذ أن شكلت اللجنة الخاصة بمعالجة أوضاع المتقاعدين العسكريين والمدنيين، ومن ثم منحها مهمة معالجة قضايا الأراضي، ومن بعدها تم تشكيل لجنة معالجة الظواهر السلبية, لم يسمع الناس سوى قرارات بإعادة آلاف المبعدين إلى الخدمة في القطاع العسكري، لكن بدون مواقعهم التي كانوا يشغلونها قبل اندلاع حرب صيف 94 أو تسوية الأوضاع المالية للمتقاعدين, وهذه معالجات ناقصة وجزئية؛ لأن جذر المشكلة يكمن في غياب الشراكة، وانتصار الثقافة المناهضة لقيم القانون والمدنية.
لم يفتنا القطار بعد –كيمنيين– لإعادة إصلاح نظام إدارة الدولة وبنائها على أسس وطنية ومتطورة، مع أننا تجاهلنا هذه الحقيقة أكثر من عقد ونصف, ولسنا بحاجة لكارثة إضافية ككارثة الحرب, ولا للدماء وتسليح المواطنين لقتال بعضهم. لكن الاستمرار في السياسة الراهنة سيفقدنا هذه الفرصة، التي قد تكون الأخيرة لنعيد صياغة نظامنا السياسي بطريقة تجعل المواطن يشعر أنه طرف في هذا النظام، أكان من أبناء المهرة أم من أبناء صعدة.
malghobariMail

إقرأ أيضاً