صنعاء 19C امطار خفيفة

النار

النار،

كانت أول من فَتح فمَه في هذا الكون.

صرخت لا لتُنذر، إنّما لتخلق.

حين مشت، لم تمشِ على قدمين. مشت على شهقة. على رغبة. على الجمر المطمور في رئة الأرض!

 

*********

 

جاءت إلى الطين، وقالت له:

"قم".

لم يكن آدم في الأرض بعد.

كان حُلمًا في جُحر نملة.

لكن الطين ارتعش. وابتسم. واغتاظ من برده.

فدخلته.

وصار يحترق منذ ذلك الحين، كلما مَسّه خوف، أو امرأة.

 

**********

النار لا تحب الشرح.

هي تفعل. فقط.

لا تتكلم كثيرًا، لأن اللغة باردة.

كل جملة تقولها، تنتهي برماد.

لكن الرماد يُنصت، ويكتب في سرِّه.

لذلك، نجد القصائد أحيانًا… محترقة الأطراف.

 

********

في الليل، تكشِّف النار عن أسنانها.

لا لتأكل، إنّما لتتذكّر.

في ضوءها القديم، كانت آلهة صغيرة

تحمل في يدها مقلاعًا،

وفي اليد الأخرى خبزًا مسروقًا من جوع الزمن.

 

***********

رأيتُ النار مرة.

لم تكن حمراء.

كانت امرأة بشعر طويلٍ، يقطر زيتًا.

قالت لي:

"أنت لست من هنا."

فاحترقتُ.

ثم نهضت.

***********

النار لا تموت.

هي تتوارى، فقط، حين نكفّ عن الحُلم.

لكنها تعود.

في كبريتة.

في لَسعة شهوة.

في فم طفلٍ يعوي للمرة الأولى.

 

*********

لذلك، كلما كتبتُ،

أضع إصبعي في الجمر،

وأقول: "يا نار، كوني حرفًا".

فتكون.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً