صنعاء 19C امطار خفيفة

حرب القمح في اليمن

2007-08-23
حرب القمح في اليمن
حرب القمح في اليمن
صورة باقية لوعود تذبل
حين نعت الرئيس الأحزاب بـ«الحقد المشترك» وقال: لا زيادات سعرية قادمة
 
 
غمدان اليوسفي
[email protected]
 
في العدين، مات الرجل بعد أن ذهب لشراء كيس قمح ووجد سعره قد ارتفع على السعر الذي عرفه قبل أسبوع. عاد إلى منزله فأصيب بنوبة ومات.
هذا ليس للمزايدة، فالمزايدة أصبحت قوتا يوميا نطعمه من السلطة والمعارضة معا، لكن الأكثر قسوة أن تجد المواطن نفسه أمام اختبار عسير اسمه "كيس القمح". مأساة لم تقتصر على ذلك الكيس ذي اللون غير المعروف فقط، بل ارتبط الأمر بكل شيء، من علبة الفول والزبادي الذي ينتج في مصانع شركات هائل وثابت وردمان وغيرهم، إلى علبة حليب الشاي والحليب وحبة الشوكولاتة التي تكاد توازي حجم غلافها.
في 18 سبتمبر من العام 2006 كان الرئيس يمد صوته عاليا أمام مواطني محافظة رداع في البيضاء، كان يتحدث عن اللقاء المشترك ويحذر الناس هناك مما وصفه بـ"الإشاعات المغرضة لأحزاب الحقد المشتركـ".
أضاف: "لا صحة لما تروج له أحزاب اللقاء المشترك بأن هناك زيادات سعرية قادمة، ليس هناك أي إجراءات من هذه المزاعم على الإطلاق، فقد انتهت الجرع وإلى الأبد فهذا في رؤوسهم فقط، ولا وجود في سياستنا وخططنا أي إصلاحات قادمة".
ارتأى المحرر الاحتفاظ بصورة لواجهة موقع صحيفة رسمية تعلن على لسان الرئيس أن "عهد الجرع ولى ولا زيادات سعرية قادمة"، فالأمر أصبح بمثابة النكتة المكررة التي أبكت بعدما أضحكت.
هي حمى الخطابات، صفق الناس لها فطارت الوعود كبالونة صفراء تتلقفها الأشواك لتفقأ غرورها.
 حين أنهى الرئيس خطابه كان سعر كيس القمح الاسترالي 2150 ريالا وبعد شهر من الخطاب ارتفع إلى 2800 ريال بزيادة 650 ريالا.
حينها أوصت لجنة برلمانية خاصة بالموضوع ببناء صوامع ومطاحن للقمح لاستخدامها كمخزون استراتيجي ومنافسة الأسواق وتشديد المراقبة وتشجيع قيام جمعيات تعاونية وتوفير مادة الدقيق للأفران بأسعار ثابتة.
منذ ذلك الحين بلغ الارتفاع في سعر كيس القمح أكثر من 2000 ريال ومنذ الانتخابات أكثر من 2500 ريال.
تضطر الحكومة بعد صراخ وعويل من المواطنين لأن تعيد للمؤسسة الاقتصادية جزءا من مهمتها التي ضاعت مع مرور الأيام، تقوم ببيع القمح بزيادة 100 ريال على السعر الذي يصل به الكيس إلى الميناء، لكن المهمة تبدو صعبة بعض الشيء؛ فالمؤسسة يتركز تواجدها في المدن الرئيسية، أما الأرياف وهي التي تحظى بكثافة سكانية رهيبة فهي تسمع أن الكيس القمح ب3700 عن طريق الراديو وتذهب للبحث عن كيس ولو بزيادة ألف ريال عن السعر المعلن.
حكاية مملة، ووعود تقبر ما بقي من آمال للناس في الحياة، الحياة فقط، وبأي شكل.
كأن همسا يدور في أوساط عديدة للرجوع قليلا إلى الوراء وإعادة دعم سلعة القمح. يقول أحد الطلبة وهو ينتظر المسجل العام لأحدى الكليات: "يا جماعة معانا زلط في هذي البلاد مليان، بس لو ندري فين بتسير؟!".
الدعم الحكومي لمادة القمح ربما يصبح مطلبا ملحا فالناس تساووا أمام الأزمة فصاحب الراتب الذي يصل راتبه إلى 30 ألفا يقف حائرا أمام ما يدور. والعاطل عن العمل توقف عن التفكير، لكنه ربما تدور في رأسه أفكار أخرى قد تكون "غير مشروعة" لكنها مجدية قليلا، على الأقل بالنسبة إليه.
المسألة تحتاج إلى تخفيض ميزانية المصروفات على جهة أو جهتين من تلك الجهات التي تذهب أموالها إلى جيوب معدودة وقليلة، وبدون ربط الأحزمة -طبعا- لأن غالبية المؤسسات الرسمية أصبحت مؤسسات ربحية، كالجامعات والمدارس إلى جانب مؤسسات الدخل المعروفة.
ظهر وزير الصناعة الأسبوع الماضي يردد: "إن ارتفاع الأسعار عالميا هو السبب وراء ارتفاع القمح". لكنه تراجع عن ذلك بعد أن قال الرئيس إن مجموعة من التجار مستغلين، فقال المتوكل بعده: "مستغلين"، وذلك على شاشة الفضائية.
 نحن بحاجة لشيء من المنطق، وتفسير لماذا ارتفعت علبة الفول إلى 100 ريال، وعلبة حليب الشاي الصغيرة إلى 70 ريالا، وعلبة الزبادي إلى 100 ريال، بل إن علبة مستحدثة نزلت وبسعر العلبة الصغيرة -سابقا- وبغطاء تم تغييره من قصدير إلى ورق كرتوني ولكل العبوات، علبة الزيت وتنكة السمن وكل شيء ارتفع سعره برغم أنها منتجات يمنية، ونحن نعلم أن البترول لم يرتفع لتشهد هذه الحمى. أليس من المنطقي أن نعرف لماذا؟!
 
