يقول الشاعر حسين المحضار:
"تخالسني النظر من لحظك الحربي
وتصرعني بذاك اللحظ غيلة
وتلقاني عمد وتمر ع دربي
وتتمنى إلى وصلي وسيلة
ولكنك عنف لاقدك سدّي
ظهرت العنف وظهرت التحدي
ورفعت هامة، يا مول شامة
وباقة ورد ع خدك علامة يا مول شامة"
في بيتٍ فريدٍ من روائع المحضار، تتبدّى لعبة العشق الخفي بكل أناقتها وشراستها، فالعين لا تنظر صراحة، ولكنها تخالس النظر بخبثٍ رقيق، وكأنها تمارس طقسًا سريًا من طقوس الهوى، تتوارى خلف خجلٍ مقصود أو جدارٍ عابر، لكنها لا تقاوم رغبة التسلل إلى عين المحبوب كأنها سهامٌ رقيقة في غمد التودد، ذلك اللحظ الحربي الذي يشبه المقاتل الرشيق، لا يقصد القتل، لكنه يصرع القلب غيلة، لا بسيف ولا بندقية، بل بنظرة خاطفة مموهة تشعل نارًا في الروح، وتتركها بلا صوت ولا حيلة، يتقصد الحضور في المكان نفسه، وكأن الصدفة تخدمه، بينما هو من رسمها، يمر عمدًا دون أن يتوقف، وكأن لا شيء يعنيه، بينما كل كيانه يهفو للوصال، يريد أن يُرى لا ليُمسك، بل ليُفتن وليزرع أثرًا عابرًا لا يُمحى، ولكنه حين يشعر أنه كُشف، وأن رسالته البصرية قد وصلت، ينتقل من دفء النظرة إلى قسوة الادعاء، يلبس ثوب العنف والتحدي، وكأن في كشف الحب ذنبًا يجب معاقبته، يرفع هامته لا كبرياء، بل حرجًا وارتباكًا في هيئة تحدٍّ متصنّع يخبئ هشاشة عاشقٍ لا يريد أن يُهزم، فيا لجمال هذا التناقض، ويا لدهاء المحضار الذي صاغ رومانسية متخفية خلف ستار من الكبرياء، وأهدانا باقة وردٍ خجولة على خد الحبيبة، كأنها توقيع الجمال على وجع العاشق المكتوم.