تابعنا قبل فترة تساؤلات عديدة حول حجم إنفاق الدول المانحة على اليمن واليمنيين خلال السنوات العشر الماضية، تتركز بدرجة رئيسية حول مصير تلك الأموال التي يقول المانحون، وتؤيدهم منظمات الإغاثة الدولية الحكومية وغير الحكومية، إنها أنفقت في اليمن..
حتى إن بعض من طرحوا تلك التساؤلات اتهموا هذه المنظمات وداعميها بالفساد المالي والإداري، وطالبوا بكشوفات حساب دقيقة لمعرفة حجم ومصير تلك الأموال، وتفاصيل إنفاقها، لكن دون جدوى! لم تتفضل عليهم وعلينا جهة أو منظمة واحدة بكشف حساب شفاف ودقيق يطيح بشكوك المتسائلين، ويجعلهم يؤمنون بأن "بعض الظن إثم"، وبالتالي ماتزال علامات الاستفهام سارية المفعول حتى اليوم!
وبالأمس، طالعتنا مفوضية الاتحاد الأوروبي بخبر سار مفاده أنها خصصت 80 مليون يورو لدعم المساعدات الإنسانية في اليمن للعام 2025! وجاء في الخبر أن الاتحاد الأوروبي أنفق خلال الأعوام العشرة الماضية، على اليمن، قرابة 1.6 مليار يورو (تساوي أكثر من 1.8 مليار دولار أميركي)! هذا المبلغ المهول، إضافة إلى المبالغ الضخمة التي أنفقتها الدول المانحة -أكثر من 27 مليار دولار على مدى التسع سنوات الماضية- وأبرزها بطبيعة الحال الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، ماتزال تثير علامات استفهام عديدة متعلقة بمواضع إنفاقها، وبمدى استفادة اليمن واليمنيين منها، وإمكانية تتبع ومشاهدة المشروعات التي أنفقت كل تلك الأموال عليها أو فيها!
ومع حقيقة أن نسبة ما من هذه الأموال الهائلة قد تكون أنفقت على مشروعات خدمية مختلفة ماثلة للعيان، ويمكن التعرف عليها وعلى المستفيدين منها، كما أن نسبة أخرى قد تكون أنفقت على البنود المتعلقة بالأجور والمكافآت وبدلات السفر والتنقل، إلا أن المؤكد أننا مازلنا في حاجة إلى التعرف على تفاصيل أدق حول حجم أموال الدعم والمساندة الإنسانية التي يرى خبراء أنها لو أنفقت بشكل شفاف لا يقبل الشك لكان حال اليمن واليمنيين اليوم أفضل مما تضمنته بيانات ونداءات وبلاغات صحافية أخيرة تناشد المجتمع الدولي إنقاذ أو إغاثة اليمن المنكوب وشعبه الذي يعاني معظمه من الفقر والجوع والمرض!
إذا تأملنا هذه البيانات والبلاغات الصحافية والنداءات بدقة، سنشعر أن من أصدرها "يتسولون" باسم اليمن واليمنيين حرصًا منهم أولًا على استمرارية عمل منظماتهم، وعلى منافعهم وأجورهم الشخصية، ثم محاولة تحسين أوضاع اليمن واليمنيين الذين تشير التقارير الميدانية إلى أن معاناتهم تتفاقم يومًا بعد يوم، كما تتدهور قيمة عملتهم المحلية مع استمرار الصراع العبثي على حكم اليمن بين نخبة من قادة اليمن السياسيين والعسكريين الذين لا مانع لديهم من استمرار الصراع إلى ما لا نهاية طالما احتفظوا بمواقعهم ومناصبهم ومستحقاتهم المالية وجوازات سفرهم الدبلوماسية التي تكفل لهم حرية التنقل في أنحاء العالم بعيدًا عن وجع دماغ وطنهم الأم المكلوم!