صنعاء 19C امطار خفيفة

غزة…

غزة…
كيف أنتِ الآن؟
كيف هي لياليك التي لا تنام؟
كيف هم أطفالك الذين صاروا يعرفون أسماء الشهداء أكثر من أسماء الألعاب؟
كيف هن نساؤك اللواتي يدفنّ أولادهن، ويمسحن الدمع عن وجوه غيرهن؟
كيف هم رجالُك، أولئك الذين لا ينكسرون ولو سقط فوقهم العالم؟
غزة...
صوتك ما عاد يصل إلينا فقط عبر الأخبار…
صار يوقظنا في الليل، في الحلم، في ضمير غافل.
أخبارك ليست مجرد عناوين عابرة، هي دم، هي شهقة أم، هي دعوة مكلومة، هي طفل يبحث عن حضن تحت الركام.
نعلم، يا غزة، أن الأبواب أوصدت،
وأن الدول التي يفترض أن تقف لجانبك، باعتك بأبخس الأثمان،
وأن العروبة باتت تتوارى خلف مصالح ضيقة، وأن الكثير صمتوا، لا لأنهم لا يرون، بل لأنهم اختاروا ألا يروا.
لكن الله ما خان،
ولا خذل،
ولا نسي.
الله معك يا غزة،
مع كل طفل نام على صدى القصف،
مع كل أم احتضنت صورة ابنها الشهيد،
مع كل بيت تهدم وبقي قلبه عامرًا بالإيمان.
الله معك، ولو أنكر الكوكب كله صراخك.
الله معك، ولو تخلّى عنك البشر.
الله لا يخذل المظلوم، ولا ينسى الدمع، ولا يغفل عن الدعاء في جوف الليل.
فاصبري يا غزة،
صبرًا جميلًا، كما يليق بالشجعان،
صبرًا لا يعني الاستسلام، بل الثبات،
صبرًا يعرف أن النصر وعدٌ من رب كريم.
غزة،
أنتِ لستِ وحدك،
صوتك فينا، وجعك في قلوبنا،
وكل من بقي فيه ذرة كرامة، يحملك في الدعاء، في الدمع، في الأمل.
فالله أكبر من القتلة،
وأعظم من صمت العالم،
وأحن من أم تبكي ولدها عند الفجر.
غزة،
يا وجه الحزن الجميل،
يا مدينة واقفة رغم الجراح،
يا شمسًا تطلع من تحت الركام، وتقول: "ما متنا بعد".
غزة،
لسه فيكِ طفل بيحمل وردة،
رغم إن الشارع كله رماد.
لسه فيكِ بنت بتحلم بالمدرسة،
رغم إن الصف صار تراب.
لسه فيكِ شاب يحضن أهله بنص الليل،
وبيقول: "إذا مت، موتي يكون شرف".
غزة،
أنتِ الحكاية اللي ما بتنتهي،
كلما فكروا إنهم قتلوكِ، تقومي من جديد،
كلما ظنوا إنكِ انكسرتي، تقولي: "الله أكبر منكم".
أنتِ مش محتاجة شفقتهم،
أنتِ محتاجة كرامتهم،
بس يا خسارة، اللي باع أول مرة،
هيبيع كل مرة.
بس الله… ما باع،
الله… ما غاب،
الله… أقرب من الصواريخ، وأقوى من كل جيوشهم.
غزة،
اللي بصمت، خان،
واللي تكلم ونسي، كذب،
بس اللي دعا، ودمع، وسجد، وكان صادق…
هاد معك، ولو كان بأبعد نقطة في الأرض.
غزة،
أنتِ الحقيقة بعالم كاذب،
أنتِ النور بعتمة الغدر،
أنتِ الصمود لما كل شيء ينهار،
أنتِ مش بس مدينة،
أنتِ درس، أنتِ آية، أنتِ اختبار.
وإحنا؟
إحنا مقصرين،
إحنا ساكتين أكثر مما يجوز،
بس والله يا غزة، في قلوب بتنزف،
في ناس بتدعي لك كل فجر،
في أطفال بيحكوا عنك، حتى لو ما عرفوك،
في أرواح بتحبك بدون ما تزورك.
غزة،
اصبري…
واصبري أكثر،
واعرفي إن الحق ما يضيع،
وإن الليل مهما طال، رح يطلع صبح…
وإنه كل طفل شهيد، هو نجمة فوقك،
كل أم شهيدة، هي دعوة ما ترد،
وكل حجر وقع، رح ينبني أقوى.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً