المؤتمر الوطني الجنوبي!! - شفيع العبد
منذ اللحظات الأولى لميلاد الحراك السلمي الجنوبي، والبعض يريد التاريخ لها بظهور مجلس المتقاعدين، بينما ينظر البعض الآخر لها بالفترة التي شهدت استشهاد بارجاش وبن همام والمنتصر والزبيدي. والأمر ذو أهمية، حيث أن الجميع يتفق على أن معاناة الجنوب قد بدأت فعلاً منذ اللحظات الأولى لتوقيع اتفاقية الوحدة، والتي لم تراع الحد الأدنى من الضمانات السياسية والحقوقية لأبناء الجنوب كشريك أساسي في المشروع السلمي للوحدة، الذي تم وأده على مذبحة يوليو الشهير! مع التسليم بالحق التاريخي لجمعيات المتقاعدين التي استنهضت الهمم وهيأت فعلاً لكسر حاجز الخوف والصمت.
منذ تلك اللحظات التي تصاعدت فيها وتيرة الحراك السلمي صار الجميع يفكر بضرورة صياغة رؤية سياسية يتفق حولها الحراك لتنبثق عنها قيادة موحدة له. ومع تعدد الهيئات والتشكيلات بات لزاماً وجود مثل هذا التوجه الذي يسعى أبناء الجنوب لتحويله إلى واقع ملموس من خلال العمل الجاري حالياً على توحيد الهيئات على مستوى المحافظات للوصول الى المؤتمر الوطني الجنوبي.
ففي الوقت الذي يسعى فيه الحراك إلى توحيد الصف، نجد بين الفينة والأخرى من لا يروق له عمل كهذا ويريد أن تبقى الهيئات تتوالد وتتكاثر، بل ويذهب لتسويق الوهم والتشكيك في قيادات الحراك أو القيادات التاريخية للجنوب.
لذا ليس مستغرباً أن نجد من يتهم قادة الحراك بأنهم "غير معنيين" بالحراك، بينما هو كان ومازال من أشد المناوئين للحراك كفكرة وقضية وهدف، ويسعى جاهداً لـ"فرملة" حزبه كلما رآه يقترب من القضية الجنوبية ويتبناها وفق مفهومه الحزبي وبناه التنظيمي ومسؤوليته التاريخية.
الأسوأ من هذا كله أن نجد الجنوبيين المتواجدين في السلطة وحزبها الحاكم يضعون أنفسهم في مواجهة لا طائل لهم فيها مع إخوانهم المقهورين الذين يواجهون مدرعات السلطة وآلتها العسكرية الحديثة بصدور عارية تسكن خلفها قلوب مؤمنة بعدالة القضية التي أدارت أعناق المجتمع الدولي نحوها. هؤلاء منهم من تبنى الدعوة لتسليح الشارع، والآخر ينفي وجود "هوية جنوبية" بينما تصريحاته مسجلة في ذاكرة الأجيال إبان وجوده في المنفى، وثالث نجده يتطاول على القيادة التاريخية للجنوب من خلال كتابات كشفت عقلية صاحبها وحجمه الحقيقي، ورابع يتهجم، وخامس يصرخ ويلطم خدوده ويعلن دفاعه عن "الوحدة" متذكراً بطولاته (الدونكوشوتية) في حرب صيف 94م، بينما الشارع الجنوبي يعلم أين كان حينها!
هؤلاء المحسوبون كممثلين عن الجنوب، لم ينطقوا ببنت شفة حينما تعرض موكب محافظ ريمة السابق - قائد المنطقة المركزية، للمنع من دخول العاصمة في نقطة "الفرضة" (مدخل العاصمة من جهة مأرب). كما لم نسمع لهم صوتاً حين منع نائب رئيس البرلمان، محمد الشدادي، من دخول قصر الرئاسة بعدن، وغيرها الكثير من الأحداث التي كان ضحيتها زملاء لهم في السلطة والحزب الحاكم. ولن نتحدث عن مواقفهم إزاء عمليات القتل التي يتعرض لها أبناء الجنوب من قبل القوات الأمنية والعسكرية.
يدرك الحراك الجنوبي أنه لن يكون بمنأى عن الأدوات الإعلامية والعسكرية لسلطة الحرب والفيد، ومن أجل مواجهة كل ذلك والتصدي له هاهم أبناء الجنوب يجتهدون لتوحيد الصف، وعقد مؤتمرهم الوطني الذي ستنبثق عنه رؤية سياسية وميثاق شرف وقيادة موحدة يسير خلفها الجميع.
المؤتمر الوطني الجنوبي!!
2009-02-26