 
الشركات المعروفة باستيراد القمح هي:
 
· شركة صوامع ومطاحن عدن
· الشركة اليمنية الدولية (الحباري)
· شركة صوامع الغلال المحدودة
· الشركة اليمنية للاستثمارات (فاهم)
· شركة السعيد للتجارة
· المؤسسة الاقتصادية
· مطاحن البحر الأحمر
· سالم محمد شماخ
· محمد علي العودي
 
أرقام
 
< 2.200.000 - 2.300.000 طن احتياجات اليمن من القمح سنويا.
< 500.000- 700.000 طن احتياجات اليمن من الدقيق.
< إجمالي الكميات المستوردة من بداية عام 2006 إلى شهر 10 بلغ 1.685.768 طنا وفقا لبيانات تقرير برلماني استند في معلوماته على وزارة الصناعة.
< عدد الصوامع الموجودة حاليا في اليمن 8 صوامع، 5 منها في الحديدة وصومعتان في عدن وصوامع صغيرة في عدن تتبع المؤسسة الاقتصادية تتسع ل600 ألف طن.
< عدد المطاحن 7 مطاحن، 4 منها في الحديدة و3 في عدن، وتبلغ إنتاجياتها كلها 3760 طنا في اليوم.
 
 
 
 
***
 
علاقة عكسية مستمرة بين سعر القمح وحجم الروتي
كان الروتي بحجم الصميل واليوم مثل الحبة السيجارة
 
