عندما تولد.. في مهرجان - منى صفوان
ما هو الرد المناسب لمن يسألك ان كانت اليمن هي تلك التي رآها في فيلم "ثوره اليمن" لعماد حمدي وحسن يوسف!
ذلك الفيلم الذي صور في الستينات و الذي يعرض في كل القنوات التلفزيونية العربية، إلا اليمنية لقد منع من العرض وقتها والى اليوم، لأنه يشوه صورة الثورة اليمنية.
ولكن منعه من العرض يمنيا، لا يعني منعه عربيا (كان ذلك مقبول في التلفزة العربية الحكومية التي تهتم لعلاقة بلادها مع اليمن) لكن الفضائيات الخاصه اليوم لا تعترف بذلك بل تجد عرض الفيلم مناسبة لمجامله اليمن في أعيادها الوطنية.
الفيلم وغيره مما يعرض ويتعرض لليمن، لاسبيل للرد عليه إلا بالصورة ذاتها وهذا مالم يفقهه اليمنيون من الستينات إلى اليوم!
فالصورة أوجزت عن ألف كلمه، وهزمت بسهوله ألاف الكلمات التي هاجمت الفيلم، وطبعت بسهوله أكثر في ذهن متلقيها وشما يستحيل محوه، وان حدث فلابد من ان يخلف الوشم جرحا.
هذا هو سلاح الصورة، هناك اليوم مئات الأشخاص بل الآلاف يعتقدون ان اليمن هو ما شاهدوه في الفيلم، لا احد يعلم عنك شئ... من أنت؟ في عالم اليوم.
حتى تمحو صورة ذهنية لابد عليك ان تواجه الصورة بالصورة، وليس بمنع الصورة لأنك لو فعلت فقد عزلت نفسك، و هذا ما حدث لنا.
الثورة التي قامت بمساندة المصريين ولا نقول على أكتافهم، لم تأخذ منهم حبهم وشغفهم بالصورة، دخل المصريون في المؤسسة العسكرية والتعليمية والسياسية، لكنهم فشلوا في نقل صناعه الصورة، رغم ان سينما بلقيس تشهد ان ثقافة السينما كانت مقبولة اجتماعيا.
وثق للظلم
من وثق لثوره اليمن سينمائياً؟ طبعا المصريون، وعندما نتحدث عن توثيق الصورة نتحدث عن السينما تحديدا، لقد اخذوا المبادرة وقدموها من وجه نظرهم ولكنهم أخفقوا، ويكفيهم شرف المحاولة، لقد أخفقوا فقط لأنهم ليسوا على صله بالواقع.
السينما هي رصد للواقع وليس نقلا عنه.
نحن لا نوثق، و لا نؤرخ، ولا نريد حتى رصد حياتنا اليومية!
ان السينما ليست توثيقا فقط، بل أيضا رصد لحركتنا اليومية. إنها عرض لمشاكلنا، تماما ككشافة الطبيب التي تظهر لك أين يكمن الورم، الذي عليك استئصاله.
لا تتصور إنها تقد م لك حلا سريعا، أنها تدل وتؤشر، وتساعد في الوصف، وتوثق... وهذا دور ليس بالسهل ومن الفداحة إهماله طويلاً.
وان كان اليوم هناك من يتحدث عن سينما يمنية تولد بعيدا عن بيتها،عن واقعها، بتجارب ليمنيين لم يجدوا فضائا سينمائيا هنا، فان تجاربهم تبقى غير شرعية فالسينما اليمنية عليها ان تولد هنا.
وربما كتب للسينما أن تولد أخيراً في "مهرجان"، هو مهرجان صنعاء الأول للسينما، بعد أن قرر أحد الفارين أن يحط بحلمه هنا.
فان هذا يدعو للعمل من أجل جعل الفكرة ممكنه فقط لأننا نحتاجها اليوم ونحن وحدنا نواجه الظلم والانتهاك والاختفاء والاعتداء والاختطاف، السينما لاتستطيع وقف كل هذا ولا منعه لكنها تكشفه، بوضوح.. و تساعد الصحافه، وتساعد المجتمع، وتساعد المصلحين، إنها ليست فنا فقط، وليست توثيقا فقط، إنها ضرورة في حالتنا اليمنية.
monasafwanMail
عندما تولد.. في مهرجان
2007-07-12