صنعاء 19C امطار خفيفة

عام في زنزانة إنفرادية

2007-07-25
عام في زنزانة إنفرادية
عام في زنزانة إنفرادية
* ضرب بكابلات 16ملم، على الأيدي والقدمين والعيون حتى يسيل الدم من الأنف والفم
- جلال الشرعبي
«علي الكردي»، المكنى بـ«أبو إسرائيل» له تجربة جديرة بالمتابعة: جهاده في افغانستان، لقاءاته بالزعيم الشيشاني «خطاب» والشيخ اسامة بن لادن، وتجربته الطويلة مع سجون الأمن السياسي في اليمن، وطرق التعذيب التي تستخدم ضد الجهاديين العائدين من افغانستان أو الذين يتم اعتقالهم عقب أي تفجيرات أو استهداف للأجانب.
بدأت رحلة «أبو إسرائيل» المولود في مدينة عدن نهاية ستينات القرن العشرين مع العسكري في العام 1986 عندما التحق بالقوات الجوية، لكنه ما لبث أن تركها بعد أشهر بسبب عدم حريته في الصلاة واتجه بعدها إلى التجنيد الاجباري، وقد كان حبه للتدريب يدفعه لقضاء معظم وقته في التدريب على الأسلحة بأنواعها كمن يجهز نفسه لمعركة قادمة.
تعلم المدفعية وأسلحة الدفاع والوقاية من الاسلحة الكيماوية. لكن نشاطه الدعوي وتوجهه الإسلامي الواضح دفع به إلى السجن في النصف الثاني من ثمانينات القرن العشرين بتهمة الانتماء لتنظيم الإخوان المسلمين والعمالة للنظام الحاكم في اليمن الشمالي آنذاك، واستمر في السجن ستة أشهر.
ومع بداية نهاية العام 1989 انتقل «أبو اسرائيل» من عدن إلى صنعاء، ومن هناك بدأ بأول رحلة خارجية للجهاد في افغانستان.
وفي مطلع يناير من العام 1990 استقل علي الكردي الطائرة من صنعاء إلى باكستان ثم إلى افغانستان. يقول ابو اسرائيل: «التحقت بمعسكر الفاروق في افغانستان (بيشاور) وفي بيت الأنصار الذي كان يتجمع فيه المجاهدون سنحت لي الفرصة التعرف على ا لعديد من قيادات المجاهدين».
ويتابع: «التقيت المجاهد خطَّاب ومعه تدربت على الدبابات وعلى المدفعية ومضاد الطيران والتفجير عن بُعد».
يصف أبو إسرائيل خطَّاب ويبدي إعجابه الواضح به كمجاهد شجاع كان قائداً للسرية الأولى التي كانت غالباً محل افتخار جميع المجاهدين الذين يتمنون الانضمام إليها، وكيف أن يمنياً كان ضمن هذه السرية محل غبط المجاهدين اليمنيين، هو حكيم اليمن من محافظة الحديدة.
يقول الكردي: «كان خطَّاب مندفعاً للتعلم والتدريب على كل سلاح جديد مع سريته الأولى التي كانت تلبس الثياب الجديدة دائماً وتتطيب بالعطر والبخور استعداداً لنيل الشهادة في أي وقت وحين.
وبسبب خبرته في السلاح تدرج علي الكردي في المسؤولية ليصبح مسؤولاً للتدريب. «كنت أستقبل مجاهدين من اثيوبيا وجيبوتي وأقوم بتدريبهم إضافة إلى آخرين عرب في بيت الأنصار (بيشاور)».
وكانت السرية المطلقة تسود التعامل مع المجاهدين حيث لكل مجاهد اسم آخر. «كانت الخطوط الجوية السعودية تتحمل 75٪_ من قيمة التذكرة للمجاهدين، لكن التعليمات كانت بعدم الموافقة على السفر بهذا العرض حيث تكون بذلك بيانات المجاهدين قد انكشفت للأجهزة الأمنية و يسهل بعدها ملاحقة المجاهدين خصوصاً السعوديين واليمنيين».
ويتابع: «كانت آلة التصوير والتعرف بالاسم تعتبر كبيرة من الكبائر».
شارك أبو اسرائيل في جبهات القتال بضراوة خلال عامين قضاهما في افغانستان حتى كان سقوط نظام نجيب الله ليعود في يوليو 1992 إلى اليمن ليبدأ رحلة جديدة مع الاعتقالات.
يقول: «اعتقلت في ديسمبر من العام 1992 وحتى 7 يوليو 1994».
أي سنتان في افغانستان تقابلهما سنتان في السجون اليمنية، وربما كانت حرب صيف 1994 منقذاً له من الاستمرار مدة أطول.
لاحقت تهم السلطات الأمنية علي الكردي مراراً. «حكم عليَّ بالإعدام مع 15 آخرين من المجاهدين بتهم لا أعرف عنها شيئاً».
كانت تهم «ابو إسرائيل» تشكيل عصابة مسلحة والقيام بأعمال تستهدف تفجير فندق عدن وجولد مور.
تواصلت رحلة الاعتقال من جديد في العام 2001. كان تفجير المدمرة الأمريكية (يو. إس. إس. كول) مدعاة لاعتقال «ابو اسرائيل» (أعتقل من مارس- اغسطس2001) دون أن يعرض على محكمة أو نيابة, ومن يناير 2005 -2007 أعتقل في سجن الأمن السياسي بصنعاء بتهمة انتمائه لمجموعة الزرقاوي، ومحاولة قتل امريكيين وعملاء لهم في اليمن وتشكيل عصابة مسلحة.
يقول ابو اسرائيل لـ«النداء»: «لم أعرف شيئاً عن هذه التهم وقد كنت في زنزانة انفرادية وكان حديثي ومعرفتي بالسجناء من تحت الزنازن».
خرج بعد عامين من السجن براءة، لكن تعذيباً نفسياً وجسدياً لحق به.
يقول: «كان هناك ضرب بكابلات 16مل، والضرب بالأيدي والقدمين والضرب على العيون حتى يسيل الدم من الأنف والفم والاعتداء بالسب وسرقة الأكل الذي يأتي للسجناء من أسرهم».
ويتابع: «حدثت عمليات مداهمة لمنزل أخي ومنزلي في عدن وتم أخذ أغراض عديدة لي وأجهزة الكترونية فيما كنت أنا لمدة عام في زنزانة انفرادية».
كان علي الكردي وغيره بالعشرات قد خرجوا من السجن وبعضهم التقى الرئيس علي عبدالله صالح الذي وعدهم بترتيب أوضاعهم واعطائهم مبالغ مالية للزواج والحياة وتوفير وظائف لهم تضمن استقرارهم.
لقد كان اعتقال «ابو اسرائيل» باستمرار مدعاة لجلب المصائب عليه واسرته، لقد انفصل عن زوجته التي أنجب منها ابنته الوحيدة. لكنه الآن مقدم على زواج جديد ويسعى لترتيب حياة مستقرة بعيداً عن حياة الزنازن الانفرادية.
[email protected]

إقرأ أيضاً