 
هلال الجمرة
في ال 9 صباح الاثنين الفائت، كان «عبدالكريم البعداني»- مالك مخبز الامتياز- يعمل بدأب مع اربعة آخرين، اضافة الى أبنائه الثلاثة. تتوزَّع ادوارهم بين موزع ومستورد للدقيق ومدير للفرع- الذي يبعد حوالي 400 متر وهو مخصص للروتي فيما الرئيسي لرغيف الخبز- كما يعمل موظف بجانب اللهب الصاعد داخل الفرن على إدخال شطائر العجين واخراجها خبزاً.
10 ريال هو ثمن رغيف الخبز أوالروتي أوالكدمة: «نبيع الخبزة الواحدة ب10 ريال وللموزعين ب8 ريال»، أوضح البعداني. هكذا إذاً يتعامل أصحاب المخابز- الذين التقيناهم- مع الزبائن.
يومياً تستهلك الأفران، حسب مالكيها، من 6-7 أكياس من الدقيق تكون بنفس السعر والمقاس. أكد ذلك أغلب مالكي المخابز، أما أفران الكدم، فأخذنا أحد العَّمال قائلاً: احنا نصلَّح في اليوم 2 اكياس وأحياناً اثنين إلا ربع».
 تتضارب معلومات مالكي الافران حول المقاس المحدد للروتي ورغيف الخبز. ففي حين قال البعداني: «أنا عندي 12 قطعة خبز تزن كيلو جرام»، وافقه كثير من المالكين، وتحدثوا بعدها بدقائق: «نقسم الكيس الدقيق الى 900 قطعة خبز او روتي»، لكن، عند حساب القطع،طبقاً لتقدير البعداني، سنلاحظ أن الكيس لا يمكن أن ينتج سوى 600 قطعة.
وشكك احد العاملين في مخبز للدقيق في امانة مالكي الأفران: «أنا اقوم بتقطيع العجين الى (1050) قطعة روتي او عيش للكيس»، وأضاف «يتظاهر دائماً أصحاب المخابز بالخسارة وعدم الربح لكنها ليست الحقيقة ومع هذا، المظلوم هو المواطن أمَّا هم فأرباحهم مضاعفة..».
يواجه مالكو المخابز مع زيادة أسعار الدقيق والقمح - عادة- بتقليل الوزن والمقاس المحدد للقطعة، يقول الشرعبي- مالك مخبز: «أنا احياناً.. أعمل هكذا، أما الآن فأنا لا أزيد ولا أنقص من حجم الرغيف لأننا متضررون جميعاً».
عبده الدغار- في الاربعين من عمره- استنكر جشع التجار و أصحاب المخابز وتواطؤ الحكومة: «أنا لو أعتمد على راتبي ما يأكلني روتي الى آخر الشهر، فأنا أصرف على ثمانية أولاد، وزاد جشع التجار وأصحاب المخابز... الروتي الآن قدوه مثل الحبه السيجارة ومن أول كان بحجم الصميل». وأضاف: «من المفترض أن تكون هناك رقابة من الدولة وأن تتعامل معهم بشدة وحزم». وبدوره حمّل عبدالله ردمان الحكومة والتجار غلاء الكيس الدقيق: «الحكومة هي السبب في احتكار كيس القمح وكذا التاجر»، وقال مستغرباً «بالله عليك، اشتغل طول الشهر بحق الكيس البر، باشتغل حجر وطين ليل ونهار علشان أشتري4 أكياس في الشهر ل12 نفر في المحويت». وأردف متحسراً: «ما عاد معانا الا الحاصل، لوما يغيَّرها الله من عنده».
يشتكي «مالكو المخابز» من تجّار الجملة فقد طالب البعداني الحكومة باتخاذ اجراءات قاسية ضد المتلاعبين، وتحديد الاسعار: «نشتي يحددوا الأسعار، كان قبل اسبوع 4200 والآن 4500». أما هزاع الشرعبي مالك مخبز الأسرة فقد أضاف : «يكون احياناً معدوم ونشتري الكيس ب4800 وهذا قبل عشرة أيام والأن 4500».
عامل العجين عبَّر عن استيائه من الوضع، الذي يرفضه الجميع، وشكا قلة راتبه وكثرة عمله: «أنا اشتغل من12 ليلاً الى 9 مساء عدا ساعتين للراحة، ومع هذا راتبي عشرين الف منذ كان كيس الدقيق ب2600، والروتي كبير، وتغيرت الدنيا وزاد كل شيء عدا راتبي لم يتغير». وعلى كل حال فقد اجمع «مالكو المخابز» على انه في حالة ازدياد اسعار القمح والدقيق سيتلاشى حجم الروتي والخبز، وسيستمر في الغليان السعري ليصل سعرهما الى 50 ريالاً واكثر
 
 
 
***
 
عندما يتعلق الأمر بالخبز، لا يعود
في وسع المرء إلا أن يخاف
 
 
محمد العلائي
alalaiyMail
 
 
عندما يتضاءل مستوى دخل الفرد، تتعاظم، تبعاً لذلك، حاجته للخبز. لسبب بسيط: افتقار مائدته لأطباق بديلة.
وبموازاة ذلك، فالدول التي يزداد فيها الفقر تفاقماً، ترتفع معدلات استهلاك القمح فيها الى مستويات قد لاتطاق.
معادلتان لا تخلوان من مفارقة. ففي اليمن يفوق متوسط ما يلتهمه الفرد من القمح 19 كجم في الشهر الواحد.
نحن في الغالب، نذعن للاستبداد، بما هو فكرة مجرده، لكن على المرء أن يثب بشراسة كيلا يغدو الطحين سلعة بعيدة المنال. فالثابت، أنه حينما يتعلق الأمر بالخبز، من حيث هو ضرورة قصوى، لا يعود في وسع أي كان إلا أن يخاف.
وطبقاً لمسح ميزانية الاسرة لعام 1998، فإن مجموعة الحبوب ومشتقاتها احتلت المرتبة الأولى بين مجموعات السلع.
آنذاك كان متوسط الانفاق الشهري على الحبوب 4638 ريالاً للأسرة، أي ما يعادل 14.75٪_ من إجمالي انفاقها، وإنْ كان هناك من شيء لم يهادن طرفة عين، فهو ارتفاع سعر الحبوب، الأمر الذي يدل، بما لا يدع مجالاً للشك، على أن متوسط الانفاق بعد عقد من ذاك المسح، قد بلغ حداً لا يحتمل.
في الارياف، لابد أن الحالة المعيشية أكثر قتامة، وبالتالي فإن الأسرة القروية المكونة من 6 افراد تستهلك شهرياً من الحبوب ما مقداره 158.17كجم. وبخلاف ذلك، لا يتعدى نصيب الاسرة الحضرية من الحبوب شهرياً ال67.86كجم. ماهو حري بالتمعن، هو أن الاسرة الريفية تستحوذ شهرياً على. 5.56كجم من القمح المنتج محلياً، في حين أن مثيلتها الحضرية تحصل علي 0.44كجم، لا أكثر.
ويشير المسح مار الذكر، والذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء، الى أن متوسط نصيب الأسرة في الحضر من القمح المستورد يوازي 24.72كجم، فيما تحتل الاسرة الريفية الصدارة على الدوام: 66.35كجم.
معلوم أن الأسر في البوادي تداوم على صناعة الخبز في المنازل، وعليه، فهي تستهلك كميات ضخمة من الحبوب والدقيق. وعلاوة على ذلك اقتصار المائدة الريفية على أنماط غذائية، الخبز فيها مادة أساسية. لا يغفُ الانسان القروي ولو للحظة، حالماً يكون مطبخه خالٍ من الطحين.
ولئن كان النمط الغذائي الحضري متخففاً نسبياً، من الأرغفة، فإنما يعزى ذلك لوجود سلع، وأطباق بديلة، كالخضروات والفواكه واللحوم والرز وما شابه.
وتتفاوت معدلات ما يستهلكه الفرد من مدينة لأخرى ومن ريف لآخر. فوفقاً لمسح ميزانية الاسرة اليمنية، بلغ متوسط نصيب الفرد شهرياً من القمح المستورد في أمانة العاصمة 3.64كجم، في الوقت الذي لا يتجاوز نصيب الفرد في عدن 0.60شهرياً.
واذ يستهلك الفرد في مناطق «صعدة، صنعاء، الجوف، مارب» 11.55 كجم كل شهر، يكتفي في «حجة، المحويت، الحديدة، ذمار» ب5.81فقط. علي أن نصيب الفرد الواحد في إب وتعز يعادل 10.06 كجم شهرياً، بمقابل 6.63 كجم في «شبوة، حضرموت، المهرة». وهكذا دواليك.
الحال، أن القمح يعد بمثابة النظير النباتي للهواء والماء لدى الانسان اليمني. وأي شيء يضمر لهذه المادة «القيِّمة» شراً، لا يسهل تمريره، دون أن يتجشم أحد عناء التبرير التبرير.
 
 
 
***
 
 
اللاعبون بالقمح.. يخوضون حرب مصالح
 
 
محمد الحكيمي
alhakimi
 
في اللحظة التي احتدم فيها الجدل حول أزمة القمح على اكثر من صعيد في البلاد، كرر رئيس الوزراء خلال الاجتماع الدوري للحكومة يوم الثلاثاء 14 أغسطس، حلاً كان الرئيس علي عبدالله صالح قد طرحه، وعبر عنه المحللون علاجاً لأزمة احتكار بأزمة احتكار أكثر حدة.
كان الرئيس هاجم تجارالقمح الاسبوع الفائت ما وصفهم بالجشعين، وقال :«نحن حررنا التجارة من اجل التنافس وخفض الأسعار، وليس الاحتكار والثراء غير المشروع». رئيس الوزراء الدكتور علي مجور لم يبتكر حلاً جديداً عندما أقرت الحكومة منح المؤسسة الاقتصادية حق استيراد القمح بدلاً من التجار لحل الأزمة. مجلس الوزراء نفسه، انساق الى طريق الهجوم على اللقاء المشترك متهماً احزاب اللقاء المشترك بإساءة استغلال الارتفاع العالمي للأسعار، والقمح بالتحديد، والدعوة الى مسيرات واعتصامات خارج القانون.
أزمة القمح بدت خلال الايام الماضية أقوى مما تبدو عليه. فقد ظهر على السطح رجال أعمال يمثلون اقطاب تجارة القمح في اليمن في حالة صدام من النادر حدوثه.
ففي الاسبوع الماضي اشتعلت حرب التصريحات عندما قال يحيى الحباري- أحد كبار تجار القمح في اليمن- إن هناك من يغالي في أسعار القمح والدقيق، نافياً أن يكون ارتفاع الأسعار في اليمن مرتبطاً بأي شكل من الاشكال بارتفاعها في العالم.
 هاجم الحباري محتكري القمح واتهمهم بالمغالاة في الاسعار واحتكار المواد الغذائية كالقمح، قائلاً: إنهم يحملون المواطنيين فوق طاقاتهم وقدراتهم الشرائية طمعاً في الربح غير المشروع.
بالمقابل أبدى محفوظ شماخ، رئيس الغرفة التجارية بالأمانة، استغرابه من الهجوم الذي شنه الحباري علي تجار لم يسمهم وقال: «الحباري يأكل مع الذئب ويرعىَ مع الراعي». ولاحقاً رد الحباري: «إذا أراد الشيخ شماخ ان يطلع على ترحيل كمية المؤسسة الاقتصادية من صوامعنا الى معارضهم فعليه التواصل مع المؤسسة». وأضاف: «سبق للأخوة مؤسسة شماخ بأن أفرغوا باخرة قمح في صوامعنا، لكنه للأسف لاحظ بأن الأرباح متدنية فلم يعجبه».
ما بين تصريح الحباري وهجوم شماخ.. يكشر صراع المصالح عن انيابه؟! المؤسسة الاقتصادية اتخذت تدابير عاجلة تجاه الأزمة، فقد فصلت الاسبوع الفائت ثلاثة من مدرائها من الخدمة لضلوعهم في التلاعب بأسعار القمح، وأحالت ثلاثة آخرين الى القضاء.
وفي لقاء موسع بمديري فروع المؤسسة صباح الثلاثاء قبل الماضي توعد علي الكحلاني مدير المؤسسة كل من يتلاعب بأسعار المواد وبكمياتها او يستهتر بالواجب الملقى على عاتقه باتخاذ اقصى العقوبات، وقال: «إن اللاعبين الرئيسيين بمادة القمح هم المؤسسة والحباري وفاهم وهائل سعيد والعودي، لكننا سنقوم بتوفير القمح وإيصاله إلى نهاية كل خط اسفلتي في مناطق اليمن».
يحيى المتوكل وزير التجارة والصناعة وضع الأمل على عاتق المؤسسة، في اللقاء ذاته، قائلاً: «المؤسسة في الوقت الراهن هي الأداة الأساسية، هي الوحيدة للدولة التي يُعول عليها تحقيق الاستقرار السعري وتوازن السوق».
المشكلة تكمن في الصوامع اذا ما وفرت المؤسسة القمح، فالمؤسسة تشكو من عدم امتلاك صوامع للغلال، ولعل الدراسة القائمة الآن بإنشاء صوامع بطاقه تخزينية تقدر ب100الف طن تحتاج 30 مليون دولار. وهو الامر الذي تطرق اليه الكحلاني عن فقدان الدعم الحكومي لذلك، وهذه مشكلة، كون قرار الحكومة المتخذ عام 1995م ينتقل إلى آلية السوق ورفع الدعم، ولا مجال للعودة إلى الدعم.
بالنسبة لما هو هام: السعر.. فسعر القمح وصل مبلغ 5000 آلاف ريال في مناطق عدة من اليمن. واعلنت المؤسسة، صباح الأحد بأن بيعه حُدد بسعر 3700 ريال لعبوة خمسين كيلو، وهو السعر الموحد الذي حددته المؤسسة في معارضها في المدن.
لكن أمراً آخر يقف عائقاً هذه المرة أمام تواجد المؤسسة، وهو نقاط البيع. فالأمر يتطلب نقاط بيع متوافرة في الارياف قبل المدن. وهو ما تنبه له الكحلاني باعتزامه توسيع نقاط البيع من خلال سيارات متنقلة في المدن والأرياف وأماكن الاختناقات.
إذاً، سيكون على المؤسسة احتكار القمح بدلاً من احتكار الجشعين.. والوصول الى كل قرية.
 الآن.. ودائماً.. ما يفكر فيه الناس: من يوصل إليهم القمح والدقيق, ولو بسعر غالٍ.. مهما كان الثمن.
 
 
***
 
إزدهار تجارة القمح السعودي في حرض
الحمير تساهم في تخفيف معاناة المستهلكين
 
تشهد المناطق المحاددة للمملكة العربية السعودية شمال حرض، هذه الايام، عمليات تهريب نشطة لمادتي القمح والدقيق السعودي. وقالت مصادر خاصة في مدينة حرض إن تجار الجملة اليمنيين في محافظة حجة ومدينة حرض يتسابقون على تلك المناطق لحجز أكبر كمية من القمح والدقيق المهرب وتسليم قيمتها نقداً. مضيفة ان تكلفة كيس القمح السعودي المهرِّب بلغت 3200 ريال يمني بزيادة 700 ريال خلال فترة قصيرة ويتم بيعه للمواطن ب3900 ريال من مخازن التجار.
وأوضحت أن أسعار القمح المهرب تصاعدت بشكل لا فت مع بروز أزمة القمح، واختفائه من الأسواق. وطبقاً للمصادر فإن عمليات التهريب لمادتي القمح والدقيق السعودي لاقت ازدهاراً خلال الشهرين الماضيين في القرى الواقعة شمال حرض، التي يعتمد أبناؤها على هذه التجارة كمصدر دخل أساسي. وتقدر الكمية المهربة من هاتين المادتين ب2500 كيس في اليوم الواحد تنقل بواسطة الحمير.
وأفادت أن القمح المهرب هو المادة الوحيدة المتوفرة في أسواق مدينة حرض والمديريات القريبة منها.
 
