لا تختلف خطبة الجمعة التي يقدمها عبدالله أحمد علي العديني عن كثيرين في محافظة تتنازع جغرافيتها ثلاث سلطات حرب وبلد أسقطته في القاع نخب فاسدة وجماعات الولاية والخلافة وطاعة ولي الأمر.
في حي السلخانة الأكثر اكتظاظًا بالسكان حيث الفقر المدقع وانعدام التخطيط وغياب الخدمات، يقع مسجد النور الذي يطل منه أسبوعيًا البرلماني والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين "التجمع اليمني للإصلاح" عبدالله العديني. تحظى خطب الرجل الذي تجاوز السبعين عامًا باهتمام كبير، فخطب العديني الذي يوصف بالمتطرف يتم توثيقها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
في المربع المحيط بالمسجد الصغير الذي لا يتسع لأكثر من 350 شخصًا، يمكنك أن تشاهد حالة البؤس والفقر. الكثير من المحلات التجارية أغلقت أبوابها مؤخرًا، وقلة منها بما فيها تلك التي أسفل الجامع وعددها 15 محل تكفي لمعرفة الوضع الاقتصادي البائس لسكان الحي.
في دكاكين الجهة القبلية أسفل المسجد، ثمة مغسلة للموتى تكفل بدعمها أحد فاعلي الخير في دولة شقيقة.
وفي الجهة الشرقية، يمكنك مشاهدة لوحة مكتوب عليها "قسم شرطة الثورة". لقد لجأت شرطة تعز إلى استئجار عدد 2 دكاكين أسفل المسجد من أسرة الأبيض التي خصصت الدور العلوي "مسجد".
في دكاكين الشرطة التي لجأ مالكها مؤخرًا للقضاء لاستعادتها بسبب امتناع شرطة تعز عن دفع الإيجار، يمكنك مشاهدة صورة رئيس مجلس القيادة وجدران من البردين خصصت كسجن.
أزيد من ذلك، مخبزًا مجاورًا تتكوم أمامه أطنان من جذوع الأشجار التي تم اقتلاعها في الأرياف بسبب ارتفاع وقود الديزل.
عند الثانية عشرة، اعتلى الشيخ العديني منبر المسجد الصغير ودشن خطبته عن الإسلام وقوة المسلمين. أشار الخطيب إلى قصة أصحاب الأخدود وكيف ضحى أصحابها بحياتهم دفاعًا عن دينهم.
خطبة العديني تبدو كتلك التي كانت توزع في كتيبات خلال العقود الماضية، ينقحها بقائمة اهتماماته وأولوياته الأسبوعية كالاختلاط وحفلات التخرج ومركز بحوث المرأة في جامعة تعز.
يستند العديني إلى معلومات يقدمها أكاديميون ينتمون لحزبه.
يمتلك الإصلاح استثمارات كبيرة في قطاع التعليم الجامعي والتعليم الأساسي والثانوي، تفتقد هذه الاستثمارات للمباني الملائمة ويزج الطلاب فيها داخل قاعات ضيقة.
في خطبته لهذا الأسبوع، تساءل العديني عن السبب الذي يمنع تخصيص كليات ومدارس وحتى مستشفيات مستقلة خاصة بالنساء.
يوصف العديني من قبل خصومه أيضًا بأنه أصدق قيادات جماعة الإخوان في البلد.
يهاجم العديني سلطة مدينة تعز التي يستأثر حزبه منها بحصة الأسد ويتساءل ما مبرر وجدوى الاحتفالات التي ضاق منها الناس؟ ثم يهاجم حفلات التخرج.
يعرج العديني إلى قضايا المنطقة والأمة وما يحاك لها من مؤامرات غربية لتمزيقها، ثم يعود إلى ما يصفها بمؤامرة مؤتمر الحوار الوطني والمرجعيات الثلاث وصولًا إلى خلاصة استنتاجاته من منصات التواصل الاجتماعي.
ابتعدت القيادات العسكرية والمدنية في تجمع الإصلاح عن منبر العديني مؤخرًا مقارنة بالأعوام الماضية التي كانت تصطف في الصفوف الأولى كل يوم جمعة.
خلال خطبة الجمعة، يمكنك سماع أصوات عراك الأطفال والنساء على الماء الذي يقومون بجلبه من المسجد.
تصطف أكثر من 10 نساء على سلالم الجامع يتسولن قيمة طعام لأطفالهن.
يمكنك رؤية عشرات المهمشات والأطفال يسحبون دبب الماء من بوابة المسجد الذي يعاني الإهمال وتغيب خدمات النظافة عن بوابته.
يغيب عشرات البرلمانيين الذين يمثلون المحافظة المنكوبة خارج البلاد ومعهم المئات من موظفي الدولة. تنعدم الخدمات، تنهار العملة وتحضر خطب العديني كل أسبوع.