خلف هذا الباب في أحد مستشفيات عمان، كانت السيدة الغالية أم هاني المضواحي، تودع الدنيا في لحظاتها الأخيرة، تغتسل وتُكفّن على يدي ابنتيها امتنان ورحاب، خلف هذا الباب، كانت الفاجعة التي تجاوزت حدود الوصف، حيث لم يكن البكاء كافيًا للتعبير عن الألم العميق الذي حلّ بنا. كنا نبكي وننتحب، بينما هي كانت مبتسمة، راضية، جميلة حتى في وداعها الأخير.
وقفت أمام هذا الباب، أرجو أن يكون كل ما يحدث مجرد كابوس، أن ينجلي مع إشراقة الصباح، لكن حينما قبلتها على جبينها، أيقنت أن الحقيقة وحدها كانت حاضرة، بلا مجال للهروب أو الإنكار. خالتي، أم رباب، لم تمت بسبب المرض، بل ماتت قهرًا وحسرة على ابنتها رباب، لقد انتصرت على السرطان، لكنها لم تستطع أن تنتصر على ألم فراقك يا روبي.
قبل ثمانية أشهر، انتُزِعَت رباب من حضن أمها ظلمًا وعدوانًا، وكانت هذه القسوة كافية لتنهش روحها حتى استسلمت للوجع ورحلت. لا كلام يكفي، ولا دموع تستطيع أن تمسح هذا القهر الكبير، إذ لم يُترك لهم حتى فرصة الحزن على رحيل الوالدة الغالية، هم غارقون في التفكير برباب، وكيف سيكون وقع هذا الخبر عليها!
رباب، سامحيني يا صاحبتي، سامحونا جميعًا، والله إننا حاولنا، لكننا فشلنا في أن نخرج رباب وكل زملائنا.
رحمكِ الله يا خالة، ونسأل الله أن يتقبلك بقبول حسن، وجبر قلوب أحبّتك، وعصم على قلب الحبيبة الغالية امتنان، وجبر كسر كل أولادك وأحفادك وأسرتك الكريمة.
في عين الله ولطفه يا روبي.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.