 
***
 
 
5000 ريال في بُرع والصلو والقاعدة تتحرر من إرهاب الأسعار
 مواطنة غير متساوية من زاوية غذائية!
لا يملك المستهلك اليمني ترف الاختيار حين يكون الأمر متصلاً بالقمح.
بينما كانت الحكومة والتجار و«المحللون الاستراتيجيون» يجهدون في اختلاق الأعذار بشأن ارتفاع سعر السلعة غير المرنة (القمح)، واصلت الأغلبية الساحقة من اليمنيين حمل أوزار السياسات المرتجلة والأحادية والاحتكارية للكبار.
من خلال متابعة سريعة لأسعار كيس القمح في مختلف المحافظات خلال اليومين الماضيين، يتجلى بعد جديد لغياب المواطنة المتساوية بين اليمنيين، ليس على مستوى العاصمة والمحافظات فحسب، وإنما داخل المدينة والمحلة والحي.
في مديرية المحابشة بمحافظة حجة بلغ سعر الكيس 4500 ريال، أي بزيادة 500 ريال عن مطلع الشهر الجاري. هذا الارتفاع الرهيب لا يقارن بالكابوس الذي تعيشه مديريتا أفلح الشام والشاهل المجاورتان، حيث بلغ سعر الكيس 4800.
يستحق المستهلك الصلوي (مديرية الصلو) ميدالية ذهبية في رفع الأثقال إذ يدفع 5000 ريال مقابل كيس القمح. في حين يدفع مواطنه الذي يقطن مدينة تعز (عاصمة المحافظة)4300ريال. في بني يوسف المجاورة للصلو بلغ السعر 4800، وفي شرعب 4600.
الوضع لا يقل سوءاً في المناطق المجاورة لميناء الصليف، أحد أبرز موانئ استيراد القمح، والذي استقبل نهاية الشهر الماضي شحنة قمح تبلغ 59400 طن، حسب التقارير الحكومية. ففي زبيد بلغ 4800 ريال، والزيدية 4750، والسخنة 4600، والدريهمي 4650. فيما دفع ساكن مدينة الحديدة 4500 ريال. على أن برع (المحمية الطبيعية) يظهر انكشافها على الجشع، فالصعود إليها من مستوى سطح البحر يكلف صعوداً مماثلاً في سعر الكيس الواحد، والذي بلغ أمس 5000ريال.
في شبوة وأبين وحضرموت لم يسجل تفاوتاً ملحوظاً في الأسعار من مديرية الى أخرى داخل المحافظة الواحدة. ففي حضرموت تراوح السعر حول 4400، وفي شبوة 4450، وفي أبين 4200.
الحال بدا مغايراً في الضالع، حيث التوتر السياسي يقابله توتر في الأسعار من مديرية الى أخرى، ففي دمت بيع كيس القمح أمس الثلاثاء ب4200ريال، مقابل 4900 (الأزارق)، و 4850 (الحشا)، و4400 (قعطبة)، و4700 (جحاف)، و4650 (جبن).
في إب تفاوتت الأسعار بين 4300 و 4600. لكن سكان القاعدة أشتروا كيس القمح صباح أمس ب3700، بعدما بدأت المؤسسة الاقتصادية بتقديم خدماتها للجمهور «القاعدي».
في مدينة مأرب سجل ( سعر الكيس4500)، وفي مركز محافظة الجوف 4300، خلاف بقية المديريات حيث تراوح حول 4800.
أما في خولان فتراوح سعر الكيس حول 4500.
 
 
***
 
 
 شكوك في قدرة المؤسسة الاقتصادية في الوفاء بالتزاماتها
 
بدأت المؤسسة الاقتصادية اليمنية منذ صباح أمس الثلاثاء، ببيع مادة القمح مباشرة للمستهلك ب3700 ريال للكيس الواحد عبر فروعها ونقاط البيع التي استحدثتها في العديد من المحافظات.
 وكان مدير عام المؤسسة أعلن في تصريحات لـ«سبتمبر نت»أن المؤسسة تمتلك مخزوناً من القمح يكفي لعام كامل. إلا أن مصادر خاصة توقعت أن تواجه المؤسسة مأزقاً حقيقياً بعد أقل من شهر حيال التزامها لجمهور المستهلكين بكسر الاحتكار.
وقالت المصادر لـ«النداء»: «في حالة استمرار المؤسسة ضخ مادة القمح عبر فروعها ستعرض نفسها لانكشاف بعد ثلاثة أسابيع، موضحة أن كمية القمح التي استوردتها منذ مطلع العام الجاري 2007، لا تتجاوز ال250 ألف طن. وهي كمية تغطي احتياجات السوق المحلية لشهر على الأكثر». وواصلت :«إن المؤسسة تحتاج إلى مليوني طن من القمح لتغطية إحتياجات المستهلك خلال العام الواحد، مشيرة إلي أنها لجأت الى صوامع ومخازن القطاع الخاص لتخزين الكمية التي استوردتها هذا العام ومقدرة ب 6٪_ من حجم الطلب الكلي لعدم امتلاكها مخازن وصوامع.
وأبدت المصادر استغرابها لإطلاق مثل تلك التصريحات وقالت إن إعلان امتلاكها من القمح لعام كامل يجعلها متهمة بانتهاج سياسة الإحتكار التي اتبعها القطاع الخاص.
ورجحت المصادر أن أعلان المؤسسة القصد منه تحقيق قدر من الاستقرار في الأسعار وامتصاص الاحتقانات لدى المستهلكين.
يشار إلى أن المؤسسة أبرمت، بالشراكة مع مجموعة الحباري- أحد أهم مستوردي القمح- صفقة لشراء قمح اوكراني، وتقدر كميته ب50 ألف طن ومن المتوقع أن تبدأ بيع هذه الكمية خلال أيام.
 
 
 
***
 
طحن الحبوب.. والبشر
 
 
توجد في اليمن 4 مطاحن كبيرة. فإلى مطاحن البحر الأحمر، التابعة لمجموعة عبدربه، توجد الشركة اليمنية للمطاحن (مجموعة السعيد) وشركة صوامع ومطاحن عدن (الرويشان)، ومطاحن الصليف (الحباري).
تقدر الطاقة الاستيعابية للمطاحن ب500 ألف طن. ويذهب ثلث الكمية المستوردة من القمح إلى المطاحن لإنتاج الدقيق. وتخصص نسبة صغيرة من الكمية المستوردة لتلبية احتياجات أصحاب المزارع الكبيرة لتغذية المواشي.
مع دخول مطاحن جديدة في العمل تناقصت كميات الدقيق المستورد من الخارج تدريجياً خلال العقد الماضي. وفي السنوات الأربع الأخيرة، استطاعت هذه المطاحن أن تغذي احتياجات السوق المحلية بالكامل. لكن أسعار الدقيق شهدت ارتفاعاً متفاوتاً في مختلف المحافظات. وكان لافتاً أن أسعار القمح تجاوزت أسعار الدقيق في أغلب المحافظات. لكن بعض المحافظات سجلت ارتفاعاً أكبر في سعر الدقيق، ما يثير تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع، مع انتفاء العلاقة المباشرة بين الارتفاع العالمي لأسعار القمح والمخزون المتوفر لدى شركات المطاحن، أم ترى أن أصحابها قرروا توسيع استخدامات مطاحنهم لتشمل طحن البشر بالأسعار؟.
 
 
***
 
 
الشقيقات السبع
 
خلال العام 2006 استورد اليمن مليوني طن تقريباً. البيانات المتاحة من المنافذ ومن مصادر حكومية ومستقلة تظهر أن 7 شركات تجارية تتحكم ب98٪_ من تجارة القمح.
تتصدر الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية (فاهم) قائمة المستوردين، إذ تستحوذ على نسبة 29٪_ من القمح المستورد، وتقوم ببيعه مباشرة في السوق المحلية.
ويحل في المرتبة الثانية رجل الأعمال محمد علي العودي (19٪_)، وفي المرتبة الثالثة الشركة اليمنية للصناعات الغذائية (الحباري) بنسبة 12٪_، جزء منها يخصص للمطاحن التابعة له.
ويحل في المرتبة الرابعة شركة السعيد للتجارة 14٪_، وفي المرتبة الخامسة شقيقتها الشركة اليمنية للمطاحن (مجموعة السعيد) ب12٪_.
بعد الخمسة الكبار، يظهر اسم المؤسسة الاقتصادية في المرتبة السادسة بواقع 6٪_. ثم شركة صوامع ومطاحن عدن (الرويشان)5٪_, الذي استورد خلال العام الماضي ما نسبته 1٪_ من إجمالي الكمية لغرض البيع المباشر.
تقديرات جهات حكومية تشير إلى أن نحو 6٪_ من الكميات المستوردة دخلت عبر منافذ برية. ومعلوم أن أسواق بعض المديريات في الحدود الشمالية الغربية تبيع كميات من القمح الوارد من السعودية.

إقرأ أيضاً